آراء وأقلام نُشر

رأي في حكومة الوفاق

 
في ديسمبر 2013 تكمل حكومة الوفاق عامها الثاني بدون انجازات تذكر أو نجاحات مهمة ، مع ارتفاع المطالبات باقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة (تكنوقراط).
 
في اعتقادي علينا أن نكون منصفين في تقييمنا للحكومة الحالية ، فهي احدى ثمار المبادرة الخليجية وتم تشكيلها وفقا لبنود التسوية السياسية من طرفين أحدهما يمثل النظام السابق والاخر يمثل قوى الثورة والتغيير.
 
 
ولذلك ظلت الحكومة مقيدة بالاطراف السياسية وبظروف الواقع المضطرب ، لكن أكبر مشكلة داخل الحكومة تمثلت في التقاسم والمحاصصة التي أدت الى ضعف اداء الوزراء وانتشار الفساد وعدم القدرة على محاسبة الفاسدين.
 
بل أن أحد طرفي الحكومة ظل يكرس جهوده ويسخر امكانياته من أجل اعاقة الطرف الآخر ، وكمثال نرى وسائل اعلام حزب المؤتمر وعلى مدار الساعة تكتب عن فشل حكومة الثورة ، وكأن المؤتمر ليس مشاركاً فيها ولديه نصف مقاعدها.
 
ومن الطبيعي أن هذه المشاكل التي افرزتها المحاصصة انعكست على اداء الحكومة الذي اتسم بالضعف وادى الى غيابها عن تحقيق اية انجازات أو نجاحات. 
 
ولقد كانت هناك فرصة كبيرة أمام الحكومة لتحقيق تطلعات الناس في التغيير والتنمية والاصلاحات ، وكان في استطاعة الوزراء المتصارعين تحقيق النجاح لو أنهم وضعوا المصالح الصغيرة جانباً وابتعدوا عن التجاذبات الحزبية وظل انتماءهم أولاً للوطن وهو الحزب الكبير.
 
كان بامكانهم تسجيل موقف للتاريخ بالانتصار للوطن والمواطن ، لكنهم للأسف ظلوا يؤدون أدواراً صغيرة من أجل أحزابهم وانغمسوا في تحقيق مكاسب شخصية وحزبية صغيرة .
 
تمضي الحكومة بدون استراتيجية واضحة لتحقيق الاهداف المرسومة في بناء دولة مدنية حديثة و يمن جديد يسود فيه الأمن والاستقرار والعدالة والمساواة والحرية والتنمية والنمو الاقتصادي.
 
ولم نجد الحكومة في ميادين الاصلاحات الادارية والاقتصادية والمالية ولم نرى أعمالها لمكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين.
 
وكمثال، كنا ننتظر من وزير المالية تطبيق استراتيجية لمكافحة الفساد وتقليص النفقات العبثية وضبط ايرادات الدولة في الجمارك والضرائب وفي قطاع النفط والغاز وغير ذلك من القطاعات الايرادية.
 
كنا نتوقع من وزير المالية ، وهو القادم باسم الثورة وكان صوتاً قوياً ضد الفساد ، أن يعمل على ترسيخ الشفافية في اعمال وزارته ، وان يواصل الاصلاحات المالية ويطبق سياسات مالية جديدة من أجل انقاذ الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
 
لكن للأسف واصلت وزراة المالية ومعها البنك المركزي العمل بالسياسات القديمة الفاشلة بالاعتماد على أذون الخزانة واسلوب المعالجات التجارية.
 
وأنا شخصيا ومنذ بداية حكومة الوفاق ، حاولت تقديم نصائح لوزير المالية باهمية انتهاج سياسات جديدة لان اذون الخزانة من أسباب تضخم الدين الداخلي ، وفي مناسبات عديدة نصحت بالاتجاه الى اصدار الصكوك الاسلامية واستخدامها في خدمة التنمية والاستثمار وفي المشاريع الاستراتيجية.
 
وانا تطرقت الى دور وزير المالية واداءه ، لاهمية موقعه ولان لديه الفرصة لاصلاح السياسة المالية والنقدية لما لذلك من أثر كبير في انعاش الاقتصاد وتحقيق النمو.
 
واعتقد أن الاخفاق الحكومي سوف يستمر مع استمرار الحكومة بشكلها الحالي القائم على التقاسم ، ولذلك فان الحل لن يكون الا من خلال تشكيل حكومة كفاءات (تكنوقراط) بعيدا عن المحاصصة .
 
وكما نحتاج إلى حكومة مخلصة، نحتاج في هذه المرحلة إلى الحكمة وإلى مغادرة الماضي ونبذ العنف والأحقاد والمكايدات الصغيرة، ونحتاج الى الاحتكام لصوت العقل ونشر ثقافة التسامح والتفرغ لبناء بلدنا بروح الفريق الواحد.
 
وبلاشك فإن الحوار الوطني يمثل فرصة تاريخية للانطلاق صوب اليمن الجديد من خلال إيجاد معالجات حقيقية لكل القضايا العالقة والملفات الشائكة، والمطلوب حوار وطني شفاف لا يستثني احد ، بما يحقق الشراكة الوطنية الكاملة والحقيقية ويقوي دعائم الدولة اليمنية.
 
وأنا متفائل بقدرة اليمنيين على مواجهة التحديات الصعبة وتجاوز الأزمات السياسية والاقتصادية بنجاح.
 
* مجلة الاستثمار العدد"48"

 

مواضيع ذات صلة :