أدى تفجر الأوضاع الأمنية في مصر إلى شيوع حالة من الهلع بين اليمنيين الذين تدافعوا لشراء الدولار وسحب ودائعهم لدى البنوك التجارية بالعملات الأجنبية، تحسبا لتكرر السيناريو المصري في اليمن، الأمر الذي أدى إلى شح شديد في السيولة النقدية من العملات الأجنبية.
وحذرت أوساط اقتصادية يمنية من أن يؤدي هذا التدافع إلى تراجع الريال اليمني أمام الدولار بشكل كبير في حال استمرار هذه الأوضاع في المنطقة، مما يهدد بارتفاع كبير لأسعار السلع في اليمن وبالتالي إلى انتفاضة شعبية ضد الغلاء.
وحملت الأوساط البنك المركزي مسؤولية تهاوي قيمة الريال وذلك لامتناعه عن تزويد البنوك التجارية بما يكفي من العملات الأجنبية في مقدمتها الدولار لتغطية الطلب المتزايد.
الباحث الاقتصادي سعيد عبد المؤمن يرى أن استمرار البنك المركزي في هذه السياسة من شأنه أن يؤدي لتشكل سوق سوداء ستؤدي بالتالي إلى خفض كبير للريال اليمني وإضعاف كبير لقوته الشرائية.
وفي معرض حديثه الذي بثه موقع « الجزيرة نت » حث عبد المؤمن البنك المركزي على القيام بإجراءات ثقة تحافظ على قيمة الريال وتمكّن الناس من الوصول لمدخراتهم بالعملة الصعبة بشكل طبيعي، وكذا مد السوق بما يحتاجه من عملات صعبة.
تراجع العملة تهدد الأمن
وبدوره حذر الخبير الاقتصادي محمد جبران من سقوط النظام اليمني بصورة غير متوقعة إذا تدهورت العُملة اليمنية، مؤكدا أن الناس شجعاء الآن للتحرك ضد الحكومة بعد أحداث تونس ومصر.
«
خبير اقتصادي : نحذر من تدهور العملة اليمنية لما ستعكس نتائج ذلك لدى الشعب الذي أصبح شاجعا بعد أحداث مصر وتونس
» |
ونبه في حديث للجزيرة نت إلى أن 90% من حاجات اليمن الغذائية والدوائية والملبوسات تستورد من الخارج وتسدد قيمتها بالعملات الأجنبية، وبالتالي فإن أي انخفاض للريال اليمني سيترتب عليه ارتفاع كبير لأسعار السلع في الأسواق اليمنية.
واعتبر جبران أن توقف البنك المركزي عن ضخ العملة للبنوك التجارية سيهدم ما بناه الخبراء الاقتصاديون بالتعاون مع البنك في منتصف عام 2010 والذي أدى إلى استقرار الريال.
«وأضاف أن اليمن بحاجة لوضع مستقر لأن ظروفه تختلف عن مصر وتونس، مشيرا إلى أن اليمن فيه متربصون -في إشارة للحوثيين والقاعدة- يترقبون انفجار الوضع ليوجهوا هجماتهم للنظام، الأمر الذي يتهدد الأوضاع في اليمن » بصورة كارثية.
وكان مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قد حذر من تهاوي العملة اليمنية إثر امتناع البنك المركزي من تزويد البنوك التجارية بالعملات الصعبة.
وذكر المركز في بيان له أن مصادر في البنوك المحلية أكدت امتناع البنك المركزي عن تزويدها بمزيد من العملات لا سيما الدولار.
ونقل البيان عن مواطنين قولهم إن البنوك التجارية رفضت السماح لهم بسحب مبالغ مالية بالدولار الأميركي من حساباتهم الشخصية أو التجارية.
آلية ناجحة
من جهته قلل الخبير المصرفي نبيل المدعي من التوقعات التي يحذر منها بعض الاقتصاديين ومراكز الدراسات، مشيرا إلى أن الآلية التي يتبعها البنك المركزي ساعدت على استقرار صرف الريال خلال الأشهر الماضية.
وأوضح للجزيرة نت أن مخاوف الناس ليست في محلها، مؤكدا أن حقوق المودعين في مأمن ولا تتأثر بالبيئة والأحداث السياسية الجارية.
ونفى المدعي وهو نائب المدير العام للعمليات المصرفية ببنك اليمن الكويت تراجع الريال خلال الفترة المقبلة طالما استمر البنك المركزي في إتباع الآلية النقدية الجديدة.
وتتضمن تلك الآلية تغطية البنك المركزي احتياجات البنوك من الدولار مقابل الاستيراد وتحجيم عمل شركات الصرافة وتحكمه في سعر الصرف بخلاف السياسة القديمة حيث كان يأخذ المركزي التسعيرة من الصرافين.
البنك المركزي ينفي
من جانبه نفى البنك المركزي اليمني ، أن يكون قد رفض تزويد البنوك التجارية خلال الأيام القليلة الماضية بمزيد من العملات الأجنبية لاسيما الدولار، أو أن يكون ألزم تلك البنوك بمنع صرف العملات الأجنبية لعملائها بعد اتجاه كثير من المودعين الأسبوع الماضي لكسر ودائعهم لدى البنوك تخوفا من أي أعمال شغب أو مظاهرات عنيفة كما حدث في بعض الدول العربية.
واعتبر مصدر مسئول في المركزي تلك الأنباء عارية تماما عن الصحة ، مستغربا إقدام مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي –غير الحكومي على نشر مثل هذه المزاعم ونسبها إلى ما أسماه «شكاوى تلقاها من مواطنين» دون التحري عن مدى صحتها أو أن يكلف حتى أحد موظفيه بالاتصال بأقرب بنك للتأكد منها قبل ترويجها.
وقال ، إن مركز الدراسات الاقتصادي -الذي وزع بيان صحفيا الأحد الماضي وحذر فيه من انهيار العملة الوطنية الريال نتيجة ما قال انه امتناع البنك المركزي عن تزويد البنوك بالعملات الأجنبية- هدف لخلق زوبعة قد تنعكس بآثارها السلبية على استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية الذي تتميز به السوق المحلية في الوقت الراهن. مؤكدا بأن القانون يضمن لعملاء البنوك السحب والتحويل من أرصدتهم دون أية قيود.
ولفت إلى أن مثل هذه الكبوات تتنافى وطبيعة أهداف أي مركز اقتصادي للدراسات والذي لا يمكنه أن يبني دراساته أو يصدر مثل هذه البيانات المستندة على إشاعات.