"السلام عليكم ورحمة الله", بهذه العبارة لخص الرسول محمد (ص) الطريق التي يجب أن يتعايش بها البشر مع الجميع, بإفشاء السلام بين الجميع, السلام الذي حوله الكثير منا لمجرد تحية تستخدم وقت اللقاء, وأفقده بذلك حقيقته ومعناه, ففقدنا بذلك حقيقة الرسالة التي أنزلها الله للبشرية على جميع رسله الذي كان ختامهم محمد (ص), وفقدنا بذلك الطريق التي طُلب منا سلوكه في هذه الأرض.
فالسلام هو الرسالة التي يجب أن ننشرها ونتشاركها مع الجميع, بلا استثناء, فهي ليست رسالة اسلامية بين المسلمين فقط, بل رسالة بشرية, وعبرها فقط يكتشف كل منا حقيقته. بل هي بداية طريق الإيمان, ففي القرآن تصريح واضح بذلك "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً", بل إن الهداية لا تكون إلا لمن اتبع هذا الطريق, "يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمت إلى النور".
ولأن حقيقة وجود الإنسان كان السلام, وحقيقة إرتباطه بالأرض كان الإختلاف, فكان من الصعب على البشر تحقيق هذا السلام بسبب إختلافاتهم التي يتدخل بها الشيطان إلا بالكثير من الصبر "سلامٌ عليكم بما صبرتم ", ومن هنا كان أكبر تحدي للبشر هو قدرتهم على تجاوز طبيعتهم الأرضية الممتزجة بالعنف لتحقيق الحقيقة الروحية المرتبطة بالسلام, وأن يتمكنوا من تحقيق هذا في ملعب الأرض ذاتها, التي أهبط إليها آدم يوما ما, وقَبل خوضه لهذا التحدي بالنيابة عنا جميعا, فخضنا معركتنا الأكبر مع الشيطان الذي يتلبس كل من الأرض وأنفسنا ذاتها. إن تورطنا بالعنف وانسياقنا لغريزتنا الشيطانية, التي تستجيب لها أجسادنا الطينية يجعل التحدي فعلا عظيم, وقدرتنا على تجاوز هذا التحدي يحتاج لصبر أعظم, ويحتاج قبل خوضنا في هذا التحدي على ساحة الأرض أن ننتصر أولا على أنفسنا ذاتها, فنخوض معركة "النفس" بنقلها من النفس الأمّارة وصولا إلى النفس المطمئنة القادرة على تحويل طاقتنا البشرية من طاقة تنافر إلى طاقة تجاذب, فنصبح بذلك مغناطيس ضخم للسلام, فنتقبل اختلافتنا ونتجاوز خلافاتنا عبر مجموعة من النماذج التشاركية الإنسانية مثل تبادل المعرفة والحوار والحب والتسامح وغيرها من سبل السلام, وكما قالها الدايلاي لاما يوماً: فـ"السلام لا يعني غياب الصراعات, فالخلافات ستستمر دائما في الوجود, السلام يعني قدرتنا على أن نحل هذه الخلافات بوسائل سلمية, عن طريق الحوار, التعليم, المعرفة, والطرق الإنسانية"
دمتم ودام لنا وطن