آراء وأقلام نُشر

2012: عام التحول من الحزب الى الجماعة

 

سيذكر التاريخ 2012 بعام الإنتقال من هيمنة حزب الرئيس الى إستحواذ جماعة الإسلام السياسي, في دول ما أصبح يعرف بالربيع العربي. وإن صاعق التوريث الجمهوري كان الممهد لعملية الأنتقال إما من الهامش الى الواجهة او من السجن الى القصر.

 إنتقالٌ أربك في سرعته وغموضه مسار التحول وقدرة الرأي العام على فهم الدواعي القانونية والمؤهلات السياسية, مما وضع الجميع في ورطة جماعة ما أستطاعت, تحاول: إختزال الشعب من حَكَمٍ, الى عَتَبَةٍ بين المنزلتين.

قي تقديري ان التعصب للإيديولوجيا كان ومازال عنصر الإفشال الأساس للدولة العربية القُطرية, منذ إنطلاقتها خلال النصف الأول من القرن العشرين. واليوم بذات النفس نعيش مترتبات الإنتقال الغامض من جغرافية الحزب (الوطن) الى أيديلوجية الجماعة (أرض الخلافة).مع غياب التدبر المفعم, بشهوة السلطة عند جماعة ماضية في إستنساخ سلوك وممارسة سلفها الحزب الحاكم, فـ(أمريكا, صندوق النقد الدولي, إسرائيل) أضلاعٌ ثلاثة لعُهدةِ تبدي الجماعة إستماته في إستيراثها. فأمريكا بعد عِداءٍ, عَدَّوها صديقاً. وقس على ذلك العَدَّ مع بقية أضلاع المثلث الذي أوصلنا الى ما نحن فيه, ولكن داعي الديمقراطية يُحتم, إتاحة الفرصة عَلَّ في الفشل المجرب بذورٍ لنجاح!

 المُلفت أن تنافس الجماعات على مكانة (الفرقة الناجية) دفع كل منها الى إدعاءٍ لإكتشاف السائد منذ 14 قرن (شرع الله). وبالتالي أصبح الإيمان يقاس بمساحة السّجدة في الجبهة واللحية على البطن بعد الصدر. وبعد أدلجة المجتمع وفق قاعدة الولاء للحزب الذي تقزم بتحوله الى مكتب سياسي ولحقه الفشل عندما اختزل نفسه بشخص الرئيس, بعد كل ذلك أصبح الجميع مُلزم بالبراء لجماعة ماضية في التحول الى مكتب إرشاد, وفي طريق الفشل بالتحول الى مُرشد. وبعد مقاربه كانت تُحاكي  قشور الديمقراطية, أصبح الجميع ملزم بمحاكاة ذمة التاريخ, بعد الإنتقال من عُهْدَة حزب الرئيس: نظام الرئيس إرادة الرئيس حكومة الرئيس, قانون الرئيس, أسرة الرئيس, وإبن الرئيس الى عُهْدَة الجماعة: حزب الجماعة, شورى الجماعة, إرادة الجماعة, حكومة الجماعة, شريعة الجماعة, أنصار الجماعة وإبن الجماعة ومن حيث أنتهى الحزب عَنَّ للجماعة الحاكم منهم او المتوثب كما في الحالتين اليمنية والسورية, عَنَّ لها إعادة الكَرَّه, بذات النفس الشمولي مع تغيير في صفة الأممية من ثورية أو إشتراكية إلى إسلامية. 

صحيح أنه من الأنصاف إتاحت الفرصة لفصيل ثوري في طرح برنامجه, ولكن الأصح أن يكون الأداء دون إستلاب لإرادة التغيير الثورية من  لَدِنَّ الأخرين, وعدم الأكتفاء بتغيير الأشخاص دون السياسات. فأداء قوى الإسلام السياسي, يؤكد بالوقائع أن المطلوب هو رأس الأمير وليس تغييرالأمارة, كما جاء في الأثر. وعلى طريق البنك الدولي يتم: طلاء الأحمر بالأخضر والأبيض بالأسود, وتتداخل القيم والمقاييس, فيغدو الربأ: قيمة أتعاب, والعدو: صديقاً عظيماً والشيطان: ناصحاً مخلصاً واحياناً: ملاكاً ودوداً. فتلوثت البيئة القيمية والمُثل وسقط القانون وأستُبدل القلم بالسيف, الحبر بالدم والكلمة بالرصاصة, وأصبح الخروج عن إيديولوجيا الجماعة (إخوانية, سلفية, جهادية, آمرة بالمعروف) أصبح تعلة لقتل النفس التي حرم الله بغير حق. في مشهدٍ صارخ يعكس تناقض المسلك مع المعتقد, لجماعات لا ترى في الوطن سوى ما يمثله من ثقل في ميزان الأمه. ولا يَكتفون بتعويق السير قدماً, بل يُلحظ إصراراً وإستماته لإختطاف الدفة سيراً الى الخلف.

وبإزاء هشاشة إقتصاديات دول الربيع العربية والعجز المزمن, يضاف اليوم تخبط جماعات الأسلام السياسي التي تُبدي إنشغالاً, بتأصيل التمذهب الفقهي على حساب التموضع الإقتصادي, لتُصبح في المحك, رُغم الإدراك أن: إدارة إقتصاد دولة أعقد من إدارة أعمال خير إجتماعي مؤدلج, من قبيل: توزيع (قطمة) سكر او (دبة) زيت, كما هو أوسع من حقيبة مدرسية, وأكثر ديمومة من عيادة تطبيب مجانية متنقلة, وأغلى من قيمة لحمة او كسِّوة عيّد. فأداءٌ, يُعنى بالقيمة المعنوية لا المادية, يشي بإننا الى حين, ماضون في التحول من إقتصاد شبه إنتاجي, الى إقتصاد ريعي, ومن مواطنين الى رعية تسّترزق من قروض أهل الخير ومن أعمال الخير, ومن زبائن لمكتب الشكاوي في القصر تحولنا الى زبائن لديوان المظالم في القصرز وكون البعض ما زال خارج التاريخ فقد أفتى بـ: تحريم التهنئة بإنتقال التاريخ من عامٍ الى آخر, وحتى لا نقع في المُحَرَّم نكتفي بالأمل: ان يكون عام 2013م عام التأسيس لخير الجماعة بالمفهوم الأوسع.

* خاص عدن الغد

 

 

مواضيع ذات صلة :