اقتصاد يمني نُشر

قرارات البنوك المركزية الخليجية تحافظ على توازن النظام المالي

Imageلطالما كان القطاع المالي بطل مسرحية الاقتصاد الوطني، وإذا ما كان أداؤه جيداً صفق له الجميع، في حين إذا  تعثر، بدا ذلك جلياً على الجمهور المتتبع بشغف لأحداث المسرحية، ويحتد انعكاسه السلبي على الفرقة المشاركة في هذه المسرحية، وما تلبث أن تتسلل خيوط التشكيك وعدم الثقة في قدرات بطلها، وعندها، تبرز الحاجة إلى تدخل الهيئة المشرفة على الفرقة ككل ممثلة في البنك المركزي. 

 ومما لا شك فيه، أن الأزمة الراهنة حملت في طياتها أحداثاً وانعكاسات متتابعة، أجبرت البنوك المركزية، على الإعلان عن قرارات وإجراءات سريعة وجريئة، وما نلبث أن ننهي أسبوعاً بإجراء من المركزي، حتى يحل الأسبوع الثاني معلناً عن إجراءات جديدة، وإن تباينت في ما بينها، إلا أن السبب واحد، وهو تداعيات تعثر القطاع المالي.

 ولقد تميز الأسبوع الماضي، بإعلان البنك المركزي الإماراتي، دعوة البنوك المحلية التي تعرضت لخسائر بسبب إقراض «مجموعة سعد» و«شركة أحمد حمد القصيبي» السعوديتين طلب المساعدة من المصرف. وأكد راشد الفندي المدير التنفيذي للعمليات المصرفية بالمصرف المركزي أن هناك ترحيباً بأي بنوك تحتاج إلى عون أو دعم، حيث إن هناك الكثير من الأدوات التي يوفرها المصرف المركزي لهذه البنوك، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن البنوك المحلية المقرضة في حالة جيدة.  

أما البنك المركزي الكويتي فقد دعا البنوك الكويتية إلى مناقشة نتائجها عن النصف الأول من العام مع المركزي، والتعرف إلى مستوى الإنجاز لخطة العمل المقررة لكل بنك، وكذلك الإجراءات التي سوف تتخذها البنوك لتنفيذ الأهداف المخططة حتى نهاية العام، حيث علل الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح محافظ بنك الكويت المركزي، أن هذا الإجراء يدخل في إطار حرص المركزي الكويتي على تحقيق الاستقرار في أوضاع وحدات الجهاز المصرفي والتأكد من استمرارية البنوك في تحقيق الأهداف المخططة بموازناتها التقديرية لعام 2009، ونجاح البنوك في الوصول بنتائج أعمالها إلى ما تم تخطيطه كتوجه إيجابي، بدلاً من الانتظار حتى نهاية العام.  

وأوضح أن إدارات البنوك تقوم بمراجعة خطة العمل السنوية وما تم تحقيقه منها، وهو إجراء دوري معتاد تجريه البنوك ذاتياً عن طريق إداراتها، وقال الصباح إن مناقشة البنك المركزي للبنوك، هي لدعم هذا التوجه لدى البنوك وإرساء هذا المفهوم لما يمكن أن يحققه من نتائج إيجابية.

 وعلى ضوء الإجراءات المتخذة، استطلعت «الرؤية الاقتصادية»، آراء مجموعة من المحللين في المنطقة، لتنقل عن كثب نظراتهم التحليلية، حيث قال عبدالله الحسيني، محلل مالي في سوق أبوظبي إن إعلان المركزي الإماراتي الأخير، يؤكد أن القطاع المصرفي المحلي ككل في حالة جيدة، وهو أحسن مما كان عليه في الربع الأخير من العام 2008، كما أن الوضع المالي داخل البنوك المحلية بدأ في الاستقرار، لأن الخسائر التي تعرضت لها البنوك المحلية خلال هذه الفترة، هي خسائر محدودة مقارنة بأحجام البنوك، وهي في مجملها كانت بسبب الديون المتعثرة.

طبعاً، نتائج الربع الأول كانت منخفضة عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، إلا أنها كانت إيجابية مقارنة بالأداء العالمي.  

وأضاف الحسيني «إن علاقات المركزي الإماراتي مع البنوك المحلية قوية جداً، كما أن عمليات الإقراض التي تقوم بها البنوك المحلية، فيها نوع من المخاطرة، مثل حالة (مجموعة سعد) و(القصيبي) السعوديتين، إلا أنها محكومة من طرف البنك المركزي الإماراتي، إذ لا يجب أن تتعدى عملية الإقراض نسبة 10 بالمئة من رأسمال البنك المقرض».  

وعن الإجراء الذي قام به البنك المركزي الكويتي، قال الحسيني إن اتخاذ هذا القرار من أجل إحكام الرقابة على البنوك الكويتية، لكن يبقى هناك سؤال مطروح، هل يحق للمركزي الكويتي الاطلاع على نتائج البنوك المالية قبل الإعلان عنها رسمياً؟. 

 ويرى مجدي صبري، محلل ومستشار مالي في سوق الكويت، أن ما قام به المركزي الكويتي، هو بغرض تدخل وسيطرة المركزي على البنوك الكويتية.

ومن جهة أخرى، لتفادي ما وقع بسبب «مجموعة سعد» و«القصيبي»، وحتى تكون البيانات التي تقدمها البنوك الكويتية ذات شفافية، من حيث تقييم الأرباح والمخصصات. 

 وحسب صبري، فإن البنك المركزي دائماً يقول إن لديه رؤية أوسع من البنوك المحلية، وهو يتخذ مثل هذه الإجراءات لتفادي وقوع الخطأ القاتل داخل البنوك المحلية، وهذا يدخل في إطار الحيطة والحذر للحفاظ على توازن النظام والجهاز الماليين في الكويت. 

ولكن عموماً، يبقى هذا الإجراء بالنسبة لنا كمحللين ماليين أكثر مما ينبغي.  

وبدوره ألقى حسن كنزو، محلل مالي في سوق أبوظبي باللوم على عدم وجود مراقبين من البنوك المركزية داخل البنوك المحلية، حتى يتمكن «المركزي» من الاطلاع على أي مخالفة يمكن أن تضع البنك المحلي على حافة الإفلاس، ويستطيع إيقاف القروض التي تتعدى الحاجز المسموح به، وبالتالي، سيكون هناك ضبط أكثر للعمل المصرفي. 

 وأشار إلى أنه عادة ما تعلن البنوك عن أرباح وهمية وغير فعلية، حتى تستقطب أكبر عدد من المستثمرين، وهذا يجب إيقافه، لأنها تخدع العميل والمساهمين على حد سواء.  

وأكد فهد العلوش، محلل مالي في سوق الكويت، أنه منذ بداية العام الجاري أصدر المركزي الكويتي تعليمات بخصوص المخصصات، وذلك بسبب الأزمة المالية العالمية، ويأتي هذا الإجراء ليضبط عمل البنوك المحلية التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني. وأضاف «إن هناك أخطاء ارتكبت في الماضي، بسبب ضعف رقابة البنك المركزي الكويتي.

لكن المرحلة الحالية هي حرجة، لأن الاقتصاد الكويتي لا يتحمل هزات متتابعة».  

وذكر أن القروض الشخصية لا مشكلات عليها، لأن لها قوانين واضحة. 

 لكن التحفظات على قروض الشركات، نظراً لضخامة الخسائر التي يمكن أن تنجم عنها، وهي قد تؤدي إلى حالات تعثر وإفلاس، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بشركات العقار والاستثمار والخدمات، فالبنوك لديها تخوف من هذا النوع من الخدمات.  

ووفقاً للدكتور محمد عفيفي، خبير مالي في سوق أبوظبي، فإن إعلان المركزي الإماراتي الأخير، مفاده حقن جرعة طمأنينة للمستثمرين ككل، بحكم أن القطاع المصرفي هو مقترن باقتصاد الدولة ككل. 

 أشار إلى أن المركزي الإماراتي يراقب عن كثب البنوك المحلية، وعلى سبيل المثال، إذا ما تعرضت 3 بنوك محلية كأقصى تقدير، للتدهور بسبب إقراضها «مجموعة سعد» و«القصيبي» السعوديتين، فهذا لن يؤثر على أداء القطاع المصرفي الإماراتي عموماً، خصوصاً أن المركزي مستعد لتقديم يد العون إلى هذه البنوك، حتى لا تسوء الأمور فيها إلى حالة إفلاس، وتتحول إلى نقطة سوداء على جبين البنك المركزي. وحول الإجراء الذي قام به المركزي الكويتي، قال محمد عفيفي إن هذا الإجراء طبيعي وتشتد الحاجة إليه في ظل الظروف الراهنة، ولا شك في أن الهدف منه هو التأكد من كفاية المخصصات التي تتخذها البنوك وفقاً للديون المستحقة، وهي الديون غير القابلة للتحصيل أو حدث فيها تأخير، خصوصاً أن نسبة كبيرة ومتزايدة من الديون في الفترة الأخيرة سامة، وتعاني من مشكلات في التحصيل. 

 وحسب عفيفي «هذا النوع من الإجراءات يساعد على تعزيز الشفافية وإعطاء المصداقية لدى البنوك»، معتبراً أن هذا الإجراء لا يدخل ضمن إطار سيطرة المركزي الكويتي على أعمال البنوك المحلية الكويتية، بقدر ما هو مراجعة لمعالجة القرارات والنسبة التقديرية للمخصصات، مشيراً إلى أن المركزي لن يتدخل إلا في حالة كانت عملية التقدير غير حقيقة وفيها نوع من المبالغة، الهدف منها رفع الأرباح فقط.



المصدر : وكالات 


 

مواضيع ذات صلة :