يمن هي جنوب في اللغة اليمنية القديمة وشام شمال على مستوى شمال وجنوب الشرق الأوسط بكامله، ودراسة التاريخ اليمني هي دراسة للنشاط التاريخي لليمنيين منذ معين في 3000 قبل الميلاد، وعندما نتحدث عن سبأ نقصد أيضاً امتدادها إلى الشمال الأثيوبي (أكسوم) ومرجعيته اليمنية، وإن التركيز على حمير هو بصفتها ناتج التراكم التاريخي للهوية الوطنية اليمنية التاريخية وأن التطور الذي هو بطبيعته على شكل حلقات دائرية وليس على شكل مستقيم بدأ بحضارة معين وانتهى بحضارة حمير على شكل بداية ونهاية لتأسيس الهوية الوطنية اليمنية التاريخية واكتمال شكلها النهائي على مدى خمسة آلاف عام بالصورة التي عليها اليمنيين في واقعهم المعاصر والمحفوظة أصولها ووثائقها داخل الأرشيف التاريخي الحميري. أما معين وسبأ وحمير الروح اليمنية بصفتها محرك النشاط التاريخي أو أن النشاط التاريخي هو نشاط تحريكي أو حراك تاريخي للروح اليمنية، فنلاحظ عند دراسة تاريخ معين اكتشاف أثناءها أننا إنما نقرأ تاريخ سبأ وحمير، وكذلك عند دراسة تاريخ وسبأ نجد أننا نقرأ تاريخ معين وحمير، وعند قراءة تاريخ حمير نجد أننا نقرأ تاريخ معين سبأ وذلك بشكل لا يستدعي بالضرورة إلا أن نقول عن الحضارات الثلاث التي نشأن عن حضارة يمنية أصلية في العصر البرونزي وعادت في النهاية إلى نقطة البداية في شكل حلقة دائرية للتطور من الحضارة اليمنية الأصلية في العصر البرونزي إلى حمير، فتعتبر حمير هي الاصطلاح اللغوي الأكثر جاذبية والأكثر وضوحاً لقربه الزمني عن تاريخنا المعاصر ولكن المضمون الواحد والمتداخل والمتماهي مع بعضه على مستوى معين وسبأ وحمير اسمه التاريخ اليمني القديم.
إن جاذبية الحميريين ومحبتنا الشديدة لهم ولاسمهم هو لأن عصرهم هو عصر البطولات والتضحيات أمام تحديات خارجية قهرت اليمن في النهاية مقارنة بالاستقرار وعدم التعرض لحملات الغزو الخارجي في العصر المعيني والعصر السبئي، فالعصر الحميري هو عصر الشهداء ولذلك فهو يسكن في ضمير اليمنيين ويختصرون في حمير تاريخهم الوطني ككل.
الاصطلاحية والتحليلية مثل أن التصدير التجاري كان حقيقة رئيسية يشير إليها التاريخ الحميري، وأن الذهب كان أهم أدوات الاقتصاد الحميري الصانعة للتحولات التاريخية في واقع المجتمع والدولة، كما كانت هناك كل أشكال الصناعة الاستخراجية التعدينية تلبي احتياجات الداخل ويتم تصدير كميات كبيرة منها إلى الخارج فكانت المناجم المنحوتة في قلب الصخر تشير إلى أساس معرفي لعملية الاكتشاف المنجمي وتحويل خام الذهب والفضة والنحاس والحديد إلى شكله المعدني النهائي وإلى شكله الاستخدامي كسلعة تجارية.
كذلك الأساس المعرفي للإنتاج الغذائي المتطور الجينات الزراعية ودخول الغذاء السوق التجاري المنافس بحكم تطوره الجيني وخاصة القمح والبن والزبيب والبهارات كمواد قابلة للتصدير للخارج بشروط تطور حفظ المادة الغذائية المنقولة والمعروضة تجارياً عندما كان يصعب حفظ العنب فكان يتم تصديره في شكل الزبيب وهو بشكله المجفف يشبه القمح والبن والبهارات في قابليتها لعدم التلف مثل صادرات الفواكه، ويتضح كذلك دخول الجلود وصناعاتها، من أحذية وشنط وأحزمة سوق، التصدير التجاري إلى الخارج.
اكتفاء ذاتي
إن القول بأن حمير كانت مكتفية ذاتياً كأساس لعدم تحولها إلى دولة غازية ومحتلة لغيرها خاصة والحميريون كانوا بالملايين فتصفهم المصادر التاريخية اليونانية بأنهم قوم كثير العدد، هذا الاكتفاء الذاتي لابد أن ينسحب على الطاقة وقياس مستوى تعاملهم معها بمستوى صناعتهم التعدينية وتطور الجينات الزراعية، وفي الحقيقة الواقع الحميري تراكمي غني بالمعرفة الطبيعية المتراكمة لآلاف السنين من الأجداد المعينين وبعدهم السبئيين إلى الأبناء الحميريين خاصة والمجتمع الحميري امتداد لمعين وسبأ كأجيال مستقرة في وطنها واستطاعت الحفاظ على امتدادها التراكمي وتحويله بحكم الاستقرار والتواصل بين الأجيال من كم إلى نوع داخل عملية التطور التاريخي للمجتمع، فنلاحظ بأن شروط استمرار الحياة الإنسانية للمجتمع تحكمت في شكل التطور الوطني في جانبه المادي عبر نظام البدائل غير الطبيعية مقابل ظروف نقص أو عدم توفر الموارد الطبيعية الثابتة وفي مقدمتها المياه نظراً لعدم نهرية اليمن واعتماده على مياه الأمطار وأيضاً مساحة الرقعة الزراعية في بلد جبلي أمام تزايد عدد السكان، فكانت شبكة السدود التي تغطي مساحة البلد وأيضاً المدرجات الزراعية أساس الفكر الاقتصادي المتطور نحو شروط تضغط عليها نزعة البقاء في أرض الوطن وعدم الهجرة هي دافع التوسع في الأنشطة الإنتاجية وبروز حمير كدولة تجارية.
كانت أغنى دولة في الشرق القديم
أفضى تحليل النقوش الأشورية إلى حقيقتين تتعلقان بالسياسة الخارجية لليمن القديم تحتكمان إلى أساس اقتصادي بالدرجة الأولى وأن اليمن تكاد أن تكون منكفئة عن العالم سياسياً ويتحكم العامل الاقتصادي بصورة مركزية في علاقتها بالخارج.
الحقيقة الأولى هي المحطات الأمنية لحماية القوافل التجارية الحميرية فكان يحدث تدخل عسكري في المناطق التي تتهدد الاضطرابات فيها أو أعمال السطو سلامة طرق القوافل التجارية، فتندرج هذه الحقيقة الموثقة عند الأشوريين في نفس تحليل اليونايين لعدم تحول اليمن إلى دولة غزو عسكري للخارج نظراً إلى أنها كانت مكتفية داخلياً من كل شيء .
والحقيقة الثانية الموثقة في النقوش الأشورية هي هدايا الذهب التي اشتهرت بها اليمن وكانت ترسلها إلى ملوك أشور فتقول خلفية هذه الهدايا السياسية أنها كانت متبعة عند الساسة الحميريين تجاه قادة البلدان التي تمر منها القوافل التجارية لدورهم في تأمين طرقها.
اقتصاد إنتاجي وقاعدة وطنية للتصدير
إن هاتين الحقيقتين تشير إلى أن واقع الاقتصاد الحميري المزدهر على أساس ناحتين هما الاقتصاد الإنتاجي الممتلك قاعدة وطنية للتصدير، ففي مفهوم الفكر الاقتصادي الحديث لأسس الاقتصاد المتطور تتم الإشارة عادة إلى الاقتصاد الإنتاجي وامتلاكه قاعدة وطنية للتصدير، وعند مقارنة واقع الاقتصاد الحميري القديم بواقع الاقتصادات الحديثة نجد تطابقاً في الأسس العلمية على خلفية الوعي الطبيعي بحكم أن العلم قديم وأننا إنما نعيد اكتشافه في كل مرحلة تاريخية بحيث إن التطور التاريخي للعلم في مراحله المعاصرة المنعكسة على الاقتصاد في شكل تطور وسائل الإنتاج هو فارق شكل التطور وواقعة الموضوعي، أما مضمونه فهو وعي كلي تاريخي متكشف مرحلياً فيكون فهم الأساس المادي المتطور للاقتصاد الحميري على نحو يطابق مفاهيم الواقع المعاصر هو جزء من تطور الفكر الاقتصادي من الناحية المعرفية وتوفيره منجزات اصطلاحية وتحليلية نفهم بها خلفيات الاقتصادات القديمة وفي مقدمتها الاقتصاد الحميري، وفي الحقيقة هي حالة تطور اللغة الاقتصادية تجعل فهم ما هو مفهوم من الناحية الطبيعية يكون مفهوما أكثر بالأدوات.
خدمة المستثمر موبايل للرسائل القصيرة sms.. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة(رياضة, مال وأعمال, مناقصات, فرص اقتصادية, أسعار, وظائف)يمن موبايل 22335656 MTN5757 MTNسبأفون 3131 |