آراء وأقلام نُشر

حديث المقايل مقال.. البكر !!

عند ما نشرت على صفحتي مقال الاستاذ :محمد البكر "سواليف " المنشور في جريدة اليوم – الصحيفة السعودية المتميزة و الوحيدة التي تصدر من المنطقة الشرقية ومن مدينة الدمام قبل صدور" الشرق "بأربعة عقود تقريبا .. لم أنشره لكونه تناول علاقة ابناء حضرموت الاجتماعية ودورهم الاقتصادي والتنموي لعقود طويلة تصل الي ضعف عمر دار اليوم الصحفية التي ارتبط بها كقارئ وعرفت بعض محرريها وكتابها عام 1978عندما ساقتني ظروف الحياة للعمل رئيسا لقسم الحسابات في مجموعة الزكري – ثاني أكبر شركة لاستيراد الاسمنت والحديد ووكلاء شركة ماروبيني اليابانية ، يومها كانت المملكة السعودية تنفذ واحدة من اكبر خططها التنموية في قطاع البنى التحتية والخدمات ولم تكن الدمام العاصمة الادارية- للمنطقة الشرقية بهذا الحجم والجمال، مجرد قرية اذا ما قرناها اليوم بتلك القراء المتناثرة حولها ، التي تحولت الى مدن حديثة على شاطئ الخليج .. حيث بوشر عليه توسيع وبناء ميناء الدمام .. كأكبر واحدث ميناء عربي من حيث الاستيعاب و الادارة ليوفر للمشاريع الخدمية والصناعية ومنها مشروع مدينة الجبيل الصناعية احتياجاتها بعد ان كانت عملية توفير احتياجاته عن طريق مواني الكويت، اوتنتظر السفن الدخول الي ارصفته لثلاثة اشهر ، وتتسبب في مضاعفة قيمة السلع ومنها الاسمنت والحديد والاخشاب التي تضاعف الطلب عليها عشرات المرات .. و كان ذلك الوضع احد اسباب ارتباطي اليومي بجريدة اليوم لعنايتها بحركة الميناء ، في المقام الاول وقبل ان اجد نفسي مشدودا الي كتابها وملحقها الثقافي المتميز بجسارة كتابه في ظروف لم تعد موجودة اليوم .

 نعم عندما نشرت سواليف .. لم أختاره لموضوعة فقط ، فقد دخلت كالعادة متصفحا للصحف السعودية ..على مواقعها الالكترونية ولا حظت اشارة الي المقال الاكثر.. تعليقا مما دفعني الى قرأته وقراءة التعليقات التي توقعت ان تكون حضرمية خصوصا ويمنية على وجه العموم ولكن وجدتها سعودية او تكاد متساوية بين الذين تشاركوا السرى والضرى وتخالطوا رغيف الخبز و صحن الفول صباحا وساندوش جبنة الكرفت ومربى الحبحب في الفسح المدرسية وكبسة الحاشي واللخم على الغداء، و المطبق والجبن الابيض والشاي على العشاء، قبل ان يعرف الكنتاكي والبيتزا هت ولا سندويشات ماكدونالز .. في الوقت الذي كان الاباء من الذين قدموا قبل 1967من حضرموت مشغولون بما يجري على ارضها من تنكيل ومطاردات، وبالقادمين عبر الصحارى الى شرورة او نجران لا بحثا عن العيش بل ولصون كرامتهم والحفاظ على ابنائهم من الانزلاق في اتون الافكار الوافدة الهادفة الي تعرية حضرموت قيميا وثقافيا وتحويلها الي جسر لانتقال تلك الافكار الي المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي .. ولم يكونوا ليدركوا انهم بأ فعالهم تلك قد حصنوا تلك المجتمعات العربية من خلال تهجيرهم للنخب الاجتماعية و الفكرية والادارية التي انخرطت في حياة مجتمعات تجمعها بها تقاليد ونواميس مشتركة فضلا عن الجغرافيا والعقيدة الاسلامية وجميعهم يدرك ابعاد ما كان يجرى على ارض حضرموت و وما يمثله النظام الحاكم في عدن .. الذي حول نفسة الى مجرد اداة للاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية يومها، وربما لقوى اخرى في الطرف المقابل في ظل صراع الكتلتين الاستراتيجي و الاديولوجي .. احسب انها مازالت تعمل في الاتجاه ذاته ، واظن ان هذا الجانب لم يتعرض له الاستاذ: محمد البكر .. لا جهلا به ولكن لتركيزه على الجانب الاجتماعي وهو يتألم لبحث زميل وصديق يدير مؤسسة انتاجية او مصرفية!! اوكان يدير مؤسسة في قطاع البناء والمقاولات وهو يبحث عن كفيل له ليعيش في المجتمع الذي لم يفكر انه غريبا عنه، وان اقامته فيه مهددة بعدم وجود من يكفله او قيدته الانظمة والقوانين ومنعته من القيام بواجب الاخ نحو اخية!!

لذلك يقول هم اخواننا اهل حضرموت الذين لم يسيئوا لنا ولا وطننا، ولم نشعر أبدا الا انهم جزء منا ومن المثير للعجب ان نسمع ان البعض ممن ولدوا وتربوا وتعلموا وكبروا وتزوجوا ورزقهم الله بالذرية الصالحة باتوا يبحثون عن كفيل لهم يضمن استمرار حياتهم ؟!

جميل ذلك الطلب لضمان استمرار حياة .. مجرد حياة يطالب به الكاتب:محمد البكر .. وهو ما كان حديث مقايل المكلا على مدى الايام الماضية ومنها ما قدر لي حضورها ليسمعني البعض ممن لم يغادروا ارثهم الكثير من الاستفزازات بل والتهم بالعمالة والتبعية للسعودية !؟ مجردين الكاتب من الدوافع القيمية – الانسانية فيما اثارة تجاه اشقاء له تجمعه بهم آواصر القربى والجغرافيا والتاريخ ، وهو يدرك خطورة المرحلة و المطامح والمطامع الايرانية في الخليج والجزيرة العربية .. ولم يكن قد سمع صداء ادواتها في هذه المقايل .. وما اشبه اليوم بالبارحة.. فما زالت بيننا وبعد كل ما مررنا به من اخفاقات وتجارب بعض الفئات المجترة لثقافة تلك المراحل، والتى ربما اسهمت في تغيير النظم الخاصة بإقامة اليمني و ادت الى اكتشاف الحضرمي .. الى انه لا يتمتع باي ميزة رغم ذلك الدور وتلك العلاقات التي استعرضها... البكر 

 رغم وجود مثل هذه الفئة بيننا وفي اوساطنا وهناك ما يقابلها في المجتمع السعودي فقد تحولت تلك العاصفة التي اثارها احد البقايا من ذلك الزمن الذي هجرت خلاله حضرموت وانكمشت.. ووجد الحضارم في السعودية موطنا ومحتمعا عوضهم خسارة وطن مقابل حفظ قيمهم وخصائصهم الحضرمية، 

لذلك انتقل الحديث في ذلك المقيل الي ما هو ابعد من مجرد الاقامة وتسهيلات العمل والعلاج الي تحديات الحاضر واخطاره في هذه المرحلة والتى ودون شك تدركها القيادتين في البلدين .. وهذا ما يؤكده الدور السعودي في حل الازمة اليمنية .. حتي لا تكون اليمن بوابة لنفاذ تلك القوي الى المنطقة .. ويصبح الجميع باحثا عن تزكية وكفيل !! ففي الشبك اكبر من الضبع كما يقول الحضارم.

 

 

مواضيع ذات صلة :