حوارات نُشر

رئيس جهاز الأمن القومي: لن نسمح بوجود مافيا الاستثمار

أكد رئيس جهاز الأمن القومي الدكتور/علي حسن الأحمدي أن المناخ الآمن في اليمن مشجع على الاستثمار، وأن اليمن لم تكن بيئة طاردة، وفي حديثه لـ«الاستثمار»، أوضح الأحمدي أنه كانت هناك بعض الأخطاء التي لن يسمح بتكرارها.

في يناير الماضي فتحتم نافذة إعلامية كانت مغلقة بين الأمن القومي ووسائل الإعلام المختلفة، فهل سيمتد ذلك إلى شراكة عملية في تبادل المعلومات وتدفقها بين الطرفين، وماهي القنوات المفتوحة لهذا الاتصال؟

 

-للصحفييين وللإعلام بشكل عام دور هام في مختلف مجالات الحياة سواءً السياسية أو الاجتماعية أو الأمنية أو الاقتصادية وغيرها من المجالات، حيث يمثل الإعلام السلطة الرابعة لأي نظام حكم ديمقراطي، وهو الواجهة الأولى التي تعكس طبيعة الحياة في أي بلد وكذا سياسة وتوجهات أي حكومة، كما أننا نرى في الإعلام منبر النقد البناء للوقوف على أي أخطاء قد تحدث، وذلك إذا ماروعي فيه المهنية والحيادية.

 

ونحن نطمح إلى أن تصبح علاقة الإعلام بالأجهزة الأمنية علاقة شراكة هدفها تلبية مطالب الرأي العام.

 

من تقرير مرفوع من الجهاز إلى دولة رئيس الوزراء حذرتم من مغبة قدوم اليمن على أزمة غذائية، ماهي ملامحها وكيف ستواجهونها في حال حدوث غضب شعبي؟

 

-يعرف الجميع أن الغذاء هو أول مقومات الحياة، وإذا لم يتمكن الإنسان من الحصول عليه بأسهل الطرق فإن الحقوق الأخرى لن تتوفر، وسيؤدي ذلك إلى اضطرابات واختلال في الأوضاع الأمنية لأي بلد، ولذلك فإن الأمن الغذائي يمثل أحد أهم متطلبات الأمن القومي بمفهومه الشامل والاستراتيجي، وفي بلادنا فإن منظومة الأمن الغذائي تقوم على مرتكزات ومحددات أهمها الناتج المحلي وبالأخص الزراعي والثروة السمكية وإجمالي الاستيراد العام والمخزون الاحتياطي الاستراتيجي من السلع والاحتياجات الضرورية التي تحظى بأولوية مطلقة لدى الكثير من الدول والحكومات وتفرض عليها وضع السياسات والآليات والبرامج الكفيلة بديمومة مصادر الأمن الغذائي.

 

وفيما يخص التحذير من احتمالية حدوث أزمة غذائية في بلادنا فإن أبرز ملامح هذا الأمر تتمثل فيما أشارت إليه المعلومات والدراسات المتخصصة حول وجود حوالي «12.5٪» من السكان يعيشون تحت خط الفقر الغذائي المقدر بمبلغ «3.756»ريال، وبما يعادل «17»دولارا أمريكيا شهرياً للفرد الواحد، وبهذا المبلغ لايستطيع الفرد توفير احتياجاته الغذائية اليومية، كما أن بلادنا تحتل المرتبة الـ«74» من عدد «84»بلداً في المؤشر العالمي للجوع، الأمر الذي قد ينذر بخطورة الوضع وإمكانية تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي، ومما يفاقم من هذه الحالة أن بلادنا تعتبر من البلدان المعتمدة في تلبية احتياجات السوق المحلي من السلع الاستراتيجية ومنها الحبوب بأنواعها على الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى عدم امتلاك بلادنا أي انتاج سواءً كان نفطيا أو غيره، يمكن من خلاله تحقيق التوازن في نسب ارتفاع أسعار السلع المستوردة مع نسب ارتفاع السلع المنتجة في بلادنا والمصدرة إلى الخارج، وهو ما يشكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد الوطني، ويضاعف من المشكلة الاقتصادية التي تعانيها البلاد والتي تعد الأساس للكثير من المشاكل والقضايا التي تهدد الأمن القومي للبلدان ومنها اليمن، خصوصاً في ظل شحة الموارد المالية اللازمة لإنتاج الغذاء، والافتقار إلى التقنيات الحديثة المتطورة في المجال الزراعي وارتفاع عبء الدين الخارجي وخدماته، بالإضافة إلى تراجع مساحة الأراضي الزراعية أو القابلة للاستصلاح الزراعي بسبب توسع دائرة ومساحة الأراضي المزروعة بالقات والذي يشكل أحد أهم التحديات والتهديدات للأمن الغذائي والقدرات الاقتصادية للبلاد، حيث يستنزف مايزيد عن «250»مليار ريال سنوياً ويتسبب في إهدار مايزيد عن «27٪» من دخل الفرد والأسرة.

 

وبالرغم من ذلك كله فإننا على يقين بالله وأن حكومة بلادنا تمتلك الرؤية الاقتصادية التي يمكن من خلالها تفجير طاقات المجتمع لخدمة التنمية وتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي والزراعي والسمكي والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لتجاوز أي تحديات قد تنذر بأزمة غذائية في بلادنا، 

 

الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة غير متوفرة في اليمن بسبب إرهاب سياسي واختلالات أمنية مرتبطة بعصابات ومافيا متسترة بقيادات عسكرية وأمنية ماتصوركم لهذا الوضع؟

 

-لاشك أن الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة، وفي بلادنا وفي حقيقة الأمر فإن الواقع وخاصةً خلال هذه المرحلة والتي شهدت تحسناً ملحوظاً في الأوضاع الأمنية عما كان عليه خلال الأعوام السابقة يؤكد أن هذه البيئة متوفرة إلى حد كبير، وفيما يخص بعض الحوادث في بعض المحافظات فإن ذلك لايعني عدم توفر هذه البيئة، فمثل هذه الحوادث تحصل في الكثير من الدول ومنها دول تحتضن استثمارات كبيرة، وهنا نؤكد أن بلادنا لن تسمح بوجود عصابات أو مافيا متسترة بحسب ماورد في السؤال والتي قد تعمل على التأثير على البيئة الاستثمارية، وسيتم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتأمين العملية الاستثمارية وتهيئة البيئة اللازمة لها.

 

ماهو تقييمكم لتهديد الإرهاب للاستثمار والاقتصاد في اليمن بلغة الأرقام؟

 

-تهديدات الإرهاب لاتقتصر فقط على الاستثمار بل تشمل العديد من المجالات والمناحي في أي دولة قد يسعى الإرهاب لتنفيذ مخططاته فيها، وبالرغم من أن اليمن ليست الوحيدة التي عانت من الإرهاب إلا أنها من أول الدول التي تضررت منه وبشكل مباشر، ولعل أبرز أوجه تلك المعاناة التأثيرات السلبية على الاقتصاد الوطني جراء العمليات الإرهابية ومنها التي طالت ناقلة النفط الفرنسية «ليمبرج» في ميناء الضبة بتاريخ 6/10/2002م، والمدمرة الأمريكية «كول» في عدن بتاريخ 12/10/2000م، واستهداف واختطاف عدد من السياح، والتي كان لها أثر سلبي مباشر من خلال زيادة التأمين على السفن الواصلة إلى الموانئ اليمنية في حينه لتصل إلى نسبة «300٪» وتراجع الاستثمار السياحي بشكل كبير، كما تشير التقارير الاقتصادية إلى تراجع معدل نمو الاستثمار الحكومي خلال العام 2011م إلى مانسبته «26٪» وهو العام الذي تمكنت فيه عناصر القاعدة من السيطرة على عدد من المديريات في محافظتي أبين وشبوة وكان لذلك أثر مباشر على العملية الاقتصادية، وبالرغم من ذلك فإننا نعود ونؤكد أن حقيقة الأوضاع حالياً في بلادنا تبشر بخير والوضع الأمني مشجع بشكل كبير على الاستثمار، ونعدكم أن كافة الأجهزة العسكرية والأمنية المختصة لن تألوا جهداً في توفير المناخ الآمن للاستثمار، ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نمواً يتراوح بين «4-4.8٪» حتى نهاية عام 2016م، ومن المتوقع تحقيق نمو اقتصادي خلال العام 2013م بواقع «6.6٪» في حال استمرت الدول المانحة بالوفاء بتعهداتها في اجتماعات الرياض ونيويورك ولندن.

 

خلال ثلاثة عقود عرفت اليمن ببيئة طاردة للاستثمار بسبب فرض مبدأ الشراكة على المستثمرين مقابل الحماية الأمنية والعسكرية ماهو دوركم في تصحيح هذا الوضع؟

 

-الإجابة على هذا التساؤل هي امتداد للرد على التساؤل السابق لأن الحماية الأمنية للاستثمار مسؤولية كافة الأجهزة العسكرية والأمنية المختصة، كما أنها مسؤولية مشتركة مع المجتمعات المحلية التي تتواجد فيها هذه الاستثمارات، وللتوضيح فإن اليمن لم تكن بيئة طاردة للاستثمار بالمعنى المقصود من هذه العبارة، وإنما كانت هناك بعض الأخطاء الشخصية التي كان لها الأثر السلبي على البيئة الاستثمارية، وهنا نؤكد أن مثل هذه الأخطاء لن يسمح بتكرارها ليس من قبل الأمن القومي كأحد المؤسسات الأمنية فقط ولكن من قبل المجتمع بمختلف شرائحه التي تضررت مصالحها جراء بعض التصرفات الخاطئة واللامسؤولة من قبل بعض الشخصيات النافذة.

مجلة الاستثمار  العدد 45


 

مواضيع ذات صلة :