آراء وأقلام نُشر

محافظ تعز القادم !

حتى وان قدمت استقالتك من وظيفتك كمحافظ للمحافظة سوف تبقى الرقم 1 في نظر محبيك من ابناء محافظة تعز ، سيأتي بالتأكيد من بعدك محافظ ينتمي لحزب او جماعة وسنلمس من دون عناء الفارق الكبير بين محافظ ينتمي لحزب ومحافظ كان يقول في العلن انا حزبي تعز .
لن يتركوا تعز تتنفس من بعدك ، اتذكر انا ويتذكر الملايين انه الى ماقبل ان تصبح انت محافظا لتعز كان القتلة واصحاب السوابق ومصاصو الدماء يتقاسمونها رغم انها كانت اشبه بكعكة منتهية الصلاحية ، لم يكن بوسع احد ان يصطحب افراد اسرته في نزهة الى اماكن الترفيه في تعز ، كان السباق بين افراد العصابات محتدما على من يسرق اكتر ومن يقتل اكثر ، تعز كانت الاسوأ بين المدن اليمنية من حيث الامن والامان ومن حيث البناء والاعمار .
لم يكن بمقدور احد ان يفرض في داخلها هيبة الدولة ، الرئيس ذاته فشل ، ووزير الداخلية ظل متخبطا ومرتبكا بين عصابات متعددة الجرائم وبين ضعف امكانيات وزارته آنذاك .
كانت اقسام الشرطة في ظل الفوضى العارمة تعاني من نقص حاد في المعدات والسلاح والذخيرة ، كانت تعز بعد احداث 2011 اشبه بمدينة اشباح ، بعض شوارعها شهدت اعمال عنف شديدة واما الفوضى فقد كانت تعم ارجاء المدينة ، لم يكن مدير امن المحافظة قادر على ضبط عديد شوارع ، بل انه ظهر في اكثر من حادثة ، عاجز عن ارسال طقم عسكري الى بيرباشا ، عشنا في تلك الفترة اختطاف اطقم شرطة ونهب للسيارات الحكومي وقتل ابرياء وتصفية حسابات ولم يكن يحدو احدا اي بصيص امل في ان تعز ستستعيد عافيتها اثر موجة دمار شاملة .
بعد سلسلة حوادث مؤلمة اصدر الرئيس هادي قرارا بتعيين شوقي احمد هائل محافظا لتعز ، كان ابناء تعز آنذاك يتمنون لو ان هادي اختار رجلا عسكريا ليتولى شئون محافظة يتكاثر بداخلها افراد العصابات على نحو مرعب وتفاجأو به يعيين شابا من اسرة ثرية ومشهود له ولافراد عائلته بالاستقامة وحب فعل الخير ، كنا نتسأل مثل عامة البسطاء مالذي يمكن ان يفعله شاب امام مشائخ محترفو قتل ومجرمون بالفطرة وايضا امام اصحاب سواااابق من العيار الثقيل ؟
بعد ايام من توليه المنصب شاهدناه يتجول في الحارات التي كانت تخضع نسبيا لسيطرة ادارة الامن ، وبعد اقل من شهر بدأ يستعين بقوات من الجيش لفرض سيطرة الدولة على باقي الحارات ، شاهدنا في تلك الفترة ولاول مرة في تعز اطقم ومدرعات الجيش وسط الشوارع التي كان يصعب دخول عسكري امن اليها وعلى ضؤ ماطرأ من ثورة امنية بدأ الناس يلمسون قليل من الامن والامان .
المحافظ شوقي احمد هائل رئيس اللجنة الامنية لم يعتمد على تواجد الجيش في الشوارع فحسب وانما حرص على ان يكون هناك تنسيقا بين كافة الاجهزة الامنية والقضائية والجهات ذات العلاقة فالتقى على مدار اشهر القضاة ورؤساء النيابات ومدراء امن المديريات ورؤساء الاحزاب وعقال الحارات ومنظمات المجتمع المدني والمشائح والاعيان ومئات الناشطين في حقوق الانسان والتقى الاعلاميين والاكاديمين بمختلف انتماءاتهم وحرص من تلك اللقاءات ان يشرك المجتمع ككل في حل القضية الامنية بوجه خاص ، وفعلا استطاع من خلال الالتقاء بكوكبة من اصحاب الثقة ان يشكل رأيا عاما في تعز وبالتالي وبعد ان وضع يده على الخلل والمشكل العام انطلق باتجاه المعالجات وقرر ومن معه من المخلصين على ان يشعلوها ثورة ضد الفوضى وقد حدث في عهد المحافظ شوقي هائل الاعلان عن قائمة طويلة من المطلوبين امنيا بعد حصرهم ولاول مرة وبالتنسيق مع النيابة يتم مداهمة اوكارهم وملاحقتهم ومحاصرتهم على نحو جعل تعز في مقدمة المدن التي نجحت في مكافحة الجريمة وتحولت بفضل منن الله وبفضل جهود المحافظ الى مدينة هادئة بعد ان كانت نموذجا سيئا لاعمال العنف والبلطجة .
المحافظ وبعد ان تجاوز الهاجس الامني التفت الى قضايا التنمية والبناء والاعمار وتفاجأ باصابع من تحت الطاولة تعبث بالملفات الحيوية والامنيات والطموحات وبالتالي بدأ حربا اخرى في ميدان اخر وكان كلما حقق انجازا في ميدان يدخل في معارك جديدة ورغم ذلك ظل المحافظ هو المحافظ الاستثناء بين كل المحافظين وكان مضربا للمثل في غزارة الانجازات وفي الصبر والثبات عند الشدائد .
وللتاريخ يجب ان نقول ان شوقي هائل هو المسئول الوحيد الذي اذا قيل له ان الجيش والامن عاجزين عن شراء آليات ومعدات سارع هو ومن جيبه الخاص او من اموال مجموعة الخير مجموعة هائل سعيد الى شراء اطقم عسكرية واصلاح وصيانة مباني الاقسام في تعز واذا قيل له ان رصيد وزارة التربية والتعليم لايكفي لصيانة المدارس بادر هو الى ترميم واصلاح وصيانة مدارس تعز واذا قيل له ان عجزا في توفير مادتي الديزل والبترول في اي قطاع يتولى هو تغطية عجز الدولة حتى في شراء مولدات كهرباء واجهزة طبية للمستشفيات الحكومية ناهيكم انه كان احيانا يسدد رواتب موظفين في مؤسسات الدولة المتعثرة وحرص المحافظ قبل ذلك على انفاق المليارات على حملات امنية ساهمت في استتباب الامن داخل محافظة كانت تعيش فوق صفيح ساخن .
انا على يقين بإن محافظ بهذه الامكانيات في الشرف والنزاهة وفي محبته لتعز لن يتكرر مهما طال الزمن او قصر .
محافظ تعز القادم لن يجد مايقدمه للمحافظة .. ستعود العصابات الى التكاثر من جديد فإذا كانت تعز بعد احداث 2011 افرزت عصابات متعددة فتخيلوا كيف سيؤل الوضع بعد حرب 2015 خاصة وان الالاف من الشباب المنحرف والمعتدل امتلكوا اسلحة خفيفة ومتوسطة ، ستصبح تعز ، والايام بيننا ، الى مرتع خصب للجريمة وسيتكرر سيناريو 2011 لكن بشكل اكثر دموية .
محافظ تعز القادم لن يكون مضطرا الى الاعلان عن ميثاق شرف كما اعلن المحافظ شوقي هائل آنذاك عن ميثاق يجمع كل ابناء المحافظة على حب تعز ، حتما ستغيب الدولة في اليمن لاعوام وستغيب الاخلاق والقيم في تعز الى مالا نهاية وحسبنا الله ونعم الوكيل .ً


 

مواضيع ذات صلة :