جدل وتحقيقات نُشر

تهريب الأدوية في اليمن .. مصدر تهديد للصحة العامة

تشير دراسات حديثة إلى أن نسبة الأدوية المهربة التي تدخل الأراضي اليمنية توازي إلى 60% من جملة الاستيراد الرسمي للأدوية ، فيما يبلغ الحجم المقدر للاستيراد غير الرسمي للأدوية ما بين 37-50 % من حجم المعروض الكلي بالسوق.
لعل ما يبدو مصدر احباط كبيراً هو تنامي وجود مبررات لتهريب الدواء، والذي يعزوه البعض إلى عجز السوق المحلية عن تغطية كثير من الأدوية الأساسية.
ولطالما ظلت ظاهرة تهريب الأدوية في اليمن أحد القضايا المقلقة والخطيرة على المستويين الرسمي والشعبي على حد سواء.
الغريب في الأمر أن الأدوية الأساسية كالمهدئات وعلاجات أمراض القلب وغيرها لا تتوفر بوزارة الصحة كما لا يُسمح باستيرادها، وليس للشركات المنتجة لهذه الأدوية وكلاء رسميون في اليمن، ولذلك يقوم البعض بتهريب مثل هذه المنتجات من الأدوية.
خلال العام 2008 وصل إجمالي الأصناف الدوائية المهربة التي تصل السوق اليمنية قرابة 176 صنفاً كما رصدت الهيئة العليا للأدوية وجود 46 صنفا دوائيا مزوراً يتم بيعه في السوق اليمني.. ترى جمعية حماية المستهلك أن هذا العدد يصل إلى 291 صنفا.

تعقب الأدوية المهربة

وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى من بين الدول التي يتم تهريب الأدوية منها إلى اليمن بواقع 73 صنفا، تليها جمهورية مصر العربية بواقع 67 صنفا، وحسب إفادات صيادلة فإن غالبية الأدوية المزورة التي يعج بها السوق اليمني اليوم هي من الهند والصين.
تكمن خطورة الأدوية المهربة والمزورة في كونها تتحول إلى مواد سامة وخطيرة على صحة الإنسان، نظرا لفقدانها فعاليتها بعد تعرضها -خاصة الأمصال واللقاحات- إلى ظروف تخزين سيئة.
وفي دراسة للدكتور عبده شديوة فإن أخطار الأدوية المهربة والمزورة، تكمن في حدوث مضاعفات صحية منها الفشل الكلوي وأمراض الجهاز الهضمي وجهاز المناعة ولعل أخطرها السرطان.
بالنسبة للدكتور عبد الكريم يحيى راصع وزير الصحة والسكان فقد أكد مراراً جدية الحكومة في محاربة ظاهرة الغش التجاري والتقليد والتهريب لكونها تطال الأغذية والأدوية ومختلف السلع، وتعتبر من أهم مصادر تهديد الصحة العامة.
وفي مارس 2008 أعلن الوزير راصع التزام الحكومة بإصدار قانون الصيدلة والدواء الذي قد تصل عقوبات تهريب الدواء المقررة فيه إلى حد الإعدام.

نقيب الأطباء والصيادلة: الحكومة ليست جادة فـي مكافحة تهريب الأدوية

يقول رئيس نقابة الأطباء والصيادلة الدكتور عبد القوي الشميري إن تهريب الأدوية ظاهرة مقلقة وتشكل تهديدا لحياة الناس إلا أن المقلق أكثر في رأيه هو الفساد الحكومي.
وقال الشميري «إن القوانين ليست هي المشكلة، فما هو موجود من القوانين واللوائح والأنظمة السارية كافٍ لحل المشكلة «ويمكن مكافحة عمليات تهريب الدواء بكل بساطة إذا ضبطت الأجهزة الحكومية المنافذ البرية والبحرية والجوية عبر إدارة سليمة ونزيهة».
ويرى نقيب الأطباء والصيادلة أن الحكومة غير جادة في محاربة تهريب الأدوية «لأن المهربين هم جزء من السلطة» مشيراً إلى أن التهريب يتم من المنافذ الرئيسة للبلاد وأن متنفذي السلطة هم الذين يسهلون وصول المواد المهربة «وهم أنفسهم التجار الذين يملكون شركات الدواء».
وأوضح الشميري انه إذا وجد التوجه الحقيقي لمنع التهريب من قبل الصحة بحزم «فإن ذلك سيحد من ظاهرة تهريب الأدوية وسيمنع من تسرب المخدرات لدول الجوار».

التهريب في 2008

ضبطت الهيئة اليمنية العليا للأدوية والمستلزمات الطبية خلال العام 2008 أكثر من 170 حالة تزوير وتهريب للأدوية عبر مختلف منافذ الجمهورية.
وأوضح تقرير صادر عن إدارة الرقابة والتفتيش الدوائي بالهيئة أن الهيئة سجلت بمطار صنعاء الدولي 155 حالة تهريب وتزوير أدوية متنوعة, جلبها عدد من المسافرين، بينها 715 ألف قرص مخدر.
فيما رصد منفذ حرض البري 15 حالة تهريب دوائي, بلغت كمية الدواء فيها طنين و 375 كيلوجرام, توزعت ما بين أدوية الضغط والصرع والحساسية والسكر والحمى والقرحة والسمنة وأمصال ضد السعار وهرمونات أنثوية محظورة.
في حين ضبط فرع الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بمحافظة الحديدة مجموعة من الأدوية المهربة والمزورة, تم مصادرتها بالتنسيق مع نقطة كيلو 16 الأمنية.
وحسب التقرير يوجد 16 صنفاً غير مطابق لمواصفات دساتير الأدوية من إجمالي 171 صنفاً دوائياً تم سحبها كعينات عشوائية من صيدليات مختلفة بأمانة العاصمة والتحقق من صلاحيتها بعد الإستيراد ومطابقتها للمواصفات الدوائية.
وأشار التقرير إلى أن الأصناف الـ 16 مصنفة ضمن الأدوية الهامة التخصصية لمختلف الشركات الدوائية المحلية والعربية والأجنبية (الأسيوية والأوربية).
بينما أفرجت الهيئة العليا للأدوية عن 515 عينة دوائية وصلت لبريد مطار صنعاء الدولي بغرض التسجيل ومنحها ترخيص للاستيراد والتداول في السوق الدوائي اليمني.
من جانبه أكد مدير عام الهيئة الدكتور عبدالمنعم الحكمي أن نسبة تهريب الأدوية في اليمن تتراوح ما بين (5 ـ 10) في المائة من إجمالي الأدوية الموجودة في السوق اليمنية.
واعتبر الدكتور الحكمي تهريب وتزوير الأدوية مشكلة دولية تعاني منها أغلب دول العالم, لافتا إلى أن الهيئة تنفذ بالتنسيق مع الجهات الأمنية والجمارك وحرس الحدود حملات لضبط ومصادرة وإتلاف الأدوية المخالفة قبل دخولها إلى الأسواق اليمنية.
وأضاف أن الهيئة تتخذ إجراءات عقابية تجاه مهربي الأدوية منها إحالتهم إلى القضاء وتغريمهم ماليا ومصادرة الأدوية وإتلافها.
وتفيد الإحصائيات الرسمية أن قيمة الأستهلاك الدوائي للأدوية المستوردة والمصنعة محليا بلغت خلال العام المنصرم 224 مليوناً و944 ألفاً و582 دولاراً, مسجلة زيادة قدرها 14.5 % عن العام الذي سبقه.

نصف أدوية السوق اليمنية .. مهربة

كشفت دراسة متخصصة أن حجم الأدوية المهربة إلى داخل الأراضي اليمنية يقدر ما بين37 %- 50 % من حجم المعروض الكلي في مختلف أسواق الأدوية في اليمن.
وأشارت الدراسة ذاتها إلى أن حجم الدواء للاستيراد غير الرسمي معظمه يدخل اليمن بكميات كبيرة فاسدة أو غير فعالة.
وقالت مصادر نقابية طبية وصحية يمنية: إن الاقتصاد اليمني يتكبد خسائر سنوية تصل إلى المليارات من الريالات بسبب استهلاك الأدوية الفاسدة والمهربة وغير الفعالة.
وضبطت الرقابة الدوائية بوزارة الصحة والسكان أكثر من 178 منشأة صيدلانية في محافظات أمانة العاصمة ، عدن ، إب ، الحديدة، البيضاء، منها 73 منشأة صيدلانية في أمانة العاصمة، وجميعها تحتوى على أصناف دوائية مزورة، وأضافت هذه المصادر انه أيضاً تم ضبط أدوية مهربة في 111 منشأة صيدلانية، وكذا 30 منشأة تحوى أدوية مزورة و 57 منشأة تحوى أدوية حكومية مجانية، و18 منشأة تحوى عينات مجانية، إضافة إلى ضبط 10منشآت تحتوى على أدوية مهربة مخلة بالآداب، فيما 38 منشأة صيدلانية أخرى تحوى أدوية فاسدة .
وذكرت مصادر صحية أن إجمالي ما تم ضبطه من قبل الرقابة الدوائية من مخالفات بلغ 932 صنفاً دوائياً مخالفاً في كافة الأسواق الدوائية في معظم محافظات الجمهورية خلال الفترة الماضية ...
وزادت هذه المصادر الصحية بان الرقابة الدوائية والصحية الميدانية خلال العام 2008 كانت قد تمكنت من ضبط 400 فيالة من صنف anti. D وكذا ضبط 4000 امبولة الممنوع استخدامه، فيما تم ضبط 3000 أمبولة kinking A- novlgine المزور وكذا ضبط 5000فيالة من صنف ... paramol المزور و5000 فيالة من صنف Regerpine المزور إضافة إلى ضبط 9000 ملصق جاهز للتزوير لثلاثة أصناف حيوية، وكذا تمكنت الرقابة الصحية في وزارة الصحة والسكان مؤخراً من ضبط معمل متكامل يقوم بتزوير الأدوية المخلة بالآداب العامة.
إلى ذلك وقد أكدت هذه المصادر أن سوق الأدوية في اليمن حالياً بدا يشهد تحولات شبه جذرية في هيكلة الأدوية المهربة إلى البلاد وان الجهات الرسمية في وزارة الصحة والسكان وبالتعاون مع السلطات المحلية في المحافظات تدرس حالياً إيجاد سبل كفيلة لمكافحة ظاهرة تزوير الأدوية والقضاء على ظاهرة تهريب الأدوية من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات الرقابية المشددة على المنافذ الجمركية وتشديد عمليات الرقابة الميدانية الدورية وتنفيذ حملات رقابية تفتيشية صحية مكثفة في عموم المحافظات اليمنية على المنشآءات الطبية والصيدلانية.


 

مواضيع ذات صلة :