آراء وأقلام نُشر

هل انتهى الحرب على الإرهاب؟

من السذاجة عدم ربط إعلان مقتل أسامة بن لادن في هذه الظروف بالذات بما يجري في العالم، وبما سبقه وما سيتلوه من متغيرات.
فقد كان أسامة بن لادن رمزا لما يعرف بالحرب الأمريكية على الإرهاب، وطالما شكك المتتبعون في عدم إمكانية الولايات المتحدة الأمريكية العثور على بن لادن لاعتقاله أو قتله، خصوصا أن التاريخ القريب أكد أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية استطاعت الوصول الى الرئيس العراقي السابق صدام حسين وبقية القصة مع تفاصيلها معروفة، فكيف تعجز عن الوصول الى شخص مثل أسامة بن لادن.
كانت أغلب التكهنات تذهب إلى أن أبن لادن كان تحت أنظار الاستخبارات الأمريكية لكنها كانت تتحين الفرصة والوقت المناسبين لإنهاء دوره في لعبة بدأت قبل أكثر من عشر سنوات.

وما يثير الانتباه هو أن إعلان اغتياله الآن وفي هذه الظروف لم يأت لإعلان انتهاء الحرب الأمريكية على ما تسميه بالإرهاب، ولكن لإعلان انتهاء مرحلة وأسلوب في المواجهة لم يعد مجديا .

فبعد بداية انهيار الأنظمة العربية التي تمترست خلف مواجهة الإرهاب سقط الكثير من أوراق التوت ولم يعد الرأي العام الدولي والعربي على وجه الخصوص مقتنعا بهذه الحرب.

ومحليا، وفي خضم هذه الحرب التي دارت رحاها في أكثر من بقعة جغرافية حول العالم، يتذكر المغاربة جيدا كيف انخرط المغرب في هذه الحرب بعد تفجيرات 16 ماي الإرهابية والتي لا يزال يلفها الكثير من الضباب، كما تابع الرأي العام بدهشة كبيرة اعتقال أكثر من ثلاثة آلاف متهم وصدور أحكام قاسية دون أن يستطيع أحد تصديق الرواية الرسمية ودون أن يظهر متهم واضح وأكيد بتلك التفجيرات.

وترسخت قناعة لدى المتتبعين أن المقصود هو اجتثات تيارات دينية تسبب إزعاجا لأمريكا في خطوة أولى كانت تهدف الى أن تتطور وتمضي في اتجاه يصعب التكهن بمداه.
كما أن سقوط النظام المصري وانكشاف بعض المستور في ملفات مواجهة الإرهاب، وفضح وقوف الأجهزة الأمنية المصرية وراء تفجير الكنائس وإلصاق التهمة بالتيارات الإسلامية تمهيدا لتصفيتها زاد من علامات الاستفهام حول هذه الحرب وحول دواعيها.

وإذا أضفنا تصريحات القذافي في الأيام الأولى للثورة الليبية والتي كان يهدد فيها الغرب بالإرهاب في حال سقوط نظامه، نستطيع أن نفهم قيام ما يشبه الاتفاق بين الأنظمة العربية وبين الغرب.
وقبل اعلان مقتل بن لادن، لا يجب أن يفوتنا الموقف الأمريكي من الأنظمة الآيلة للسقوط، حيث يشعر المتتبع أن الولايات المتحدة الأمريكية نفظت يديها من هذه الأنظمة واعتبرتها أوراقا خاسرة يجب أن تحرق، وجاءت الهبات الشعبية المنتفضة ضد ظلم طالما دعمته وساندته واشنطن لتريحها من رماد الأوراق المحروقة..

وما يؤشر على أن مقتل بن لادن ما هو الا انتهاء مرحلة وبدء أخرى لم تنكشف بعد ملامحها أن أمريكا تتخلص من كل رموز مرحلة بن لادن، بالإضافة الى حلفائها في حربها على الإرهاب، ستعلن قريبا إغلاق معتقل غوانتنامو، و لا أعتقد أن إصدار أمر ملكي بإغلاق معتقل تمارة السري أو ما يعرف بغوانتنامو المغرب، حدث منعزل

كل هذه الأحداث وغيرها تجعلنا نتساءل؛ هل انتهى دور أسامة بن لادن كما انتهى دور الأنظمة العربية وغيرها من المتاريس التي تمترست وراءها الولايات المتحدة الأمريكي؟ هل ستكون الشعوب يقظة بما يكفي لتتجنب السقوط في الفخ الأمريكي الذي لم تتضح معالمه بعد؟ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وسقوط فزاعة الإرهاب ما عنوان الحرب الغربية عموما والأمريكية على الخصوص المقبلة؟..إنها أسئلة تنتظر الأيام المقبلة لتبحث لها عن إجابات.


 

مواضيع ذات صلة :