آراء وأقلام نُشر

التبعية للغرب أنهكت الاقتصاد العربي والفلسطيني

تعيش الدول العربية والإسلامية حالة من التبعية الاقتصادية للغرب نتيجة امتلاكهم سلعًا استراتيجية تتمثل في النفط والغاز وامتلاك موارد طبيعية حيث جعلت التبعية الاقتصادية العربية مكشوفة للغرب وضعيفة وعاجزة عن المنافسة والإنتاج.

وتكمن خطورة التبعية في أنها جعلت الدول الصناعية تهيمن على مقدرات الشعوب العربية و اقتصاد العرب تابع وضعيف في مقابل اقتصاد مسيطر.

وبحسب مختصين فإن أسبابًا عديدة أدت إلى التبعية منها اعتماد الدول العربية والإسلامية على منتوج واحد, وافتقار بعضها لرأس المال القوي, وغياب الزراعة والتصنيع, وتجذرت التبعية من خلال سيطرة الغرب على المنح والقروض التي تقدم للدول العربية وضرورة معرفة أين تنفق وكيف تنفق المساعدات.

وأجمع هؤلاء المختصون أن التبعية العربية للدول الغربية تختلف عن تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي، حيث إن فلسطين محتلة منذ سنوات والاحتلال يتحكم في كافة مواردها ومقدراتها وقام بتدمير اقتصادها كلما حاولت الخروج من تحت وطأة التبعية له.

وأوضحوا أن التبعية العربية للغرب خطيرة وألحقت الضرر بالاقتصاديات العربية وجعلت الشعوب العربية شعوبًا استهلاكية, وأدت إلى رفع معدلات البطالة والفقر في العالم العربي لغياب فرص العمل التي كان من الممكن أن تتوفر في العالم العربي لو تم إقامة مصانع وتحقيق أمن غذائي عربي « القيام بمشاريع زراعية تغطي المنطقة» .

تبعية مفروضة
المحلل الاقتصادي د. سامي أبو ظريفة رأى أنه في ظل العولمة أصبحت التبعية العربية للغرب مفروضة على العالم العربي ولم تعد خيارًا يمكن الانفكاك منه.

«وأوضح أن الدول الخليجية مرتبطة بالغرب وأمريكا نتيجة امتلاكهم سلعة استراتيجية تهم العالم ولا يستطيعون تصنيعها محليا فلجؤوا إلى تصديرها للدول الصناعية وإعادة استيرادها مصنعة » النفط عمق التبعية للغرب.

«وأشار أبو ظريفة إلى أن 80% من إنتاج العالم يتركز في يد 8-10 دول » الدول الصناعية «, فأصبحت الدول العربية تعتمد على الغرب في استيراد السلع والخدمات » عمقت التبعية للغرب.

«وأضاف :» التبعية الاقتصادية أدت إلى خسارة العالم العربي مليارات الدولارات لارتباط الأسواق المالية العربية بالأسواق الغربية وكل هزة تتعرض لها الأسواق الأوروبية والأمريكية تؤثر على الأسواق العربية , كما أن ارتباط العملات العربية بالدولار أدت إلى تراجع الاقتصاد العربي وتعرضه إلى مخاطر محدقة.

ولفت أبو ظريفة النظر إلى أن الاقتصاد الفلسطيني تابع للاحتلال على مدار السنوات السابقة وحتى اللحظة عازيا ذلك لعدة أسباب منها ضعف قدرات الاقتصاد الفلسطيني وسيطرة الاحتلال على الموارد الطبيعية الفلسطينية , وكذلك السيطرة على المعابر والحدود والمنافذ الاقتصادية.

وأوضح أن انفكاك فلسطين من التبعية للاحتلال يتم بشكل تدريجي, ويتطلب دعمًا ومساندة من العرب حتى يقوى ويستطيع الاعتماد على نفسه ويلبي متطلبات المجتمع الفلسطيني.

«وأضاف: الاقتصاد الفلسطيني ليس لديه قدرة على المنافسة في الأسواق العربية لأن الإنتاج العربي مشابه للإنتاج الفلسطيني, موضحا أنه يجب دعم الاقتصاد الفلسطيني الوليد بالالتزام بقرارات الجامعة العربية وتقديم الدعم لصمود الإنسان الفلسطيني, (...) الاستثمار في فلسطين مجد ويمكن أن يحقق مكاسب.

» يشار إلى أن التبعية الاقتصادية خلقت حالة من التشابك بين العرب والغرب , فمقابل استيراد النفط من دول الخليج تؤمن الدول الصناعية احتياجات العرب من السلع الاستهلاكية, كما يقوم العرب بتوظيف الفوائض المالية من عائدات النفط في بنوك الدول الأوربية وأمريكا « تعميق التبعية.

تبعية تتواصل
» من جانبه, أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر د. معين رجب في حديث لـ « فلسطين أن تبعية الاقتصاديات العربية والإسلامية للغرب ساهمت في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في العالم العربي.

وأوضح أن الدول ذات الاقتصاد الحر يمكن لها أن تحقق أهدافها الاقتصادية وتحد من القيود التي تفرض عليها, وأبرز أوجه التبعية في الوقت الحالي ارتباط العملة العربية بالدولار الأمريكي, وتصدير النفط والغاز إلى الغرب من ثم إعادة استيراده مصنعًا.

وأشار رجب إلى أن الدول العربية والإسلامية تبرر تبعية اقتصادها للغرب وربط عملتها بالدولار إلى أنها ليست قادرة على أن تكون لها عملتها المستقلة والتحكم في سعر الصرف.

» وأضاف : التبعية جعلت العرب عاجزين عن اتخاذ قرارات اقتصادية موحدة وكذلك التوحد ضمن الوحدة الاقتصادية العربية, وفشلوا في عمل سوق عربية مشتركة, وربطوا علاقتهم بالغرب على أساس المصالح الشخصية قبل المصلحة العامة.

وبين رجب أن الحد من التبعية يتطلب قرارات حازمة من الدول وفي الوقت نفسه أن يكون لها قدرات اقتصادية تستطيع الاعتماد على نفسها, التبعية حجمت من قدرة الاقتصاد العربي على المنافسة.

ولفت النظر إلى أن الوضع الفلسطيني يختلف عن الدول العربية حيث إن فلسطين محتلة و اقتصادها يتبع اقتصاد الاحتلال بالإضافة إلى أن الاحتلال هو المسيطر على الحدود والمعابر ويتحكم في كافة مفاصل الحياة الفلسطينية وأن التخلص من التبعية للاحتلال يتطلب دعم الاقتصاد الفلسطيني حتى يتمكن من الاعتماد ويقوى ويوفر فرص عمل بالتالي يستطيع الاعتماد على نفسه.

«وأوضح رجب أن القرارات العربية قيدت نتيجة للتبعية فلا يتمكن العرب من دعم الاقتصاد الفلسطيني إلا إذا سمح لهم الغرب بذلك, ويتضح هذا الأمر في أن العرب ومنذ سنوات لم ينفذوا قرارات هم اتخذوها » قرارات الجامعة العربية دعم الفلسطينيين ماليا.

وأكد أن العرب بإمكانهم التخلص من التبعية للغرب إذا حددوا أهدافهم الاقتصادية وحددوا قدراتهم وإمكانياتهم وتمكنوا من تحديد الطريق الأمثل لتحقيق الأهداف.

يذكر أن التخلص من التبعية الاقتصادية للغرب يتطلب إعداد خطط استراتيجية ودراسة الظاهرة بكافة جوانبها, حتى يتمكن العرب من التخلص من مشكلاتها وأثرها, وعليهم اتباع سياسة الاعتماد على الذات, وبناء تكامل اقتصادي عربي, التكتلات الاقتصادية أصبحت مهمة وهي سمة العصر.


 

مواضيع ذات صلة :