جدل وتحقيقات نُشر

الوقود الحيوي ..يحل ويهدد أزمة الغذاء والبيئة العالمية ..!! (3)

بدأت رحلتنا سوياً مع تغير المناخ وتأثيره على البيئة والإنسان والحيوان والنبات..إلخ ؛ لنأتي إلى موضوع آخر والذي يعد سلاح ذو حدين " الوقود الحيوي " فهو يساعد على حل أزمة الغذاء للفقراء وبنفس الوقت يهدد البيئة والإنسانية ؛ بالرغم من الدراسات التي ظهرت حديثاً عن أرز أطلق علية  ( الأرز الخارق) فهو كأحد الحلول التي بحث فيها العلماء لحل أزمة الغذاء والزراعه .. فنحن الأن نقف أمام موضوع بيده سلاح الحياة والموت؛ فهل يمكن تجنب سلبياته والإستفادة من إيجابياتة ..؟ هذا هو موضوع رحلتنا الثالثة داخل البيئة وهي كالتالي ..

سلسلة حلقات تعدها الزميلة إلهام محمد علي

نظرة على الوقود الحيوي..

في البداية لابد أن نتعرف على الوقود الحيوي وهو: "الطاقة المستمد من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية منها ؛ وهو أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة، على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية مثل : النفط والفحم الحجري وكافة أنواع الوقود الإحفوري والوقود النووي".

بدأت بعض المناطق بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لإستخدامها في مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة ، وأيضا اللفت، في أوروبا، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في جنوب شرق آسيا.

أيضا يتم الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها، مثل : القش والخشب والسماد، وقشر الأرز، والمجاري، وتحلُل النفايات، ومخلفات الأغذية، التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي عن طريق الهضم اللاهوائي.

الكتلة الحيوية المستخدمة كوقود يتم تصنيفها على عدة أنواع، مثل النفايات الحيوانية والخشبية والعشبية، كما أن الكتلة الحيوية ليس لها تأثير مباشر على قيمتها بوصفها مصدر للطاقة.

الطاقة الحيوية والبيئة..

من الملاحظ حالياً أن الأنواع الأخرى من الطاقة المتجددة تتفوق على الوقود الحيوي من حيث أثر محايدة الكربون، وذلك بسبب إرتفاع استخدام الوقود الاحفوري في إنتاجه. بالإضافة إلى ناتج احتراق الوقود الحيوي من ثاني أوكسيد الكربون فضلاً عن الغازات الغير بيئية الأخرى.

الكربون الناتج عن الوقود الحيوي لا يتمثل فقط بنواتج الإحتراق وإنما يضاف إليه ما هو صادر عن النبات خلال دورة نموه.

لكن الجانب الإيجابي من الموضوع هو أن النبات يستهلك ثاني أوكسيد الكربون في عمليات التركيب الضوئي (التمثيل الضوئي) ومن هنا أتى ما يسمى بتعديل الكربون أو "محايدة الكربون".

ومن الواضح أيضا أن قطع الأشجار في الغابات التي نمت منذ مئات أو آلاف السنين، لاستخدامها كوقود حيوي، دون أن يتم استبدالها لن يساهم في الاثر المحايد للكربون.

ولكن يعتقد الكثير أن السبيل إلى الحد من زيادة كمية ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي هو إستخدام الوقود الحيوي لإستبدال مصادر الطاقة غير المتجددة.

محاصيل الطاقة:

يستخدم هذا المصطلح للدلالة على بعض الأنواع الزراعية أو الحشائش التي تزرع بغرض إستعمالها لإنتاج الطاقة ويمكن تقسيم محاصيل الطاقة إلى ثلاثة أقسام:

المحاصيل التي تستخدم لإنتاج الإيثانول: مثل الذرة وقصب السكر، بالإضافة إلى إمكانية تحضير الإيثانول من أي مركب عضوية.

المحاصيل التي تستخدم لإنتاج الديزل الحيوي أو (بيوديزل): مثل فول الصويا ولفت الشلجم والكاميلينا.

المحاصيل التي تستخدم لإنتاج الطاقة الحرارية عن طريق الحرق: من أمثلة هذه النباتات الدخن العصوي ولحية الرجل والحشيشة الفضية ؛ كذلك يمكن إستخدام بقايا المحاصيل أو الأخشاب.

الجزء الأول : الوقود الحيوي يحل أزمة الزراعه والغذاء

إزداد إنتاج أنواع الوقود الحيوي من السلع الزراعية الأساسية بسرعة في السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في المستقبل، وهذا يرجع أساساً إلى سياسات تدابير الدعم والحصص في البلدان المتقدمة، التي ترجع بدورها إلى الحرص على التخفيف من آثار تغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو موازنتها، وتعزيز أمن الطاقة بالحد من الاعتماد على استيراد النفط، ودعم المزارعين عن طريق زيادة الطلب على المحاصيل التي ينتجونها.

ولقد كان التأثير من حيث التخفيف من آثار تغير المناخ متفاوتاً حتى الآن، لأن الحد من غازات الاحتباس الحراري يختلف كثيراً باختلاف أنواع الوقود الحيوي المنتجة وأنواع المواد الخام المستخدمة في عملية التصنيع وتكنولوجيا الإنتاج. وتشير التقديرات إلى أن الانبعاثات تكون في أدنى مستوياتها (من 10 إلى 30 في المائة) في حالة إنتاج الإيثانول من الذرَة في الولايات المتحدة. وفي أعلى مستوياتها (70 إلى 90 في المائة) في حالة إنتاج الإيثانول من قصب السكر في البرازيل، وكذلك في حالة إنتاج الجيل الثاني من أنواع الوقود الحيوي. وفي جميع الحالات، سوف تنخفض الانبعاثات بقدر ما يؤدي التوسع في إنتاج الوقود الحيوي إلى الإسراع بتحويل الغابات أو أراضي المراعي إلى أراض محصولية.

ولقد كان التأثير على أمن الطاقة محدوداً، لأن أنواع الوقود الحيوي السائلة مازالت تمثل جانباً ضئيلاً من استهلاك الطاقة - نحو 1.5 في المائة من مجموع الوقود المستخدم في النقل البري، ونحو 0.2 في المائة من مجموع استهلاك الطاقة. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن ترتفع حصة الوقود الحيوي المستخدم في النقل البري إلى 5 في المائة بحلول العام 2030، بينما تشير تقديرات المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية إلى أن هذا الرقم يمكن أن يصل إلى 8 في المائة بحول العام 2050، تبعاً للسياسات المطبقة والتكنولوجيات المستخدمة

وعلى الجانب الآخر، أحدثت الزيادة في إنتاج الوقود الحيوي بالفعل آثاراً كبيرة على أسواق المنتجات الزراعية والأمن الغذائي.

فالوقود الحيوي هو أكبر مصدر للطلب الجديد على السلع الزراعية الأساسية في السنوات الأخيرة، حيث تمثل في الوقت الحاضر نحو 7 في المائة من استخدام الحبوب الخشنة على مستوى العالم (سترتفع إلى 12 % بحلول العام العام 2018 )، و9 في المائة من استخدام الزيوت النباتية على مستوى العالم (سترتفع إلى 20 في % بحلول العام 2018)، و2 في المائة من الأراضي المحصولية على مستوى العالم (سترتفع إلى 4 في المائة بحلول العام 2030)) .

وهكذا يكون إنتاج الوقود الحيوي قد ساهم في إحداث الزيادة الحادة التي حدثت أخيراً في أسعار السلع الأساسية الزراعية وفي توقع بقاء الأسعار في المستقبل أعلى مما كان ومن الممكن أن تكون عليه في حالة عدم التوسع في إنتاج الوقود الحيوي.

فقراء العالم يستهلكون مواد غذائية أكثر مما ينتجون..!!

وإرتفاع أسعار المواد الغذائية يقلل من قدرة المستهلكين على الحصول عليها (بما في ذلك معظم فقراء العالم الذين يشترون من المواد الغذائية أكثر مما ينتجون، وينفقون نسبة كبيرة من دخلهم على المواد الغذائية الأساسية).

وتشير تقديرات المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية إلى أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية قبل سن الالتحاق بالمدارس في أفريقيا جنوب الصحراء وفي جنوب آسيا يمكن أن يرتفع بما يصل إلى 5 ملايين في حالة السيناريو القائم على حدوث توسع حاد في إنتاج الوقود الحيوي حتى سنة 2050 ،ومع ذلك فإن الأسعار المرتفعة والأسواق الجديدة تفيد أيضاً بائعي السلع الأساسية الزراعية.

ففي المدى القصير، ستكون المنافع من نصيب المزارعين في البلدان المتقدمة - ممن يحصلون دون صعوبة على مستلزمات الإنتاج والتكنولوجيا ويستطيعون الوصول إلى الأسواق (وكذلك يحصلون على الدعم بحكم السياسات المطبقة). أما في المدى البعيد، فسوف تفيد الأسعار المرتفعة أيضاً المزارعين والاقتصادات الريفية في البلدان النامية - إذا توافرت السياسات والاستثمارات المناسبة اللازمة لزيادة قدرتهم على الحصول على مستلزمات الإنتاج والتكنولوجيا وتمكنهم من التمتع بالائتمان والوصول إلى الأسواق (وتضمن لهم حيازة الأراضي).

هل سمعت من قبل عن الأرز الخارق ..؟

هذا هو بالظبط ما أقترب العلماء السويسريون من الوصول إلية أثناء محاولاتهم المضنية للتغلب على أزمة الغذاء العالمية .

فعن طريق الهندسة الوراثية والأبحاث الجينية أستطاع العلماء التوصل إلي نوع جديد من حبوب الأرز يمكنة إنقاذ الملايين في إفريقيا وآسيا من سوء التغذية الناتج عن نقص الحديد .

فقد حمل فريق من العلماء السويسريين في تكنولوجيا أبحاث النباتات من زيورخ ، وعلى رأسهم

كل من العالمين كريستوف سوتر وفيلهلم جريسوم ، الأمل لحوالي ملياري شخص في كل من إفريقيا وآسيا ويعانون بالفعل من سوء التغذية الناتج عن نقص الحديد حين أستطاعوا تحوير المكونات الجينية لأحد أنواع حبوب الأرز ليحمل سته أضعاف محتواه العادي من الحديد .

ومن المعروف أن الأشخاص المصابين بنقص الحديد هم أسرع من غيرهم شعوراً بالإرهاق

ولا يستطيعون التخلص من المواد المؤكسدة للدم في أجسادهم بسرعه كافية كما أنهم يصابون

بفقر الدم والأنيميا على المدى البعيد ، وأكثر البشر إصابة بهذة الأعراض هم النساء والأطفال

في الدول النامية والذين يعتمدون على الأرز بشكل أساسي في تغذيتهم .

وذلك لأنهم غالباً ما يعتمدون في هذة التغذية على الأرز المقشور ، أو ما يسمى بالأرز المصقول ، وهذا النوع من الأرز لا يمكنة تغطية حاجة الفرد اليومية من الحديد ، كما لا تتوافر لديهم التغذية المتوازنة أو مكملات الحديد الطبية التي تمكنهم من تعويض مثل هذا النقص .

فالأرز بطبيعته يحتوي على الكثير من الحديد في قشرته الخارجية ولكن نظراً لسرعة تعفنها في الأجواء الحارة وشبة الحارة يتم إزالتها بالكامل مع محتواها الثمين من الحديد عند تخزين الأرز فيما يعرف بعملية صقل الأرز .

وقد أستطاع العلماء رفع محتوى حبة المصقولة من الحديد عن طريق نقل اثنين من الجينات إلى أحد أنواع الأرز ؛ هذه الجينات مكنت الأرز من مضاعفتة إنتاجه من ( إنزيم النيكوتينامين ) و( بروتين الفيريتين ) الذي يختزن الحديد في الجسم .

ونتيجة الدمج بينهما استطاعت نبتة الأرز الجديدة امتصاص كمية أكبر من الجديدةامتصاص كمية أكبر من الحديد من التربة وتخزينها في حبة الأرز نفسها وليس في القشرة كما هو المعتاد .

وقد تحكم العلماء في الجينين المنقولين بحيث يتركز ( إنزيم النيكوتينامين ) في النبتة كلها أما ( بروتين الفيريتين ) فيتركز في داخل حبة الأرز نفسها ، هذا التوازن بين الجينين مكن العلماء من رفع محتوى حبة الأرز المصقولة من الحديد إلى ستة أضعاف محتواها العادي .

حتى الآن لا يمكن التفريق بين نوع الأرز الجديد والأنواع الأخرى ظاهرياً ولا يبدو أن هناك آثار جتنبية محتملة على المدى البعيد من تأثر البيئة بشكل سيء من هذا النوع ، لأن فرضية

إرهاق التربة نتيجة زيادة امتصاص الحديد منها غير محتملة ، نظراً لأن الحديد من أكثر المعادن الموجودة في التربه بشكل طبيعي .

لكن يظل أمام العلماء العديد من السنوات لإخراج هذة الأبحاث من طور التجربة الحالي في الصوب الزراعية إلى مرحلة التطبيق العملي ، ومعرفة ما إذا كانت نباتات الأرزالجديدة ستصمد في ظل ظروف الزراعة الطبيعية أم لا .

وحتى ذلك الحين يبقى أمام العلماء الكثير من الأبحاث لإجرائها غلى سلامة النبات والتربه قبل أن يصبح الأرز الجديد صالحاً فعلاً للزراعة .

ويبقى الأمل في تطبيقها عملياً بعد ذلك على نطاق واسع للوصول بالأرز المزروع حالياً إلى هذة النتيجة مما يسهم فعلاً وبشكل إقتصادي في حل مشكلات سوء التغذية عند الملايين من البشر الذين سيتمكنون في هذة الحالة من الإستغناء ، ولو جزئياً ، عن اللحم الأغلى ثمناً للحصول على ما يكفيهم من الحديد .

وكما يبقى السؤال معلقاً عن إمكانية نجاحها على الطبيعة ، ويبقى كذلك التساؤل عن مقدار تكلفتها عندئذ على صغار المزارعين فى الدول النامية والمردود الإقتصادي العائد على تلك الدول ..؟

الجزء الثاني :الوقود الحيوي يلتهم غذاء الفقراء

صرح (اوليفيه دي شوتر) كبير مستشاري الأمم المتحدة للأغذية ، بضرورة التوقف تماماً عن إنتاج الوقود الحيوي ، والذي شهد إنتاجه طفرة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية ، وقال دي شوتر أنه ينبغي فرض قيود على المستثمرين في قطاع إنتاج الوقود الحيوي ، والذين تؤدي نشاطاتهم ومضارباتهم ، إلى ارتفاع حاد في أسعار الأغذية عالميا ، والتي يتحملها الفقراء في الكثير من بقاع العالم ، وشبه مسؤول الأغذية الارتفاع الحاد وغير المسبوق في أسعار الغذاء عالميا والذي يتهدد حياة أكثر من 100 مليون إنسان فقير في العالم بالتسونامي الصامت .

ويعتبر إنتاج الوقود الحيوي كالايثانول من بعض المحاصيل الزراعية كالذرة وغيرها أحد البدائل المقترحة لتلبية حاجات الإنسان اليومية المتزايدة من الطاقة .

وقد احدث استخدام هذه التقنية الجديدة ردود فعل متباينة في العالم ، فقد شبهها بعض المسؤولين والخبراء بأنها ( جريمة ضد الإنسانية ) ، إذ يتم إنتاج مثل هذا النوع من الوقود ، على حساب قوت الفقراء في الكثير من دول العالم ، وخصوصا في أمريكا الجنوبية وبعض مناطق آسيا و إفريقيا .

يقول دي شوتر إن الاندفاع نحو إنتاج الوقود الحيوي يعتبر فضيحة لا يستفيد منها سوى جماعة ضغط صغيرة في العالم ، وأضاف أن الأهداف الطموحة لإنتاج مثل هذا النوع من الوقود والتي حددها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية غير مسؤولة ، وطالب بضرورة عقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من أجل دراسة وبحث أزمة الغذاء العالمية الخانقة والتي أصبحت تتهدد حياة واستقرار الكثير من مجتمعات العالم .

والوقود الحيوي يتم إنتاجه في الكثير من بقاع العالم من بعض النباتات ، كالذرة والسكر وزيت النخيل وغيرها ، وقد شهد إنتاج مثل هذا النوع من الوقود إحداث طفرة في أسواق الحبوب والمنتجات الزراعية والأسمدة والمبيدات .

وكان قد تعهد زعماء العالم في عام 2000 بتخفيض عدد السكان الذين يبلغ دخلهم دولار أو أقل يومياً ، إلى النصف بحلول عام 2015 ، وقدر عدد هؤلاء بنحو خمس سكان العالم ، لكن أزمة الغذاء العالمية عصفت بهؤلاء المعدمين ، ومع ارتفاع أسعار النفط الخام إلى أرقام قياسية غير مسبوقة ، أدت إلى أن تنظم الكثير من الدول والتجمعات السكانية إلى نادي الفقراء والمعدمين ، ويرى بعض الخبراء أن الوضع قد تفاقم سوءا مع تزايد إنتاج الوقود الحيوي كبديل للوقود الأحفوري .

لقد أكد الكثير من أنصار الوقود الحيوي والمتحمسين والمدافعين عن هذا المصدر من الطاقة في عام 2006 ، أن الارتفاع في أسعار الأغذية سوف يتوقف بعد أن تتبلور هيكلية قطاع إنتاج الوقود الحيوي ، لكن هذه التوقعات المتفائلة فشلت ، والذي حدث ، إرتفاع أسعار الأغذية بشكل غير متوقع خلال السنتين اللاحقتين ، وعزز هذا الارتفاع المشاكل السياسية العالمية وتزايد الضغوط لتحويل الأراضي المزروعة من المحاصيل الغذائية إلى محاصيل الوقود فقط بسبب ازدياد الطلب العالمي على هذا المصدر الجديد من الطاقة .

الجيل الجديد من الوقود الحيوي يهدد البيئة والإنسانية..

كشفت دراسة علمية حديثة أن الجيل الجديد من الوقود الحيوي والمصنوع من "الخشب والعشب" والتي كان من المفترض أن تساعد على تقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، سينبعث منها في المتوسط كميات من ثاني أكسيد الكربون تفوق ما ينتج عن حرق البنزين على مدى العقود القليلة القادمة.

وأشارت الدراسة إلى أن مثل هذه الأنواع المتطورة من الوقود الحيوي "السليولوزي" يؤدي إلى نسب من الانبعاثات الكربونية أعلى من تلك التي يسببها البنزين على مدى الفترة من عام 2000 إلى عام 2030.

وأرجع الباحثون ارتفاع نسب الانبعاثات الكربونية إلى إحلال مزروعات الوقود الحيوي بدلاً من المحاصيل الزراعية ما سيؤدي إلي إزالة الغابات لتوفير المزيد من الأراضي الزراعية التي تعد مصدر قوي لانبعاثات الكربون يذكر أن محاصيل الوقود الحيوي تتطلب أيضاً أسمدة من النيتروجين وهو مصدر من اثنين من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وهما ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النتروز الأكثر قوة.

جريمة ضد الإنسانية ..

كما صرح طالب جان زيغلر، المقرر الخاص بالأمم المتحدة حول الحق في الغذاء بوقف إختياري لمدة خمس سنوات لعمليات إنتاج الوقود الحيوي المستخرج من مواد غذائية واعتبر أن التأثير الذي تركه هذا النوع من الوقود على أسعار الغذاء حول العالم يمثل "جريمة ضد الإنسانية" بحق الفقراء.

وقال زيغلر إن تحويل المزروعات، مثل الذرة والقمح والسكر، إلى وقود يزيد من أسعار المواد الغذائية وتكلفة الأرض والمياه،وحذر من أن استمرار ازدياد الأسعار سيعيق الدول الفقيرة من استيراد الطعام الكافي لشعوبها.

وقال المقرر الخاص إن الجدال الدائر بشأن الوقود الحيوي "مشروع فيما يتعلق بترشيد استهلاك الطاقة ومكافحة آثار تغير المناخ،"إلا أن تحويل المحاصيل مثل الذرة والقمح إلى وقود زراعي "يمثل كارثة حقيقية للأشخاص الذين يعانون من الجوع وسيؤثر سلبا على تحقيق هدف الحق في الغذاء".

وأضاف زيغلر، الذي كان يتحدث أمام الجمعية العامة لهيئة الدفاع عن حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إن تحويل الأرض الزراعية الخصبة إلى أرض تنتج مواد غذائية تحرق لإنتاج الوقود "جريمة ضد الإنسانية."

وطالب الخبير الدولي بتعليق هذه النشاطات لمدة خمسة أعوام ريثما يتم تطوير آليات إنتاج الوقود من البقايا الزراعية والغذائية وليس من المنتجات مباشرة،على ما نقلته الأسوشيتد برس.

وقال زيغلر إن إنتاج الوقود الحيوي سيزيد من الجوع في العالم حيث يعاني854 مليون شخص من الآفة،ويلقى100.000 شخص حتفهم سنويا بسبب الجوع أو أمراض ناتجة عنه.

وأشار المقرر إلى أن هذا يحدث في عالم ينتج ما يكفي من الغذاء لإنتاج غذاء يكفي لنحو 12 مليار شخص، أي ضعف سكان الأرض الحاليين،بحسب منظمة الأغذية والزراعة.

وأكد زيغلر أن جميع أسباب الجوع سببها الإنسان، فهي أولا وأخيرا مسألة الوصول إلى الطعام وليست زيادة عدد السكان أو قلة الإنتاج، ويمكن تغييرها بقرار من الإنسان.

كما دعا المقرر الخاص إلى اتخاذ تدابير لحماية اللاجئين الذين يفرون بسبب الجوع والمجاعة من بلادهم ويعاملون كالمجرمين عندما يحاولون عبور الحدود.

وأشار إلى أنه ما بين عام 1972 و2002 إرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في أفريقيا من81 مليون إلى202 مليون، ودعا مجلس حقوق الإنسان لإعلان حق إنساني جديد لحماية الفارين من الجوع،على ما نقله موقع الأمم المتحدة الإلكتروني.

أعطوا الفقراء حقهم في الغذاء

وقال زيغلر إن الحق في الغذاء "يعني الحق في الحصول على غذاء كاف ومستدام ومتناسب مع ثقافة كل شعب ويضمن حياة جسدية وعقلية سليمة ويمكن الأفراد والجماعات من العيش بكرامة ومن دون خوف".

وللتأكيد على صحة استنتاجاته، أوضح الخبير الدولي أن إنتاج 13 ليتراً من الإيثانول يحتاج إلى أكثر من231 كيلوغراماً من الذرة بينما يمكن لهذه الكمية تأمين الطعام لطفل جائع في زامبيا أو المكسيك لمدة عام كامل.

وكانت تقارير حديثة قد رجحت أن تسجل فاتورة واردات الحبوب لبلدان العجز الغذائي الفقيرة زيادة كبيرة للسنة الثانية على التوالي، لتبلغ رقما قياسيا مقداره28 مليار دولار في الفترة ما بين2007 و2008 وذلك بزيادة14 في المائة عن العام الماضي، مما سيخلق ضغطاً كبيراً على موازنات تلك الدول.

وتوقعت التقارير أن تنفق البلدان النامية بشكل عام مبلغا قياسيا بحدود 52 مليار دولار على وارداتها من الحبوب،وخاصة القمح والذرة، وذلك بسبب قوانين السوق التي تشهد حالياً تراجعاً في الإمدادات العالمية مقابل ازدياد الطلب.

كما لفتت إلى أن ذلك سيؤثر بشدة على بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض التي شهدت وستشهد اضطرابات اجتماعية في بعض المناطق.

خاتمة : مستقبل الوقود الحيوي

تظهر أبحاث الوقود الحيوي أن هناك العديد من النباتات التي النباتات التي يمكن زراعتها والإستفادة منها في انتاج الوقود الحيوي كثيرة ولا تحتاج لكثير من الماء أو للمساحات المخصصة لانتاج المحاصيل الغذائية. ومنها الأعشاب البرية التي تنمو في القارة الأمريكية "سويتش" وتستخدم حالياً كعلف للحيوان بالإضافة إلى نبات الصفصاف والقنّب.

وتشير تلك الأبحاث كذلك أن تلك النباتات تشكل مصدر نظيف ورخيص للطاقة ويمكن أن تغطي حصة كبيرة حتى من احتياجات الطاقة العالمية.

ويقول جوران بيرنديس وهو باحث في جامعة تشالمرز للتقنية في السويد أن قائمة النباتات المرشحة كمصدر للوقود الحيوي تتضمن القمح والذرة وقصب السكر. يقول: "إن الطاقة البيولوجية واسعة جداً ويتوقع معظم العاملين فيها سيطرة محاصيل جديدة على المدى البعيد."

مصادر طاقة واعده

ومن مصادر الطاقة الواعدة الصفصاف وهو نبات شمالي يستخدم لصنع السلال والمضارب الرياضية وهناك القنب المستخدم في صناعة الحبال و عشبة سويتش وهي نبات بري تم اكتشافه في وسط غرب أمريكا.

كما يوجد محصول جديد يتم استخدامه هو "جاتروفا" وهو نبات استوائي مرن غني بالزيوت يمكن زراعته في الأراضي البور ويستخدم كسماد للتربة ويستخدم زيته في الهند لتشغيل سيارات الديزل والتوربينات. ومؤخراً تصدر الجاتروفا العناوين لأنه يتجنب الجدل الأكبر المحيط بالوقود الحيوي وهو: النقاش الأخلاقي حول اختيار استخدام المصادر الزراعية للوقود في حين يجوع الملايين عبر الكوكب.

وهذا يعني استخدام الماء بالإضافة إلى الأراضي، وكتذكير فإن محاصيل الوقود الحيوي يمكن أن تشكل مخاطر شديدة على البيئة وخصوصاً أن الأراضي غير المزروعة تم تحويلها إلى زراعية باستخدام الكثير من الأسمدة ومياه الري.

وقد وجد "المعهد العالمي لإدارة المياه" الذي قام بدراسة عالمية على الماء لمدة خمس سنوات تضمنت أكثر من 700 باحث أنه إذا استمرت الصين والهند في خططهما بانتاج الوقود الحيوي الحالية فإنهما ستواجهان شحاً بالمياه بحلول عام 2030 .

دعوها تمطر..

تخيل(بيرنديس) سيناريوهات محاولاً إمعان النظر أكثر في المستقبل ومعرفة ما يمكن أن يحدث مفترضاً أن إنتاج المحاصيل سيستمر بالإرتفاع نظراً لتطورات العلوم الزراعية، وأن محاصيل الوقود الحيوي ستصبح منتجة أكثر.

وأحد الاحتمالات الأخرى (متفائل جداً ولكنه ممكن نظرياً ) يقترح أن مساحة من الأراضي الزراعية بضعفي حجم المكسيك يمكن أن تصبح فائضة عن حاجة المتطلبات الحالية عام 2050.

وإذا تم استخدام كل ذلك لإنتاج الوقود البيولوجي فمن الممكن أن ينتج 400 إكزا جول من الطاقة أي ما يعادل استهلاك العالم الحالي من الطاقة .

وبالطبع تلك الإحتمالات معقدة للغاية وليست فقط مسألة إيجاد أراضي كافية لأن الإنتاج الأعلى المفترض للمحاصيل يمكن أن يرهق البيئة بطلب المزيد من الري والمخصبات. ويقول بيرنديس: " إذا كنتم متأكدين أنكم بحاجة مقدار أقل من الأراضي فلا يمكنكم أن تكونوا متأكدين أنكم بحاجة ماء أقل."

وهكذا فهناك حاجة لضمان أن الجيل الجديد من محاصيل الوقود الحيوي ليس تواقاً للموارد القليلة فمثلاً أن يحصل على المياه من الأمطار بدلاً من الري، وهو بحاجة أن يكون جذاباً تجارياً.

وأضاف بيرنديس: " لديكم طرق كثيرة مختلفة لإنتاج وقود المواصلات من المصادر البيولوجية الضخمة الجديدة التي ليست موجودة تجارياً بعد.".

*تعرفنا خلال رحلتنا على الجانب الإيجابي والسلبي للوقود الحيوي ، الذي أصبح مستقبله متوقف على الدراسة والبحث والتريث في كل خطوة قبل الإقدام على أخده عامل أساسي ورئيسي لحل أزمة الغذاء  فالأمر مازال معلق بين السماء والأرض ولا نعرف بأي منهم سيستقر..

**كالعادة أنتهت رحلتنا .. ولكن لم تنتهي مشاكل البيئة التي تولد كل لحظة .. فلنا رحله جديدة داخل "ملف البيئة" الذي أفتتحناه سوياً على مدار الحلقتيين وهذة الثالثة ؛ وسوف نعرض مشكلات أخري ونتجول ونتعمق بداخلها كي نتعرف  على كل ما يدور من حولنا في البيئة بكل تفاصيلها  الإيجابية والسلبية ..

<<< للموضوع بقية >>>


 

مواضيع ذات صلة :