وتشير التقديرات الأولية إلى أن التغير المناخي يكلف الاقتصاد العالمي مئات المليارات من الدولارات نتيجة تبدل أحوال الزراعة وتلوث الهواء والكوارث المناخية المتتالية، كما أن هذه الخسائر مرشحة للزيادة في حال تجاهل مكافحته واستمرار تخطي الأرض حدودها الكوكبية.
ما الحدود الكوكبية؟
تُعرف الحدود الكوكبية بأنها 9 عمليات حيوية كبرى تنظم استقرار النظم البيئية للأرض وتحدد المساحة الآمنة التي يستطيع البشر العيش بها، ويعني تجاوز هذه الحدود انهيار الأنظمة الطبيعية التي يعتمد عليها الاقتصاد والصحة والغذاء والمياه.
ويقول تقرير حديث للبنك الدولي إن الأرض تجاوزت 6 من أصل 9 حدود كوكبية، وهي تغير المناخ بجانب فقدان التنوع البيولوجي، وتلوث النيتروجين والفوسفور، وتغير استخدام الأراضي، واستنزاف المياه العذبة، والتلوث الكيميائي.
ولا يعد تغير المناخ حداً كوكبياً منفصلاً، لكنه عامل ضغط يزيد من خطر تخطي الحدود الأخرى.
ويتبقى للأرض 3 حدود لم تتجاوزها بشكل كامل وهي طبقة الأوزون وتحمض المحيطات وتركيز الجسيمات الدقيقة في الغلاف الجوي.
ويضغط التغير المناخي بشدة لتجاوز بقية هذه الحدود، فمثلاً حد تحمض المحيطات سيسهم ارتفاع درجات الحرارة المتتالي في ذوبان المحيطات ويزيد تحمضها، ما يقرب من تخطي هذا الحد.
خسائر التغير المناخي
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن التغير المناخي تسبب في خسائر فادحة في مجال الزراعة بسبب فقدان الغابات وانخفاض الأمطار وتدهور التربة، إذ بلغت تكلفتها السنوية 379 مليار دولار أي ما يعادل 8% من الناتج الزراعي العالمي.
ويقدر البنك الخسائر التي حدثت في منطقة الأمازون بنحو 14 مليار دولار سنوياً، وهي خسائر تتعلق بالنمو الاقتصادي بسبب فقدان الأمطار الناتجة عن إزالة الغابات.
وأسهم تلوث الهواء وتغير المناخ معاً في وفاة 5.7 مليون شخص سنوياً، ما يخفض الإنتاجية والنمو.
بينما أسهمت موجات الجفاف والفيضانات الناتجة عن تغير المناخ في مضاعفة خسائر البنية التحتية والإنتاجية في الدول منخفضة الدخل.
ويقدر البنك الدولي بأن التلوث بالنيتروجين المرتبط بالزراعة وانبعاثات المناخ يكلف الاقتصاد العالمي حتى 3.4 تريليون دولار سنوياً.
التغير المناخي فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي
ويرى البنك الدولي أن التغير المناخي يمكن أن يكون فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي باتجاه أكثر إنتاجية وصحة وعدالة، إذ إن الدول التي تستثمر في الحلول الخضراء وتبني صناعات داخل الحدود البيئية ستكون الأكثر استفادة.
ويمكن للانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة أن يخلق قطاعات جديدة ويوفر ملايين الوظائف، كما أوضح التقرير أن القطاعات قليلة التلوث تخلق وظائف أكثر لكل دولار مستثمر مقارنة بالقطاعات الملوثة.
ويفتح التغير المناخي الباب لقطاعات جديدة مثل الزراعة الذكية والنقل الكهربائي والبناء المستدام وإعادة التدوير، كما يمكن للتحول المناخي أن يدفع للاستثمار في التكنولوجيا الخضراء مثل الهيدروجين الأخضر، والزراعة الدقيقة والرقمنة في تتبع الانبعاثات.
ويقول البنك الدولي إن التحول الأخضر فرصة لتطوير اقتصادات أكثر تعقيداً وتنافسية بدل الاقتصادات المعتمدة على المواد الخام.
سي ان ان الاقتصادية