مصارف وشركات نُشر

تقرير: 353 مليار دولار قيمة المشاريع النفطية الخليجية

بين تقرير شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) أن أسعار النفط المرتفعة واستقرار مستويات إنتاجه، أسهما في تحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة. لافتاً إلى أن إيرادات قطاع الطاقة استمرت في الاستحواذ على الجزء الأكبر من إيرادات دول الخليج، على الرغم من أن هذه الدول تبذل جهوداً حثيثة في التنويع الاقتصادي لتطوير قطاعاتها الاقتصادية غير النفطية.

واوضحت «جلوبل» أن دول الخليج ركزت على زيادة إنتاجها النفطي عن طريق إضافة منتجات جديدة متنوعة إلى العروض التي تقدمها لتواصل الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط في الفترة السابقة. وتقدر «جلوبل» قيمة المشاريع المزمع تنفيذها في قطاع النفط الخليجي حتى يومنا هذا بقيمة 353 مليار دولار. وبالرغم من هذا السيناريو المتفائل، مازال تأجيل تنفيذ هذه المشاريع أو إلغاؤها يؤثران سلباً على الأسواق.

واشارت إلى أنه بعد تسجيل ارتفاع تجاوزت نسبته 25 في المئة في 2010، فإن أسعار النفط واصلت التحرك في الاتجاه نفسه مسجلة ارتفاعاً اخر بنسبة 26.2 في المئة في 2011. وفي ما يتعلق بتوقعات النفط العالمية للعام 2012، فهي ليست واضحة على الإطلاق إذ تبدو عوامل الاقتصاد الكلي، والأوضاع الجغرافية السياسية، وعوامل العرض/الطلب، جميعها تتحرك في اتجاهات مختلفة. موضحة أن الاضطرابات الاقتصادية تتسبب في عدم استقرار الطلب على النفط، كما أن تباطؤ النمو الاقتصادي يؤثر سلباً على أنشطة التصنيع في جميع أنحاء العالم.

وانتقل ضعف الطلب على النفط إلى كل من الصين، والهند، ما أدى إلى مراجعة التوقعات لنمو الطلب على النفط في البلدين خلال العام المقبل إلى الانخفاض. وتوقعت أن تشهد مناطق أخرى تباطؤاً اقتصادياً، من ضمنها البرازيل، إضافة إلى العديد من الاقتصادات في أميركا اللاتينية، مرجحة احتمال حدوث تقلب في أسعار النفط، وأن يبقى متوسط أسعار النفط في 2012 عند ذات المستوى المسجل في 2011.

في المقابل، توقعت «جلوبل» أن تتصدر السعودية أسواق المنطقة باستثمارات جديدة تبلغ قيمتها 215 مليار دولار، لاسيما وأن المملكة تمتلك حاليا ما يقارب 147 مشروعاً في قطاع الصناعات البتروكيماوية تعتزم تنفيذها في الفترة المقبلة، وتبلغ قيمة هذه المشاريع مجتمعة 215 مليار دولار.

وتركز هذه المشاريع بشكل كبير على أنشطة استكشاف النفط والغاز، ومن أهمها مشروع مجمع ينبع المتكامل لتكرير البتروكيماويات، وهو حالياً في مرحلة الدراسة، وخصصت له ميزانية تقدر بقيمة 20 مليار دولار، إضافة إلى مشروع آخر مهم، وهو مشروع مصفاة جازان والذي وضعت له ميزانية بقيمة 7 مليارات دولار.

كما توقعت «جلوبل» أن تحتل الإمارات المرتبة الثانية في قائمة المشاريع البتروكيماوية بعدد مشاريع، بلغ 166 مشروعا يقدر إجمالي قيمتها بنحو 98 مليار دولار. وتركز هذه المشاريع بشكل كبير على أنشطة استكشاف النفط والغاز، ومن أهم هذه المشاريع المقبلة، مشروعا «تكامل» و«مدينة الغربية للكيماويات» اللذان ما زالا حالياً في مرحلة التخطيط، وتقدر ميزانيتهما بنحو 20 مليار دولار، بالاضافة إلى مشروع «زادكو» والذي وضعت له ميزانية تقدر بقيمة 10 مليارات دولار.

وكشف تقرير «جلوبل» أن دول الخليج تعاني نقصا في مادة «الإيثان» والتي تعتبر منذ زمن طويل المادة الأولية الأساسية للمصانع البتروكيماوية، نظراً لتزايد الطلب المحلي عليها لدعم صناعات أخرى، أهمها الطاقة، والصلب، والألمونيوم. علاوة على ذلك، تعمل دول المنطقة على تطوير سياساتها لتعطي الأولوية لاستخدام الغاز المحلي بدلاً من تصديره، والتوقف تدريجياً عن دعم أسعاره، والمواءمة بين أسعار الغاز الطبيعي المحلي وبين أسعار الغاز المصدّر.

وأكد التقرير أن بعض مالكي المشاريع البتروكيماوية يتجهون للابتعاد عن إنتاج البتروكيماويات القائمة على الإيثان والموجهة إلى التصدير، لذا فهم يعملون على وضع خطط بهدف إنتاج مجموعة واسعة من الكيماويات الخاصة ذات القيمة العالية لاستخدامها في صناعات السيارات، والمنسوجات، والالكترونيات، والبناء والتشييد، والزراعة، والصناعات الدوائية.

أما في شأن شركات الأسمدة الخليجية، فتوقعت «جلوبل» أن ينمو إجمالي الطاقة الإنتاجية للأسمدة في دول الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 16.4 في المئة خلال الفترة ما بين عام 2009 و2013، كما توقعت أن يأتي الجزء الأكبر في التوسع في الطاقة الإنتاجية البالغ 13.3 مليون طن من السعودية، تليها عمان وقطر.

وعزت «جلوبل» التوسعات الكبرى في السعودية وقطر بصفة أساسية إلى توافر إمدادات مستمرة من مواد خام الغاز بأسعار مدعمة جداً، واستمرار وجود فجوة في الطلب والعرض في الأسواق الآسيوية وفي أسواق الشرق الأقصى، بالاضافة إلى توقعات بأن يبقى متوسط أسعار منتجات الأسمدة مرتفعاً، موضحة أن هذه العوامل ستؤدي إلى استمرار نمو قطاع الأسمدة الخليجي ليستقر هامش إجمالي أرباحه عند 68 في المئة بين 2011 و2013.

وتوقع التقرير كذلك أن ينمو إجمالي الطاقة الإنتاجية للصناعات البتروكيماوية في دول الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 2.9 في المئة بين عام 2011 و 2013، وأن تأتي معظم الطاقة الإنتاجية من السعودية تليها قطر. ومن ناحية النمو، توقعت «جلوبل» أن تنمو أعمال توسعة الطاقة الإنتاجية في قطر بمعدل سنوي مركب يبلغ 13.4 في المئة خلال الفترة نفسها، مما سيؤثر إيجاباً على زيادة السعة السوقية في دول منطقة الخليج لتصل إلى 14.2 في المئة في 2013 بالمقارنة مع 10.3 في المئة في 2010.

في المقابل، رأت «جلوبل» أن الأسواق الناشئة تحولت أكثر إلى محفزات نمو في الاقتصاد العالمي نظراً لأن الأسواق المتطورة والمتقدمة تواجه نمواً بطيئاً بل وسلبيا. وينطبق هذا بشكل خاص على الصناعات البتروكيماوية، التي تعتمد على الأسواق الناشئة في آسيا وغيرها، حيث تستوعب الطاقات الجديدة نظراً لبدء تشغيل المزيد من الطاقات في السنوات القليلة المقبلة. كمار رأت أن جزءاً كبيراً من نمو الطلب في المستقبل سيأتي من هذه المنطقة مما سيتيح لقطاع الصناعات البتروكيماوية الخليجي إيجاد سوق جاهز لاستيعاب منتجاته.

وعلى الرغم من أن أميركا قد خرجت تدريجياً من الركود الاقتصادي إذ كانت الأرقام الاقتصادية مشجعة للغاية، فإن «جلوبل» توقعت أن يكون الطلب من هذه المنطقة أفضل منه في السنوات السابقة. في حين توقعت أن يكون هناك إمكانية أكبر لحدوث تباطؤ اقتصادي في أوروبا يؤدي إلى ركود، مما سيلقي بظلاله على الطلب على المنتجات البتروكيماوية.

ولفت التقرير إلى أن عمليات التوسع في الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات في الأسواق المتطورة، تراجعت خصوصاً في الولايات المتحدة، منذ مطلع القرن العشرين. وارتفع متوسط أسعار الغاز الطبيعي الذي بلغ دولارين للمليون وحدة حرارية بريطانية خلال فترة التسعينات، إلى أكثر من 13 دولاراً للمليون وحدة حرارية بريطانية في 2008، كما بلغت نحو ستة دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية خلال العقد الحالي. وفي الوقت الذي استقرت فيه أسعار النفط عند مستوى أعلى من 70 دولاراً للبرميل، ارتفعت معه أيضا أسعار المزيج البترولي.

نتيجة لذلك، تجد معامل تكرير النفط الأوروبية والأميركية صعوبة أكبر في التنافس مع معامل الشرق الأوسط ذات التكلفة المنخفضة. ونظرا لأن المنتجات البتروكيماوية منتجات سلعية أساسية، فإن سعرها غالباً ما يكون العامل الأكثر تمييزاً، مما يتيح للمنتجين ذوي التكلفة المنخفضة التميز عن المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة. متوقعة أن يتم إيقاف الإنتاج في الأسواق المتطورة مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إذ تسعى الشركات باستمرار إلى خفض إنتاجها لتكون أكثر تنافساً مع المنتجين ذوي التكلفة المنخفضة.
 
زاوية

 

مواضيع ذات صلة :