آراء وأقلام نُشر

بشرُ بعنفِ وسلام

" كل نصر ينتجه العنف يكون مساويا للهزيمة ",هكذا قالها المهاتما غاندي, وهكذا نحن البشر, نمارس الحب في الخفاء والعنف أمام العيان, متناسين أن العنف ينتج بشرا مشوهين, فمن تعرض للعنف يصبح مشوها ظاهرا ثم باطنا, أما من يمارسه فقد سبقه لهذا التشوه بكثير.
 حتى المناضلين يحولهم العنف من أشخاص يؤمنون بالقيم الإنسانية إلى مجموعات منتقمة تؤمن بالقيم الحيوانية, ورجال الدين يحولهم من طريق عبور للوصول إلى الله إلى طريق عبور للوصول للسلطة, وهكذا يحول كل أنواع البشر بلا استثناء إلى مجرد ظلال مشوهة, فـ"المؤمن حقا هو من يؤمن بحق البشر في العيش والسعادة.
بينما الملحد حقا هو من يخدع البشرية ويسلبها سعادتها." كما يقول المفكر عبد الرزاق الجبران, ولأن البشرية قد قامت على الخداع والعنف, منذ انتزاع التفاحة مرورا بقتل هابيل لقابيل, إلا أن هذا العنف لم يكن وليد هذه البشرية بل تقليدا لرغبة هذه الأرض الطينية في الحفاظ على امتصاصها الأزلي للدماء بدلا عن المياه, للشر بديلا عن الخير, فهل تم استخلافنا على هذه الأرض فقط لمزيد من الدماء؛ فنكون كما قالت عنّا الملائكة يوما "من يفسد فيها ويسفك الدماء",
إن القيمة الحقيقية لوجودنا هي في قدرتنا على الاختلاف وليس الخلاف, هي في قدرتنا على معرفة المتميز فينا عن بقية المخلوقات, فبذرة العنف مزروعة في جميع الكائنات بما فيها نحن, أما بذرة السلام فمزروعة فقط فينا, فنحن بشرُ بعنفِ وسلام, فإما أن نكون مجرد انعكاس لماضِي الأرض ومجرد تكرار مسبق لمخلوقاتها مغلّبين رغبة العنف فينا على السلام, أو أن نصبح مستقبلا لهذه الأرض ونقطة تحوّل بها محققين الهدف من استخلافنا بها كدعاة للحب والسلام.
                                                  دمتم ودام لنا وطن                                                                ....


 

مواضيع ذات صلة :