آراء وأقلام نُشر

اهتزاز الاقتصاد العالمي .. أين الخلل؟

يبدو أن عدوى الأزمة الاقتصادية بدأت تنخر في عظم الاقتصاد العالمي وبشكل غير مسبوق، حيث أن هناك اهتزازات عنيفة في منطقة اليورو تشبه تماما منطقة الدولار ما يعني أن العالم قادم على مشكلات وأزمات اقتصادية قوية، ستؤثر بشكل أو بآخر باقتصادات الدول النامية والناشئة بمستويات متفاوتة تدخل في تقلبات أسعار مواد الطاقة كعامل مؤثر ضمن غيره من العوامل الأخرى لتؤثر هي بدورها في غلاء الغذاء والدواء والكساء في دول لا ناقة لها ولا بعير في صنع هذه الأزمات.
وفي خضم هذا الواقع، يلاحظ عودة أسعار النفط إلى الارتفاع متجاوزة الـ 100 دولار للبرميل هذا الصيف وقد يزداد ارتفاع الأسعار في غياب أي آلية تتحكم في ضبطها، ومع ذلك يلاحظ إن الولايات المتحدة لم تقلل اعتمادها على النفط، ولذلك نجد أن الأموال تنتقل مرة ثانية إلى الدول المصدرة للنفط، في وقت يسيطر فيه البطء على ايقاع التحولات الهيكلية في الاقتصادات المتقدمة التي تفرضها الحاجة إلى انتقال العمال من قطاعات الإنتاج التقليدية الأخرى.
ولكن يبدو أيضا أن حديث كبار الخبراء العالميين في مجال الاقتصاد لم يصل بعد إلى زروته في ظل بعض المفاجآت التي لم يحسب لها حساب ولكن تبقى ثمة توجهات هي وحدها يمكنها أن تمضي في مسيرتها بشكل فعّال تؤتي أكلها فيما بعد وهي ما يدعو الخبراء إلى احاطتها بشئ من العناية الخاصة ويأتي في مقدمتها التعليم والصحة لتنشيط العنصر البشري في أداء مهامه بكفاءة عالية.
وبالتأكيد تلعب الحكومات في بلاد العالم المتقدم دورا محوريا في تمويل الخدمات التي يحتاجها الناس كالتعليم والرعاية الصحية، ولذلك فإن تمويل الدولة لمرفقي التعليم والتدريب عنصر حاسم في استعادة أوروبا والولايات المتحدة لقدرتيهما التنافسية، غير أن كلا منهما تعيش اليوم مرحلة تقشف غير مسبوقة، مما يعني أن عمليات التحول التي تمر بها اقتصاداتهما ستكون بطيئة.
أعود فأقول إن علاج علل الاقتصاد العالمي مرتبط بصورة مباشرة بالتشخيص، والتي تنتهي بوصفة علاجية شافية تتمثل في إنفاق حكومي قوي بغية تسهيل إعادة الهيكلة، والحض على ترشيد استهلاك الطاقة، ومحاربة اللامساواة، وإصلاح النظام المالي العالمي بما يوفر بديلا لتكديس الاحتياطيات الأجنبية.
ولكن الحقيقة الصعبة هي أن هذه الروشتة العلاجية لن تجد حظها من الانتفاع بها في ظل استمرار تضاؤل فرص نمو الاقتصاد العالمي، والذي تضيق بموجبه الخيارات عليهم شيئا فشيئا، وإلى أن يدرك العالم هذه الحقيقة وقبل أن يشفى اقتصاد الكون من علله، تكون شعوب الدول المأزومة قد عانت الكثير وفقدت الكثير.
وبالتأكيد تلعب الحكومات في بلاد العالم المتقدم دورا محوريا في تمويل الخدمات التي يحتاجها الناس كالتعليم والرعاية الصحية.


 

مواضيع ذات صلة :