آراء وأقلام نُشر

الانضمام للأكفاء الفاعلين

مجلس التعاون منظمة إقليمية حققت أهدافها الرئيسة، وكانت في كل أزمة تثبت أنها قادرة على حماية أمنها ومصالحها وصيانة علاقاتها الإقليمية والدولية والتعامل بحكمة مع مستجدات الأحداث، بل إن المراقب لتاريخ المجلس وما واجهه من أخطار جماعية أو فردية لبعض دوله يستطيع أن يلاحظ تفوقه على غيره من المنظمات الإقليمية التي تعثرت مسيرتها أو تشتتت جهودها، فلم تتماسك أمام المتغيرات الحادة إقليميا ودوليا.

إن ما يجري على الساحة العربية وما تعانيه الدولة العربية من معوقات البقاء والتوافق بين أطياف شعبها، الذي أصاب بعض الدول حتى بلغت حد الانهيار في نظامها، وأوشكت دول عربية أخرى على بلوغ حدة الاصطدام مستوى كارثة الحرب الأهلية لهو أمر مفزع لكل مواطن عربي يراقب الأحداث، ويحاول فهم حقيقة ما يجري والبحث عن مسبباته، حيث تتباين الآراء، لكنها تتفق في النهاية على خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة.

هناك ترتيبات جديدة معظمها في الخفاء، وبحث عن حلفاء وإعادة صياغة لمراكز القوى، وهي ستؤثر حتما في المحيط الخليجي، لذا فإن الاجتماع التشاوري للقمة الخليجية جاء ليعطي الانطباع بأن المجلس ليس منغلقا على نفسه، بل هو تجمع يرحب بانضمام الدول المؤهلة للتوافق مع سياسات دول المجلس، التي تعكس التطابق والتكامل السياسي والأمني والاقتصادي، فدول المجلس بقيت بعيدة عن الصراعات العسكرية والمواجهات السياسية، ونأت بمجتمعاتها عن العداء للشرق أو للغرب.

ومع ذلك، فإن تعرض بعض دول المجلس لما يمس أمنها واستقرارها كشف عن صلابة في الموقف تجاه ذلك الخطر أيا كان مصدره، وكانت الحكمة والهدوء في المعالجة للأوضاع الأمنية، كما أن توحيد الجهود ووضوح الهدف هو الأسلوب الأمثل، فالمحافظة على الأمن والاستقرار مسؤولية جماعية.

والواقع يؤكد أن القادة الخليجيين يتطلعون إلى اتحاد متماسك يسير بتقارب بين أعضائه وتفاهم عال يجعل من العضوية شيئا إيجابيا للدولة العضو ولشعبها، ولا أحد ينكر أن قادة مجلس التعاون، خصوصا خادم الحرمين الشريفين، حرصوا كل الحرص على أن يكون اليمن عضوا في المجلس، ومهدوا لذلك بحزمة من المشاريع الاقتصادية والتدرج في العضوية، لكن حالة الاضطراب الراهنة بين النظام ونسبة عالية من الشعب اليمني جعلت الأمور تسير في طريق التريث، لعل المبادرة الخليجية تؤتي ثمارها، وتعيد الأوضاع إلى طبيعتها قبل اندلاع الأحداث الجارية حاليا.

ومع ذلك، فإن جهود دول المجلس لم تؤت نتائجها المرجوة في إصلاح العلاقة المختلة بين النظام والشعب في اليمن، وفي هذا ما يكفي لدفع ما يُقال عن سياسة خليجية لاستبعاد بعض دول الجوار، فالعضوية ليست مجرد مقعد أو انتماء شرفي، لكنها مزيد من الاستقرار للدول الأعضاء، ومزيد من المكاسب، وهذا لا يأتي بالأماني، ولكنه نتيجة طبيعية لوجود علاقات خاصة وسمات مشتركة وتشابه في الطبيعة السياسية للنظام وللتشريعات، وللكيفية التي تدار بها البلاد في علاقاتها الخارجية وشؤونها الداخلية.

ولدولة مثل الأردن الحق في أن تبحث لها عن مقعد خليجي، فهي دولة تملك المؤهلات لذلك، فضلا عن تلك العلاقات المتميزة بينها وبين دول المجلس في إطارها الخليجي وفي علاقاتها المباشرة مع كل دولة خليجية على حدة، ولدول مجلس التعاون الحق في أن توجه الدعوة إلى المغرب، لتكون عضوا في المجلس، فالنظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وميثاق جامعة الدول العربية يدعوان إلى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى بين الدول والشعوب العربية.

إن أمام دول المجلس تحديات قادمة ليست مع أحد، لكنها مع تلك الأهداف النبيلة التي قام عليها المجلس، وكان القادة أوفياء لها، ونجحوا في تجارب عصيبة بفضل إيمانهم بالوحدة النابعة من وحدة الهدف والرؤية المبنية على القدرة والقوة على تحقيقها على أرض الواقع رغم الصعوبات التي تتزايد يوماً بعد يوم.
 
الخميس 16 جمادى الأول 1432 هـ. الموافق 19 مايو 2011 العدد 6429

 

مواضيع ذات صلة :