آراء وأقلام نُشر

معركتنا مع الإرهاب (7)

 

ثورة سبتمبر في اليمن ... تواجه أول إرهاب دولي على أراضيها ... و تأثيرها يرفع الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى ملك ... ما أن وصلت طلائع القوات المصرية إلى اليمن في شهر أكتوبر عام 1962م لمساعدة الثورة اليمنية... حتى أعلنت حالة الطوارئ في حلف شمال الأطلسي ... من كوبا المحاصرة من الحلف الأطلسي بسبب الصواريخ النووية الروسية ... إلى القواعد الأخرى في الشرق الأقصى و الأدنى و الأوسط .. لقد أرسلت دعوة إذاعية من المرحوم الحسن بن يحي حميد الدين ومن الإمام المخلوع محمد البدر عبر الإذاعات ثم الصحف من مقرهما في نجران إلى أبناء اليمن يطلبا منهم النصرة ثم الزحف إلى صنعاء لإسقاط الجمهورية .. كذلك شرعَ في توزيع السلاح و الذهب على القبائل في محافظتي صعدة و حجة ثم الجوف .. كان الرئيس الأمريكي دويت إيزنهاور قد تسلم مسؤولية القيادة على العالم الحر من تشرشل البريطاني في لقاءهما ببرمودا في ديسمبر عام 1953م ومنه تسلم مهام بريطانيا فيما وراء البحار بعد استقلال الصين و الهند و اندونيسيا بمبلغ أربع مائة مليون دولار لبريطانيا تلا ذلك لاستلام القوات الفرنسية للجنرال الفيتنامي ( جياب) في معركة ( جيان بيان فو) حيث تمكن بثلاث مائة ألف درّاج هوائية من الإحاطة بمعسكرات ثمان فرق فرنسية محمولة جوا و محاصرتها وإجبارها على الاستسلام و الرحيل من جنوب شرق آسيا ... وعلى نتائجها تدخلت امريكا لحفظ ماء وجه لحلف شمال الأطلسي و قد عملت على الانتقام من فيتنام وبعض الدول في جنوب شرق آسيا .. كمبوديا و لاوس لكن الحرب الكورية جعلتها في المواجهة مع الجيش الصيني و الروسي – وجها لوجه - لقد تم نقل ستون ألفا من الخبراء و المستشارين من بريطانيا و فرنسا و إسرائيل و امريكا إلى إيران الموقع الجديد البديل لجنوب شرق آسيا بعد الإطاحة بحكومة ( محمد مصدق) الوطنية عام 1952م , أرادت فرنسا و بريطانيا و إسرائيل تعويض بعض الخسارة في الشرق الأوسط وكسب نصر سهل لمسح الهزيمة في جنوب شرق آسيا ... فأعلنوا الحرب على شعب مصر ... و تمكنوا من احتلال مدينة السويس و الإسماعيلية و كل جزيرة سيناء على اثر تأميم شركة قناة السويس من عبد الناصر قائد ثورة يوليو 1952م وكان الهجوم من البر و البحر و الجو ... دون موافقة الحلف الأطلسي و الأمم المتحدة ... و بناء عليه وجه الاتحاد السوفييتي إنذار بالقوات المعتدية بالانسحاب .. دون قيد أو شرط فيما تدخلت امريكا مع الأمم المتحدة للإشراف على عملية الانسحاب ... و قد وقفت معظم دول العالم مع مصر ضد الاعتداء الغادر لقد صمد الشعب المصري و نجح عبد الناصر في كسب تأييد روسيا و امريكا و معظم دول العالم في حرب السويس عام 1956م ... لذلك أصبحت ثورة اليمن من مسؤولية امريكا بعد حرب 1956... جاء البيت الأبيض الرئيس الشاب جون كندي وهو من ابرع مفاوضي العالم و المع خبراء الانفراج و السلام الدولي و من أشجع الرؤساء العالميين أسرع كندي إلى تهدئة التوتر مع روسيا الذي نشأ في عهد سلفه – أيزنهاور – و نتيجة للمشادة التي حدثت في مؤتمر باريس عام 1960م و التي سمحت للهند و مصر و يوغسلافيا ( عدم الانحياز ) الطلب إلى روسيا و امريكا عدم التهديد باستخدام الأسلحة النووية لان ذلك يهدد الأمن و السلام العالميين ... في لقاء فينا عام 1961م بين كندي خرشوف ... حصل الرئيس الأمريكي على وعد بإطلاق الطيار الأمريكي الذي أسقطت طائرته ( تي- يو 2 ) التجسُسية داخل روسيا .. ثم عدم الصدام العسكري على خط برلين من الرئيس الروسي ... بينما حصل الرئيس الروسي على وعد أمريكي بوقف إرسال طائرات التجسس فوق روسيا و كذلك عدم التصعيد العسكري على خط برلين و فتح خط ساخن بين الكرملين و البيت الأبيض لمنع أي حادث نووي غير مقصود بين الدولتين و عدم غزو كوبا من قبل امريكا ... كانت عملية خليج الخنازير إنزال مجموعة مسلحة من اللاجئين الكوبيين في امريكا قد فشلت عمليا و صدها الشعب الكوبي بقيادة كاسترو ... أطلق الرئيس كندي غزو الفضاء بديلا عن غزو كوبا كما أمر بانسحاب القوات الأمريكية من لبنان التي وصلت إليها عام 1958م لمواجهة وحدة مصر و سوريا ... كذلك أوعز بسحب القوات البريطانية من الأردن التي وصلت لنفس الغرض ... 

عين حلف الأطلسي شاه إيران شرطي جديد على الشرق الأدنى .. جاء قيام الثورة اليمنية بعد عام من انفصال سوريا عن مصر و على اثر نجاح الثورة الجزائرية عام 1961م بقيادة احمد بن بلا و بحصيلة اثنين مليون شهيد – مليون شهداء حرب التحرير و مليون بسبب الإشعاع النووي نتيجة التجارب الفرنسية جنوب الجزائر – في زحمة الأحداث و العالم على صفيح ساخن و المعارك دائرة في جنوب اليمن ومع الملكين ثم في الجنوب يشتبك الثوار مع الوحدات البريطانية المحتلة على طول الحدود و حتى في قلب مستعمرة عدن ... بدأ احتدام المعارك مع بداية أكتوبر عام 1962م كما بدأت تظهر على السطح اتهامات متبادلة بين الملك سعود و عبد الناصر بتخطيط كل منهما اغتيال الأخر .. في 4/ أكتوبر /1962م جلس الرئيس كندي في البيت الأبيض مع الأمير فيصل المبعد من رئاسة الوزراء بأمر الملك سعود وهو في رحلة علاج في امريكا تم اللقاء عن طريق رئيس شركة (أرمكو) و عزام باشا سفير الملك سعود في امريكا – بسبب ثورة اليمن – استمر اللقاء ساعة و نصف في البيت الأبيض ... و المحضر وثيقة سرية لا يسمح بالاطلاع عليه إلا للرؤساء الأمريكيين فقط لكن ظهرت تسريبات لنتائج اللقاء , منها صدور وعد من كندي بحماية المملكة مع إسرائيل و بيع أسلحة لهما دون استخدامها مع بعضيهما .. و ضرورة التخلص من عبد الناصر ... و دعم الملكيين في شمال اليمن في الحرب الأهلية .. و إزاحة الملك سعود سلمينا ... و ربط الأمن و الدفاع السعودي بالأمن الأمريكي ثم تسليح الأردن ... و حلفاء امريكا في الشرق الأوسط لمواجهة القوميين و الشيوعيين ... ذهب الأمير فيصل مريضا و عاد بعد إلقاء ملك بسبب الثورة اليمنية .. و من غير المتوقع فقد هبطت مجموعة من الطائرات الحربية السعودية في مصر ... محملة بالأسلحة و العتاد الحربي ضد اليمن .. وهي مرسلة للإمام المخلوع الإمام البدر , وعمه المرحوم الحسن , وأعقبها سرب أخر من الطائرات السعودية هبطت في مصر لنفس المهمة , تلا ذلك وصول الأمير طلال بن عبد العزيز إلى مصر , و أعلن انشقاقه على أخيه سعود ومعه مجموعة من أمراء الأسرة الحاكمة في بيروت ... ثم جاءت المفاجأة الأكبر هروب قائد سلاح الطيران الأردني بطائرته الحربية إلى مصر , وكانت متجهه إلى نجران لنفس مهمة الطائرات السعودية ... نقلوا جميعا معلومات .. تفيد بحشد تركيا و باكستان و إيران و إسرائيل و الأردن و لبنان مع المملكة ثم بريطانيا , في جبهة ضد الثورة اليمنية و القوات المصرية الداعمة لموقفها في اليمن و لمواجهة الأنظمة الثورية في العراق و سوريا و الجزائر و لكنهم وضعوا اليمن في الخط الأول بالنسبة لذلك التكتل الكبير ... قام الملك سعود بمصادرة ممتلكات الأمراء المنشقين و الطيارين الهاربين ... و بدأت حملة من سفراء التحالف لنقل مرتزقة أوروبيين يقاتلون في بعض دول وسط أفريقيا ضد حركات التحرر , إلى اليمن , عبر جيبوتيي إلى عدن ومنها إلى حريب و بيحان ثم مأرب و الجوف و نجران ... و صل معهم ايضا ثلاث مائة إسرائيلي يمني ممن شاركوا في حرب السويس عام 1956م كخبراء بجوازات إيرانية , وهم يجيدون اللهجة اليمنية و العراقية . بالمقابل أسرعت القيادة المصرية إلى فتح الحدود إلى ثوار الجنوب دون استثناء و أعطتهم السلاح و المال لدحر الاحتلال في الجنوب .. ومنهم : قحطان الشعبي و الفضلي و جعبل و سيف الضالعي و عبد الفتاح و فيصل عبد اللطيف و البيشي و سالمين و باذيب و سلطان احمد و عنتر و مصلح و هيثم و الأصنج و باسندوه و المجعلي و العولقي و المكاوي ومئات غيرهم دون تمييز بين فصيل من قبيلة و أخر من أخرى أو تصنيف سياسي لأي منهم ... كانت الحدود الشطرية ساحة حرب من عدن إلى المهرة ومن مهرة إلى حجة ... و أضحت الساحة اليمنية ساحة حرب شبة دولية – محصورة في اليمن- وقد عملت الأمم المتحدة و المعسكرين الشرقي و الغربي ثم دول عدم الانحياز اهتموا جميعا و اتجهت أنظار العالم على الصراع المأساوي و الدموي في الحرب الأهلية ( شبة الدولية ) على ارض الجمهورية العربية اليمنية 

 

يتبع الحلقة الثامنة


 

مواضيع ذات صلة :