المتتبع للوضع الاقتصادي العربي والعالمي في الوقت الراهن سيلحظ شيئاً هاماً جداً هو أن الجميع، عرباً وعجماً، لم يعودوا يستخدمون أرقاما بملايين الدولارات بل بمليارات الدولارات.
كيف ذلك؟. بالأمس طالعتنا مصادر اقتصادية غربية بالقول أن مصادر مصرفية غربية قدرت حجم الأموال التي غادرت المنطقة العربية خلال الأشهر الثلاثة الماضية أي منذ اندلاع الاضطرابات السياسية فيها بأكثر من 30 مليار دولار. وهذا الرقم بالطبع لا يتضمن، كما قالت تلك المصادر مليارات الدولارات وربما عشرات مليارات الدولارات من الأموال التي انتقلت من المشرق والمغرب العربي إلى دول الخليج، على شكل ودائع واستثمارات قصيرة الأجل.
وبتاريخ السابع والعشرين من شهر أبريل/نيسان الماضي، أعلن رسمياً عن تجاوز بنك «يو.بي.إس» السويسري (UBS)الأزمة المالية العالمية مع عودة الأموال للتدفق مجدداً في ذراع أنشطته الأساسية لإدارة الثروات خلال الربع الأول، رغم أن ذراع الانشطة الاستثمارية كافحت دون جدوى، لاستعادة الزخم في الربع الأخير من العام الماضي.
وقال البنك السويسري، وهذا بنك واحد فقط وليس كل بنوك سويرا، إنه استقبل تدفقات قدرها 11.1 مليار فرنك سويسري أي ما يعادل (11.55 مليار دولار) الأمر الذي يظهر أن ثقة العملاء بدأت بالعودة.
طبعا البنك قال أنه استعاد ثقة العملاء غير أنه لم يحدد جنسية عملائه، وما إذا كانو من السويسريين أو الشرق أوسطيين، رغم أني أرجح وبشدة أن ما جعل شرايين وأوردة البنك تعود للحياة هي بالتأكيد أموال شرق أوسطية وشمال أفريقية. وللأمانة فقد ألمح« بنك يو.بي.إس » لذلك عندما قال في بيانه، أنه تلقى تدفقات قوية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والأسواق الناشئة وكذلك من الطبقات شديدة الثراء.
ومما قاله أولئك الخبراء أن أسواق هذه البلدان تعد من أنشط الأسواق العربية على المدى البعيد، ولذلك لن تخاطر تلك الشركات بالخروج من هذه الأسواق خلال الفترة الراهنة.
لكن الواقع يقول أن موجة التوترات السياسية لا زالت تفرض نفسها بقوة على اقتصادات المنطقة، فارضة حالة من عدم اليقين إزاء مصير الاستثمارات وحركة رؤوس الأموال، في ظل المخاوف من تغيير اتجاه حركة تلك الاستثمارات لمناطق اخرى كالغرب أو آسيا مثلا.
قبل فترة سمعنا مسئولاً مصرفياًخليجيا يقول أن البنوك المحلية قد خفضت قيمة الفائدة على الودائع البنكية كما خفضت الفائدة على القروض الأفراد والشركات نظرا لارتفاع السيولة المالية في البنوك المحلية. ليس هناك داع بالطبع للتساؤل عن المكان الذي أتت منه تلك الأموال، ومعرفة ما إذا كانت هاربة أم مهربة.