
<<مقدمة
لن ندخل هنا في تفاصيل فقهية قد تكون محل اختلاف كثير من العلماء ولكن سنحاول تسليط الضوء على نشأة وتحديات البنوك الإسلامية في ماليزيا حيث أنها أكثر تطورا واقتراح كيفية الاستفادة منها مقارنة بالنظام المصرفي اليمني
تجربة المصارف الإسلامية في ماليزيا
بداء الحديث عن المصارف الإسلامية في ماليزيا في عام 1963 ميلادية عندما بدا الماليزيون المسلمين يهتمون بعمل آلية تقوم بادخار المال لتمكينهم من الحج حيث قاموا بتأسيس منظمة اسمها (تابون حجي) تهتم بادخار المال والاستثمار في طرق تتوافق مع الشريعة الإسلامية لا تدخل فيها الفوائد التي يتم الحصول عليها من البنوك التقليدية بعد نجاح هذا النموذج للادخار الإسلامي برزت العديد من الندوات والمؤتمرات أهمها كان ندوة للبروفيسور (أنجوك عزيز ) بعنوان "تطوير الاقتصاد وفق آلية الحجاج " وبعدها بدا الاهتمام الحكومي بعمل بنوك إسلامية مستقلة ترجم ذلك في عام 1981م بتأسيس هيئة عامة تتكون من عشرين خبير مصرفي لدراسة إمكانية عمل مصارف إسلامية في ماليزيا ورفع النتائج للحكومة وكانت النتائج ايجابية أي أنة يجب عمل قانون مستقل لعمل المصارف الإسلامية تلاه في عام 1983 إقامة أول بنك إسلامي مستقل تحت اسم "بانك اسلام" بعد الأداء المشجع لبنك إسلام رسمت الحكومة الماليزية هدفها في أي تكون ماليزيا من أهم المراكز العالمية للصيرفة الإسلامية فقامت الحكومة في عام 1993 بالسماح للبنوك التقليدية بفتح نوافذ إسلامية وفق اشتراطات معينة وفي عام 1999 تم تأسيس ثاني بنك إسلامي تحت اسم "بنك معاملات" وبعد هذه الفترة تم السماح بإعطاء رخص للبنوك الإسلامية الأجنبية بالعمل في ماليزيا فبداء بنك ألراجحي السعودي وبنك التمويل الكويتي وغيرها من البنوك في فتح فروع والعمل في ماليزيا .
لم يكن النمو في ماليزيا فقط مقتصر على نطاق تأسيس بنوك إسلامية وإنما اتجهوا نحو النمو العلمي لتطوير البحث العلمي في مجال التمويل والخدمات المصرفية الإسلامية فنجد جامعات كثير تتنافس على تدريس المصارف الإسلامية كتخصص مستقل ونجد كثير من الطلاب غير المسلمين يدرسون ويبحثون في مجال الصيرفة الإسلامية بل أن البنك المركزي الماليزي قام بإنشاء جامعة خاصة متخصصة فقط بتدريس البنوك الإسلامية وعمل شهادات ومعايير عالمية ك (سي سي بي)
شهادة المصرفي الإسلامي المعتمد وتعطي أيضا الماجستير والدكتوراه وتقدم عدد كبير من المقاعد المجانية للمتفوقين في هذا المجال وتختص أيضا باعدا كوادر متخصصة تغطي احتياج الجامعات للتدريس في هذا المجال ميزانية الجامعة 700 مليون رنجت أي قرابة 200 مليون دولار هذه الميزانية مستثمرة من قبل البنك المركزي الماليزي والأرباح لتغطية مصاريف الجامعة وحسب كلام المختصين أنهم بدئوا يغطوا كامل احتياجاتهم من الأرباح المستثمرة فيما راس مال الجامعة المعطى من البنك المركزي لازال كما هو.
الاعتراضات على تجربة البنوك الإسلامية في ماليزية كثيرة أهمها وأكثرها شرعية وقليل منها تشغيلية على سبيل المثال الاعتراضات الشرعية
1- مسالة الموافقة الشرعية على إنشاء النوافذ الإسلامية حيث أن البعض يقر انه لا يجوز إنشاء نوافذ إسلامية من بنوك هي أصلا غير إسلامية حيث أن البنوك التقليدية تعتبرها أسلوب تسويقي لجذب المسلمين في ماليزيا
2- مسالة الموافقة الشرعية لوضع معايير يقال بها انه يجوز الاستثمار في مشروع ما حيث أن الماليزيين يقولون
بأنه إذا تم الاستثمار في مشروع نشاطه حلال بنسبة ثمانين بلمية على سبيل المثال فانه يكون حلال شريطة
أن يتم خصم العشرين بلمية من الأرباح والتبرع بها والبعض الأخر يقول انه لا يجوز بأي حال من الأحوال الاستثمار في أي مشروع إلا إذا كانت مية بلمية نشاطه وراس ماله حلال متوافق مع الشريعة.
3- بيع الدين وبيع العينة والمتاجرة بالصكوك وخلق مشتقات هذه كلها مسائل فقهية مختلف عليها أصدر فيها الكثير من العلماء تصاريح قوية بالتحفظ عليها أخرها تصريح تقي الدين الذي يقول أن 85 % من الصكوك لاتتوافق من الشريعة
4- أما أهم الاعتراضات التشغيلية فهي تتعلق بالسماح للبنوك الأجنبية بهذه السرعة للعمل في ماليزيا ولم تكون البنوك المحلية مستعدة بأكملها للمنافسة.
تجربة المصارف الإسلامية في اليمن
بدأت فكرة انطلاق البنوك الإسلامية في اليمن في عام 1980 ميلادية وترجمت عمليا في 1987 ميلادية بإصدار قانون لكن القانون لم يترجم إلى أفعال وظل موضوع إنشاء بنك إسلامي حديث الكثيرين في ذلك الوقت وبعد نجاح الكثير من البنوك الإسلامية في الخليج صدر القانون اليمني في عام 1996 ميلادية على راس البنوك الإسلامية في اليمن حاليا بنك التضامن وبنك سبا الإسلامي اثبتا وجودهما وتعول الحكومة اليمنية على البنوك الإسلامية الأربعة في اليمن في جذب الاستثمارات وروس أموال إلى اليمن لدعم عملية التنمية وحركة الإقراض خاصة في المشاريع التي تقوم بتشغيل اليد العاملة.
أخر تصريحات البنك المركزي انه سيقوم بإصدار الصكوك الإسلامية لأول مره في اليمن في القريب العاجل.أهم التحديات التي تواجه نمو البنوك الإسلامية حاليا هي كالتالي
1- العائلية أي أن هذه البنوك تتبع سياسات عائلية ولا تتبع سياسات مؤسسية تقوم أي أن الأرباح في هذه البنوك وسياسات التشغيل والملكية والاستثمار والعلاقة مع البنك المركزي يحكمها قرارات مجالس إدارة تتبع بيوت استثمارية.
2- الإفصاح المحاسبي وهو مبدءا من مبادئ العمل المالي لأي مؤسسة وهو ما يشكل غموض كبير لدى كثير من الراغبين في الاستثمار في هذه المصارف
3- بعض الاعتراضات الفقهية من قبل بعض العلماء تجاه العمل والآلية في البنوك الإسلامية
4- خلق منتجات جديدة تستطيع التوسع فيها وفتح فروع في الخارج .
5- ربما إلى حد ما الخلط في عمل موسسات هذه البنوك العائلية في العمل المصرفي والعمل الحزبي
6- التفريق بين الفقيه والكادر المهني في العمل المصرفي الإسلامي
7- الحوكمة.
8- دعم البحث العلمي
9- قلة السيولة وراس المال مع كثر الطلب على الإقراض والحاجة إلى دعم المشاريع الصناعية.
10- اهتمام البنك المركزي في عمل البنوك الإسلامية باليمن يكاد يكون بداء لاحقا بشكل طفيف
الأفضل على البنك المركزي اليمني الاهتمام بقطاع الصيرفة الإسلامية بشكل كبير وجعله من أولويات اهتماماته الإستراتيجية وان لا يسمح باندماج البنوك الخليجية في هذه البنوك أو العربية بل يجعلها تدخل البلد كمؤسسات مستقلة لتشغيل عمالة يمنية أكثر ولجعل البنوك الإسلامية المحلية تطور من آلية تشغيلها كي تنافس البنوك الأجنبية الإسلامية الجديدة الداخلة لليمن والقيام بعمل خطة إستراتيجية لنمو البنوك الإسلامية على غرار ماليزيا .
*أ.سليمان عبدالله ناصر
باحث في مجال العلوم المالية والمصرفية
جامعة يو اسم ام كوالا لمبور- ماليزيا
sulimanco@gmail.com