شدد مختصون على أهمية استخدام التكنولوجيا الرقمية لتعظيم الثروات وتعزيز التنمية الاقتصادية في السعودية، في ظل توقعات بزيادة الاستثمار في قطاع التقنية بنسبة 10 في المائة، وإحراز السعودية مركزا متقدما في تطبيق الحكومة الإلكترونية.
وفي هذا السياق، قال لـ«الشرق الأوسط» عبد الله المليحي رئيس مجلس الأعمال السعودي - السنغافوري «إن استخدام التطبيقات الذكية في السعودية تنامى بشكل سريع»، مشيرا إلى دراسة حديثة أكدت أن السعودية تحتل المركز الخامس عالميا بين 10 دول رائدة في استخدام «الخدمات الحكومية الرقمية».
ولفت إلى أن السعودية أطلقت بوابات إلكترونية على الإنترنت، ما من شأنه تمكين السعودية من توظيف استخدام القنوات الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعية، لتعزيز اقتصادها ونموه بشكل أفضل مما هو عليه من خلال تأثيرها المباشر على سرعة حركة القطاع الخاص وسلاسة العمليات المصرفية وإدارة الثروات.
وأوضح المليحي أن إطلاق الحكومة الإلكترونية - أخيرا - فتح شهية المستثمرين، مبينا أن من شأن ذلك تحفيز الاستثمار التقني في السعودية على النمو، بما لا يقل عن 37.5 مليار ريال (10 مليارات دولار)، متوقعا تدفقات استثمارية من مختلف دول العالم في مجال التقنية لا تقل عن 10 في المائة خلال عامي 2015 و2016، مقدرا حجم الاستثمارات في مجال التطبيقات الذكية، بأكثر من 10 مليارات دولار حتى عام 2016.
من جهته، شدد دانييل ديميرز من بوز آند كومباني على ضرورة توجه الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط عامة والسعودية خاصة، بقناعة تامة وسرعة كافية، نحو التحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا الرقمية، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الرقمية تعمل على إعادة تشكيل ملامح قطاع إدارة الثروات في العالم.
ولفت ديميرز في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أهمية توجه مديري الثروات لهذا العام، نحو المقاربة الرقمية، من أجل إدراك متطلبات العميل بشكل أفضل، وتقديم مشورة شاملة تتمحور حول احتياجات العميل، بالإضافة إلى توفير تجربة وخدمة أفضل.
وقال ديميرز: «إن 50 في المائة من كبار مسؤولي الخدمات المصرفية الخاصة في أميركا الشمالية، يضعون التكنولوجيا الرقمية على رأس لائحة أولوياتهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى 35 في المائة من نظرائهم في آسيا».
ووفق ديميرز، فإن شركات تداول الأوراق المالية في أميركا تستخدم التكنولوجيا الرقمية لتحديد أنماط العملاء وفئاتهم من أجل توفير عروض من المنتجات والخدمات مخصصة لهم، حيث تقدم كبرى الشركات الوطنية للوساطة المالية باقة متكاملة من هذه الخدمات.
من ناحيته، أكد عبد القادر لمعة من بوز آند كومباني - سابقا - أهمية توظيف الأدوات الرقمية في رصد تفاعلات العميل لأغراض الالتزام التنظيمي والمخاطر، بجانب البحث عن أحدث العروض الرقمية التي يمكن لهم محاكاتها أو الاستحواذ عليها، أو الحصول عليها من خلال شريك ما أو مزوّد للمنصات كما يحدث في أميركا.
وقال لمعة: «الاستخدام الاستراتيجي للتكنولوجيا الرقمية حتى الآن يعد ضعيفا في منطقة الشرق الأوسط، حيث إنّ معظم البنوك المحلية لم تبادر - أخيرا - سوى إلى التركيز على الإدارة المخصّصة للثروات وعروض الخدمات المصرفية الخاصة». وشدد لمعة على ضرورة التزام مديري الثروات في الشرق الأوسط، على غرار نظرائهم العالميين، بجدول أعمال رقمي للارتقاء بتجربة العملاء لديهم، وتسويق منتجاتهم وخدماتهم، وفقا لمقاربة موجّهة وفعالة أكثر، لخفض التكلفة وتحسين الجهود في مجال المخاطر والالتزام.
وفي الإطار نفسه، أوضح جهاد خليل، وهو مختص في اقتصاديات التكنولوجيا الرقمية، أن نماذج الإدارة الرقمية للثروات تتفوّق على النماذج التقليدية بميزات واضحة، وتكمن الميزة الأولى في التجربة المقدمة للعملاء، فيما تتمثّل الميزة الثانية في الكفاءة.
وأكد أن استخدام التكنولوجيا الرقمية يؤدي إلى تسريع العمليات التقليدية البطيئة وغير الفعالة، ما يرفع من مستوى الأداء على امتداد المؤسسة بكاملها، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الرقمية تسهّل تجميع المنتجات والخدمات، وتساعد مديري الثروات في التحكم بتكلفة خدمة العملاء، بالتزامن مع تكييف تجربة العميل بالكامل.
ووفق خليل، يترتب على ذلك ترشيد بنية النظم، وإجراء عمليات تنظيف للبيانات من أجل تطوير مستودعات بيانات متينة ومفيدة، بالإضافة إلى تبديل واجهات العميل البينية الأمامية المتكاملة من أجل توفير تجارب أفضل للعملاء.
وتتمثّل الميزة الثالثة، وفق خليل، في معالجة قضايا الالتزام والمخاطر، مبينا أن القطاع المالي يشهد كمّا غير مسبوق من الأنظمة الجديدة لخدمات رأس المال والسيولة، مرورا بتداول الملّاك الخاص والمشتقات، وصولا إلى حوكمة الشركات، بالإضافة إلى شفافية الأصول والدخل الخارجيين.
وأكد أن التكنولوجيا الرقمية تساعد على الالتزام بمعايير إدارة المخاطر والمعايير العالمية المستجدة على غرار قانون «دود - فرانك» في أميركا، والتوجيه الثاني الخاص بأسواق الأدوات المالية بالاتحاد الأوروبي، بشأن الإبلاغ المعزّز عن العميل، وشفافية نماذج التسعير والرسوم، والتركيز على العميل وحمايته، والتداول وتنفيذ المعاملات المركزية. أما الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية بجازان غرب السعودية، فأكد أن الحفاظ على التنافسية يعد من أبرز دوافع الابتكار واعتماد الوسائل الرقمية، متوقعا أن تشهد سوق إدارة الثروات بروز 3 ابتكارات رقمية جديدة، تشمل مستشاري الاستثمار والتخصيص، والمراقبة وإعادة التوازن.