
فتجاوز المؤشر «أس أند بي» في «وول ستريت» الأسبوع الماضي العتبة النفسية عند 1000 نقطة، وأغلق المؤشر «كاك 40» متخطياً 3500 نقطة، ولم تتعد السوق مثل هاتين العتبتين منذ نوفمبر الماضي. وفي طوكيو، وصل المؤشر «نيكاي» الذي تجاوز 10 آلاف نقطة في الأيام الأخيرة، إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر، كما أن بورصة شنغهاي استعادت المستويات التي سجلتها في شهر مايو.
وأشار المحللون إلى أن الأسواق استرجعت مستويات شهري أكتوبر ونوفمبر عام 2008، بعد إعلان البنك الأمريكي «ليمان برازرز» إفلاسه في سبتمبر، والذي يعتبر المحور الرئيس للأزمة المالية. وذكر المحللون أن أثر هذه الهزة المالية، تكاثرت السيناريوهات حول انهيار النظام الرأسمالي، وكذلك النظريات بشأن «قبل وبعد ليمان برازرز».
وأكد فرانسوا دوهن، من «سي أم-سي أي سي سكوريتيز»، أن قفزة الأسواق تؤذن بأن النظام الرأسمالي لن ينهار. وكانت نتائج الفصل الثاني وراء هذه القفزة وخصوصا نتائج البنوك الأمريكية التي لقيت ترحاباً كبيراً لدى المستثمرين.
وكانت نتائج بنك «جي بي مورغان تشيز» في مقدمة هذا التوجه الصعودي منذ منتصف يوليو. وأكد كريستيان باريزوت، استراتيجي الأسهم لدى «أوريل»، «أن المؤسسات أثبتت قدرتها على إعادة بنيتها وتحسين هوامشها بسرعة».
ومن جانبه، أشار فريدريك بوزاري، المسؤول عن إدارة الأسهم لدى «دكسيا اسيت مانجمنت» إلى أن المؤشرات الاقتصادية عززت المفاجأت السارة؛ إذ أظهرت أن القطاع العقاري في الولايات المتحدة توقف عن التراجع وأن الإنتاج الصناعي باشر انطلاقته.
ولكن حتى لو بدا أن أسوأ ما في الأزمة قد ولى، فلا يزال الحديث عن الانتعاش الحقيقي أمر صعب بوجود كم كبير من الشكوك. واعتبر كريستيان باريزو، أن «الانتعاش يتمثل في سلسلة من النمو لم نجدها بعد في الإحصاءات»، وأضاف «نسرع بالتفاؤل لأننا نشهد مؤشرات مشجعة، ولكن لا تزال مسألة الاستهلاك مطروحة على بساط البحث وكذلك مسألة الوظائف».
وكانت الإحصاءات الشهرية عن الوظائف في الولايات المتحدة طمأنت يوم الجمعة الأسواق مع انخفاض مفاجئ لنسبة البطالة ما يعزز متانة تباشير الانتعاش.
فنرحب بهذا التحسن، ولكنه يعكس قبل كل شيء النتائج الأولى لخطط الانتعاش.
وأضاف دوهن «وبالنسبة للنمو خلال الفصلين الثالث والرابع، نحن لسنا قلقين بفضل وجود خطط الانتعاش التي ستظهر قوتها على وجه السرعة»، ولكنه حذر من أن نتائج الخطط الحكومية ستضمحل تدريجياً عام 2010».
ورأى فريدريك بوزاري، أن العام المقبل سيشهد إما مواصلة الديناميكية الراهنة، وإما جميع المخاطر «لأن السوق ستواجه عدة نقاط لا تزال تدعو إلى التساؤل وبحاجة لإيجاد حلول لها، وذكر خصوصاً ارتفاع أسعار المواد الأولية وانخفاض سعر الدولار ومسألة العجز في الموازنات الحكومية وكذلك فقاعة أسواق المال الصينية».
ومن جهة أخرى، قد تواصل «وول ستريت» قفزتها الأسبوع المقبل معتمدة على قناعة المستثمرين بأن ملامح الانتعاش ترتسم في الولايات المتحدة، ولكن زخمها سيكون رهن المؤشرات المتعلقة باستهلاك الأسر الأمريكية.
وستراقب السوق أيضاً عن كثب بيان الاحتياط الفيدرالي الذي سيصدر مساء الأربعاء في أعقاب اجتماع يستمر يومين، ويتمحور حول نسب الفائدة التي يتوقع أن تبقى قريبة من الصفر، وذلك في محاولة من قبل السوق لإيجاد مؤشرات بشأن استراتيجيته لإنعاش النظام الاقتصادي.
ويركز المستثمرون أيضاً اهتمامهم على مبيعات التجزئة في شهر يوليو، ويتوقع الاقتصاديون أن ترتفع 0.7 بالمئة، وستسأثر اهتمامهم النتائج الفصلية لأبرز المجموعات في هذا القطاع، ومن بينهم الرقم الأول العالمي؛ أي «وال مات ستورز» الذي يستقبل 140 مليون زبون في متاجره البالغ عددها أربعة آلاف محل، والمجموعتان «جي سي بيني» و«ماكيز».
وستسمح هذه المعطيات بالتحقق مما إذا كان المستهلكون الأمريكيون الذين تمثل نفقاتهم ثلثي اقتصاد البلاد، يواصلون التوفير في الإنفاق أم لا في مواجهة الأزمة.
وقد دفعت المؤشرات المشجعة على الجبهتين الصناعية والوظائف، المؤشرات الرئيسة الثلاثة في «وول ستريت» إلى أعلى مستوياتها في تسعة أشهر.
واعتبر ستيف هاجنبوكل، المحلل لدى «تيراكاب بارتنرز»، «أن جميع الأنوار الوامضة هي في الأخضر».
وإثر الإعلان الذي صدر يوم الجمعة، وأشار إلى إلغاء 247 ألف وظيفة في شهر يوليو في الولايات المتحدة، تعززت ثقة المستثمرين حتى ولو كانوا مقتنعين أن الانتعاش الاقتصادي سيستغرق وقتاً طويلاً.
المصدر : وكالات