آراء وأقلام نُشر

معركتنا مع الارهاب (1)

 لا يستحق اليمن الإهمال...ولن يرتضيه لنفسه...وسواءً جاء من الأشقاء أو الأصدقاء. 

  الأشقاء معنيون بالدعم، لأن الأمر يعنيهم ؛ أولاً: لرابطة  الدم والجوار والعقيدة، وأما الأصدقاء فإن الإنسانية تجمعنا بهم.. ولا يخفى على أحد أن اليمانيين هم سفراء سلام ومحبة، فقد حملوا رسالة التوحيد إلى اصقاع الأرض وسيبقى ذلك شانهم وديدنهم  إلى قيام الساعة.

نعم.. اليمنيون يعيشون في معظم دول العالم على مر التاريخ، يحملون صفة السلام والمحبة.

بهذه المقدمة، اقول ان شعبنا عبر كل العصور يقدر مسؤوليته ويقدس دوره ’ حيثما كان، وحيثما وجد ؛ فما نزل ارضا وادخل معتركا الا وكان له مع اسمى القيم وأقدسها شان وبصمات، تركها شاهدة للعيان، تقرأها الاجيال والأمم دون عناء!

ومن نافلة القول :  ان نتذكر ونستعرض كل المحن والمعاناة التي عانتها   اليمن عبر التاريخ ؛ نتيجة للصراعات السياسية المحلية والدولية.

ويمكننا القول، جازمين أن اليمن عبر حقب طويلة كانت ضحية للمؤامرات والحروب والمطامع.

اليوم اليمن يعاني من الإرهاب الذي يستهدفها ويستهدف حاضرها ومستقبلها ؛  مما جعلها تتأرجح في خضم مصالح الدول العظمى المتصارعة قديماً أو حديثاً... وحرص القوى الكبرى موارد العالم سواءً الاقتصادية أو التجارية...بذلك تسبب موقع اليمن الإستراتيجي في الكثير من المآسي الكبيرة والخطيرة ومنها تمزيق أرضه واحتلال جزره وتلى ذلك احتلاله بالكامل ولقد كانت المعاناة من خلال الحصار والتجويع واعمال السخرة ومصادرة المحاصيل وتطبيق قيم العبودية عليه والجهل والفقر...ولقد بدأ مرثون... سباق القوى العظمى...السباق المبكر لاحتلال مضايق البحار والمحيطات كمقدمة دولية للسيطرة على التجارة الدولية من خلال الاستيلاء على الموارد الآقتصادية والثروات الطبيعية والصيد فكانت اليمن هي إحدى الضحايا للقوى العظمى مما جعلها في دائرة الاستهداف باعتبارها تسيطر على مضيق باب المندب بوابة المحيط إلى المتوسط وتسارع الغزاة في السباق المحموم على احتلال المضايق المائية للبحار والمحيطات حيث تؤكد الوقائع التاريخية مراحل الاحتلال كما سيأتي :-

لقد اشعلت البرتقال واسبانيا نيران المطامع الاوربية من خلال نجاح القراصنة كولمبس وماجلان الوصول للامريكيتين والهند و اندونيسيا وكانت التوابل والشاي ثم الذهب والمعادن الاخرى الغنائم التي عرضت القارات الخمس للاحتلال وهي الامريكيتين وافريقيا واستراليا وآسيا واليمن جزء من البلدان المستباحة بقوة السلاح وخلال الفترة الممتدة من القرن الحادي  عشر إلى القرن العشرين ميلادي عاش العالم حالة من الفوضى والرعب والظلم والقهر وتفشي الامراض المخيفة التي عرفت ووصفت بعصور الظلام..وبسببها تكبد العالم خسائر بشرية مذهلة...فقد اختفى قرابة 20 مليون نسمة من سكان استراليا الأصليين ...وحوالي 100 مليون نسمة من الهنود الحمر سكان الامريكيتين الاصليين وحوالي 180 مليون افريقي فقد منهم (88%) في المحيط عند اختطافهم من قارتهم للعالم الجديد وحوالي 100 مليون مسلم نتيجة الحروب الصليبية (500 عام تقريباً)بالمشاركة مع سفاحي آسيا ( جنكيز خان وتيمور لنك ) ثم تلى ذلك ظهور قادة عسكريين  لتأصيل استعباد شعوب القارات الخمس المغلوب على أمرهم ابرزهم قادة فرنسا وبريطانيا واسبانيا والبرتغال وامبراطوري النمسا والمجر  وروسيا ولحق بهم قادة الامبراطورية العثمانية..

لقد تفاوتت قدرات القادة العسكريين في الحروب الاحتلالية الاستعمارية وبرز نجم نابليون وإيزابيلا وجورج الخامس وأمبراطور النمسا والمجر ومحمد الفاتح وإمبراطور روسيا جمعيهم دوخوا العالم ولم يكن في حسبانهم ظهور قائد عسكري من جنسهم تمرد على الفوضى الاستعمارية فبادر إلى إعلان استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا عام 1776م لأنه ادرك بعقله الفذ أن مصير المهاجرين الاوروبيين سيكون كالهنود والزنوج المضطهدين وبتلك الخطوة الجبارة دق طبول الحرية ونفير الاستقلال ووضع اساس الأمل في الحرية والاستقلال لشعوب القارات هو العبقري الذي وضع الولايات المتحدة في جميع الصراعات الدولية واصبحت قوة احادية عظمى تتربع على عرش العالم... بذلك الإعلان وهو حقيقة لا تقبل الشك وضع جورج واشنطن نفسه في ذلك المكان ثم تابعه الرؤساء الامريكيون من بعده لدعم الحرية والاستقلال العالمي بغض النظر عن اخطاء امريكا في اليابان وكوريا، فتنام، العراق، باكستان، الصومال، اليمن، فلسطين...إن جورج واشنطن بحق هو عبقري الحرية والاستقلال للقارات الخمس المغلوب على امرها دون تكذيب...وخلال ذلك تعرضت اليمن لاحتلال مضيقها المائي باب المندب وجزرها في البحر الاحمر والعربي والمحيط الهندي بل واحتلالها كاملة من العثمانيين لمواجهة البرتقاليين كما سبقت الاشارة كما تأثرت تجارة اليمن بسبب الحرب  المصرية التركية مع الحبشة في السودان وارتيريا وعزلت اليمن عن العالم من جديد...وخلال ذلك كان العالم العربي والاسلامي تحت الاحتلال من افغانستان عام 1868م إلى اندونسيا 1521م إلى الجزائر والمغرب الاقصى عام 1830م ولم يكتف الغزاة المحتلين بموارد القارات الخمس المغلوب على امرها وصيطرتهم على التجارة العالمية والبحار والمحيطات بعد نجاح الثورة الصناعية واحلال الفحم والبخار بدلاً عن الحيوانات (الخيل – البغال – الحمير) بل سعوا إلى استغلال الجديد من الثروات وحين ظهر النفط في تكساس والاحتمال لوجود كمية تجارية في الشرق الاوسط والاقصى اتجهت انظار المستعمرين للهند الصينية...وبظهور النفط انقلبت موازين النقل والحرب وساعد ظهور المناطيط والطائرات والسفن التجارية والحربية إلى ظهور تحالفات وتكتلات دولية تحمي مصالح صناعية وتجارية هائلة استحدثت استخدام المستعمرات مثل البرازيل والصين والهند في الصراع الحربي مما ادى إلى اندلاع الحرب العالمية الاولى وما أن مضى عليها ربع قرن حتى انفجرت الحرب العالمية الثانية التي ارغمت اليابان واستراليا والامريكيتين وكندا وروسيا الدخول في حرب ظروس لم يشهد العالم مثيلا لها من قبل...وتكون الحصيلة البشرية لتلك الحرب الدامية حوالي 90 مليون انسان من الضحايا وبالتأكيد كان اليمن ممن يعاني من تلك المظالم وليس لها لا في العير ولا في النفير في الحربين العالميتين ولقد تحملت اليمن الدفاع عن حياة ابنائها من خطر المجاعة والأوبئة والأمراض الفاتكة ولم يكن لها علم او معرفة عن كيفية استلام اليابان والمانيا لان عزلها وعزلتها لثمانية قرون جعلها ضحية برائتها وارهاب القوى الغاشمة، الذي منعها من استغلال مياهها الاقليمية وثرواتها لانها كانت تحت الاحتلال العثماني والبريطاني في وقت واحد..

يتبع الحلقة الثانية 


صحيفة مال وأعمال العدد (98)


 

مواضيع ذات صلة :