يشكل الاستخدام مدفوع الأجر والأجور مسألتين أساسيتين في عالم العمل , وتتوقف مستويات معيشة العاملين بأجر على مستوى الأجور وعلى فترة تكييف هذه الأجور وطريقة دفعها وتعتبر الأجور عامل أساسي للطلب الإجمالي وعامل رئيسي في الأداء الاقتصادي للبلدان , وفد اقر مؤتمر العمل الدولي المنعقد عام 2008م وأعلن من خلال إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من اجل عولمة عادلة , التزام الدول الأعضاء و المنظمة تحقيق هدف "تعزيز سياسات أجور ومكاسب وساعات عمل وغير ذلك من ظروف عمل تمكن الجميع من الحصول على قسط عادل من ثمار التقدم وتوفير اجر يضمن حد أدنى من مستوى المعيشة لجميع المستخدمين والمحتاجين لمثل هذه الحماية "في مؤتمر العمل الذي انعقد في يونيو 2009م وضم وفود ثلاثية مؤلفة من ممثلين عن الحكومات وأصحاب العمل والمنظمات العمالية من جميع إنحاء العالم اعتمد الميثاق العالمي لفرص العمل الذي يتضمن تجنب "العواقب الوخيمة الناجمة عن دوامات الأجور الانكماشية وتدهور ظروف العمل" واعتبر الحوار الجماعي والمفاوضات والعمل بالحد الأدنى القانوني او المتفاوض علية للأجور بمثابة خيارات سياسية رشيدة, وسوف نتطرق وبإيجاز إلى أهمية العمل بسياسة الأجور حيث يعد الحد الأدنى الوطني للأجور بمثابة حجر الزاوية بالنسبة لأي حكومة تهدف إلى توفير الحد الأدنى المرضي من الرفاهية للعاملين بها ومما لا شك فية أن تدني مستويات الأجور احد أسباب ثورات دول الربيع العربي كما أن موجة الاضطرابات الأخيرة التي قام بها العمال والموظفين في بعض الدول والشركات على مستوى العالم معلنين غضبهم إزاء تدني مستويات الأجور والبطالة خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وغيرها بمعدلات لا تتلاءم مع مستويات الزيادة في الأجور.
يترك العمل بسياسة الأجور أثارا هامة في السياسة العامة للدولة خاصة عند التوجه الحثيث الى تحقيق انتعاش عريض القاعدة ومن الضروري العمل بسياسة الأجور خلال الأزمات وفترات الانتعاش لأسباب تتعلق بالعدالة الاجتماعية والتوترات الناتجة عن انعدام المساواة والأجور المتدنية على الآسر خاصة الواقعة في القائمة السفلى من توزيع الأجور, وهناك سبب أخر برز في الاونة الأخيرة وأثار الاهتمام عند اتخاذ القرارات الحكومية ذات العلاقة, ألا وهو تأثير الأجور على الاقتصاد الكلي ففي حين يمكن للأجور المتدنية بالنسبة إلى الإنتاجية أن تحفز نمو صادرات بلد بعينة ومن المهم الأخذ بعين الاعتبار انه لا يمكن لجميع البلدان أن تحسن قدرتها التنافسية في وقت واحد , وان الأجور المتدنية تخفض استهلاك الأسر وبالتالي الطلب الإجمالي ويتوقف الاستثمار في القدرات الإنتاجية نفسها وعلى الأقل في جزء منه على مدى استطاعة الأسر استهلاك ما تنتجه المنشآت , ويشير ذلك إلى أن نوعية الانتعاش ووتيرته واستئناف النمو الاقتصادي ستتوقف جزئيا على انتعاش دخل الأسر المعيشية, ويهدف وضع الحد الأدنى للآجر وما يتعلق به من سياسات أخرى اقتصادية واجتماعية الى الحد من الفقر والعمل على توفير الاحتياجات الأساسية للعامل , ومنع استغلال أصحاب الأعمال للعمال . إذ لابد أن يكون الحد الأدنى للأجر مرتفعا بدرجة تكفل مستوى معيشة مقبول اجتماعيا ولكن لا يصل إلى حد يسمح بتسعير العمالة ذات الانتاجية المنخفضة أو يسبب زيادة في معدلات البطالة , ويرتبط الحد الأدنى للآجر بالعمل أو التشغيل, وهو بذلك يختلف عن الحد الأدنى للدخل والذي من شانه ان يضمن للشخص الحد الأدنى من متطلبات المعيشة بصرف النظر عما إذا كان الشخص يعمل بوظيفة يحصل منها على اجر أم لا.
من الواضح انه في العقود القلية الماضية لم تتواجد لدى الحكومات اليمنية المتتالية سياسة واضحة للأجور إن لم تكن معدومة بالرغم من محاولات وزارة الخدمة المدنية من ربط الدرجات الوظيفية بالأجور في الجهاز الإداري للدولة, رغم وجود تناقضات واختلالات كبيرة في الإستراتيجية الوطنية للأجور نفسها , ففي الواقع لا تعكس الاختلافات في الأجور بين الوظائف الاختلافات في درجة وصعوبة واجبات ومسؤوليات الوظائف ولا تتناسب معدلات الأجور المدفوعة في جهة ما مع مثيلاتها في الجهات الأخرى في المحيط نفسه, ولا توجد حدود دنيا وعليا لأجر الوظيفة , كما لا يوجد ارتباط ما بين ما يدفع للعامل كمقابل وبين أدائه الفعلي , كما لا يلعب المؤهل العلمي والخبرة أي أهمية تذكر في تحديد اجر الفرد خاصة عند التحاقه لأول مرة ’’’الخ.
ومما لاشك فيه أن تحديد الحد الأدنى للجر لا يكفي وحدة للقضاء على الفقر وتلبية جميع احتياجات الموظف أو العامل , ولكنة يمثل وسيلة فعالة لتحقيق توزيع أكثر عدالة للدخل فهو يمثل المستوى المعيشي الأدنى الذي لا يجوز خفضه وذلك بموجب القانون الصادر بهذا الشأن ولا توجد قاعدة عامة تحدد المستوى الأمثل للحد الأدنى للأجور في كل دولة من دول العالم , حيث وهو مرتبط بمجموعة من العوامل الخاصة بظروف كل دولة , كالحالة الاقتصادية وأوضاع سوق العمل بها والاختلاف في مستويات إنتاجية العامل بين المناطق والوظائف والصناعات المختلفة .
مال وأعمال العدد 110 أبريل 2013م