اقتصاد يمني نُشر

معدلات البطالة العربية هي "الأعلى" و"الأسوأ" حول العالم

Image باتت الأزمة المالية العالمية هي محور اهتمام كافة الهيئات والخبراء حول العالم بعد أن أطاحت بكبرى

المؤسسات المالية التي كانت مثالا للانضباط المالي والصمود في السابق وانخفضت معها أسواق المال الأمريكية والأوروبية والآسيوية بمعدلات غير مسبوقة حتى وصفت ـ الأزمة ـ بأنها الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي .
وفي هذا الصدد صدر تقرير مؤخرا عن منظمة العمل العربية يوضح كيف انتقلت الأزمة من النطاق المالي إلى الاقتصاد الحقيقي مع تأثر حجم الطلب العالمي الكلي، وانخفاض حجم الصادرات مما أدى هذا بدوره إلى انخفاض غير مسبوق في أسعار المواد الخام والسلع الصناعية كافة ، مشيرا إلى توقعات المحللون الاقتصاديون من خلال تقرير البنك الدولى لعام 2008 بوصول معدل نمو الناتج المحلى العالمي إلى 0.9% عام 2009 ومن المرجح أن يبلغ معدل النمو في البلدان النامية حوالي 4.5% مقابل 7.9% عام 2007 مع ارتفاع هوامش أسعار الفائدة ، وانخفاض تدفقات رؤوس الأموال ، وهبوط كبير فى حجم الصادرات ، وتباطؤ نمو الاستثمارات فى الدول النامية.
وتناول التقرير الذي نشرته المنظمة على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت الأسباب الحقيقية للأزمة في محاولة لتحصين الاقتصاد العربي من تكرارها، متحدثا عن انفجار فقاعة الرهن العقارى و تورط البنوك الأمريكية في تقديم الائتمان حتى للمقترضين من ذوي الدخول المنخفضة وغير المنتظمة دون الاهتمام بالقدرة المالية للمشترين، أو احتمال تعثرهم، تفشى ثقافة الاقتراض والمضاربة والمديونية التي طالت المستهلكين والحكومات، حيث أصبح الاقتصاد الأمريكي المقترض الأول في العالم .
كما أشار التقرير إلى غياب الرقابة المالية الفعالة على أعمال بنوك الاستثمار، ووكالات التأمين الخاصة، والإهمال الجسيم الذي نسب إلى شركات التقييم المالي التي اتحدت مصالحها مع المقرضين، مما ولد انطباعا بالتواطؤ،إلى جانب انتشار الفساد والاحتيال المالي ،حيث أظهرت الأزمة صورا مختلفة من المضاربات والفساد ، لغياب الوازع الأخلاقي في الأعمال، وكذلك لنشاط الفاسدين في التدليس والغش وراء لافتات من الشفافية والحوكمة، واستغل الفاسدون تعقيدات النظام المالي الجديد وآلياته المعقدة من مشتقات وبيع آجل ، وبيع على المكشوف لتحقيق مآربهم. Image
وحث التقرير كذلك عن استخدام المشتقات المالية التي سماها أحد المختصين الماليين المعروفين "أسلحة الدمار المالي الشامل" لأنها لا تتضمن ـ تجارة المشتقات ـ المتاجرة بأصول حقيقية، وإنما هي عقود متعلقة بتحقق شروط أو أحداث في المستقبل، وهى أقرب للقمار منها للتجارة، ولعل أحد أوضح صور تجارة المشتقات تتعلق بالمضاربة على اتجاه ارتفاع أو انخفاض البورصة، وساهمت عقود المشتقات، التي يقال أنها وصلت إلى ما يزيد على 500 تريليون دولار (أي إلي عشرة أضعاف الناتج الإجمالي العالمي) عام 2008، في زيادة عنف تقلبات الأسواق بدلا من أن تخفف منها. وتشير الاحصاءات، بحسب تقرير منظمة العمل العربية "إلى أن معدل نمو القوى العاملة أسرع من نمو السكان في سن العمل، نظراً إلى زيادة معدلات نمو القوى العاملة من النساء التي تزداد بنسبة تفوق 4% سنوياً.
ويقدر المعدل العام للبطالة بنحو 14% وهو الأسوأ بين جميع مناطق العالم بما فيها أفريقيا جنوب الصحراء، ما يعنى وجود ما يزيد على 17 مليون عاطل من العمل في جميع البلدان العربية في أقل تقدير، ويعنى ذلك وجوب استحداث 4 ملايين وظيفة جديدة سنوياً كي لا تتفاقم معدلات البطالة، ما يتطلب جهوداً مضنية، خلافاً للجهود التي سبق تحقيقها لاستحداث فرص عمل جديدة، بحيث أن المنطقة تبقى ذات المعدلات الأعلى بين الشباب 25%.
وأكد التقرير أن مشكلة المتعطلين من العمل من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية العليا تحدياً خاصاً ويقدّر معدل البطالة منهم بنحو 26.8% في المغرب و19.3% في الجزائر و17.7% في الأردن.
وتحدّث تقرير منظمة العمل عن التحويلات الخارجية والاستثمارات، وأكد أن "الدول العربية تعتمد بصورة ملموسة على تحويلات العاملين في الخارج، وتشكل العمالة العربية 23% من قوة العمل الوافدة إلى الدول العربية المرسلة للتحويلات، وهي في وجه خاص دول الخليج العربية وليبيا.
وتعد مصر واليمن وفلسطين والأردن أهم الدول المرسلة للعمالة العربية إلى دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا، بينما ترسل تونس والجزائر والمغرب عمالها إلى دول الاتحاد الأوروبي بخاصة فرنسا وأسبانيا.
إضافةً إلى تحويلات غير رسمية وتحويلات عينية في شكل سيارات وآلات وأدوات منزلية وملابس وغيرها.
وتفوق هذه التحويلات وبالذات في المغرب العربي ومصر والسودان والأردن ولبنان، إجمالي ما تحصل عليه هذه البلدان من معونات أجنبية، أو استثمارات مباشرة، لذلك فهي ذات تأثير مهم على أداء الاقتصاد الكلي في هذه الدول.
ويتوقع التقرير انخفاض الطلب على العمالة العربية المهاجرة، كنتيجة لتراجع حجم الأعمال في الدول المستقبلة وبالذات في قطاعات التشييد والبناء.
ويعاني العامل العربي في الأسواق الأوروبية من التمييز بحيث أنه آخر من يستخدم وأول من يطرد.
وتشير تقديرات متشائمة إلى إمكان انخفاض العمالة الوافدة إلى دول الخليج العربية بمعدل قد يصل إلى 30% خلال 2009. إلا أن تقديراتنا تنحصر بين 10 و15% نتيجة تراجع حجم الإنفاق الكلي وتراجع الرواج العقاري، ومع ذلك توجد قطاعات كثيرة لن تتأثر.
وتوقع تقرير منظمة العمل العربية أن تتسبب الأزمة العالمية، بتراجع في مستويات التشغيل في الدول العربية، وأن لا تقل الزيادة في عدد المتعطلين من العمل عن 3.6 مليون خلال 2009 – 2010، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية فقط.
وتوقع التقرير أن يبلغ حجم المتعطلين من العمل في 2010 نحو 22.2 مليون كحد أدنى، وبذلك يصبح معدل البطالة 17%.
لكن أعداد المتعطلين من العمل قد ترتفع عن ذلك إذا لم تتخذ إجراءات خاصة لدعم التشغيل ولتجنب تداعيات الأزمة ولصيانة الاقتصادات العربية من مرحلة الكساد، ما يعني أن البلدان العربية مدعوة لإعطاء أولوية إلى جهود التشغيل حتى لا تأخذ الأزمة أوصافاً جديدة فبعد أن كانت مالية ثم اقتصادية ثم أزمة تشغيل قد تصبح أزمة فقر واضطراب.

المصدر : محيط


 

مواضيع ذات صلة :