آراء وأقلام نُشر

معركتنا مع الإرهاب (3)

 

سيبقى هاجس أبناء اليمن نشر الإسلام وهو الشرف الذي يحمله أبناء اليمن في أنحاء المعمورة إلى قيام الساعة وقبل الاسترسال في الحلقة الثالثة لا بد من أعطاء القارئ الكريم بعض المعاني والأمثلة عن الإرهاب لقد بدأ الإرهاب الأهلي مع الثورة الفرنسية عام 1792م وقد تم تعريف العنف ثم الإرهاب ... فالعنف طابع الحروب الأهلية لأن الرأفة لا تجد لها مكاناً فيها ... لذلك تحمل الحروب طابع الإرهاب لكون التنافس على السلطة هو الذي يسبب الاقتتال ... والسبب الأساس هو الخوف الذي يحمل النفس على المجازفة حيث تتعمد السلطة أي سلطة إلى إصدار القوانين ضد المشبوهين والمعارضين لها ... ومن هنا تنشأ المحاكم الخاصة والعسكرية للتخلص من الخصوم ... فالحكومة التي تمارس هذا العمل سواءً كانت وطنية أم قوة احتلال فهي توصم بالإرهاب ... لقد كانت الشبهة في الثورة الفرنسية جزء من معادلة ... وتعني ... الشبهة فالمحاكمة فالمقصلة ... وقد كان من الضحايا قائد الهجوم على سجن الباستيل الشهير ... السيد مولان وزوجته ... كما أطلق فيها الإرهاب الأبيض والأسود ... وكان رفع العلم الأحمر رمز للفلاحين ... ثم تحول شعار الاشتراكية والشيوعية عالمياً لذلك وصمت الشيوعية والنازية والفاشية والصهيونية بالإرهاب الأحمر والماسونية والمافيا بالأبيض لأن جرائمها في ظل دول قائمة ... لقد كانت الأجنحة المتصارعة في الثورة الفرنسية ... تتهم الحكومة بالتلاعب ... بعبارتي ... الحرية ثم العدالة ... فالحرية لديها .. هي حرية العمل لصالحها ... والعدالة ... هي إبقاء نفسها في الحكم ... وتتذرع بهما لوضع الخصوم في السجون والتخلص منهم بالقتل ... وهكذا تحارب الثورات أو الفتن الأهلية نفسها ... وتلتهم أبنائها ... وتدمر نفسها ... وتزعزع أمنها وسلامها وسلامتها ... وجوهر الإرهاب ... الظلم وعدم الإنصاف ... والأمثلة كثيرة على الحروب الأهلية منها الأمريكية والفرنسية والإسبانية واليابانية والصينية واللبنانية وحالياً السودانية الصومالية السورية واليمنية .

لقد أشرنا في الحلقة السابقة إلى بداية المناوشات بين شطري الوطن منذ عام 1967م ولابد من الإشارة إلى أسبابها الإقليمية والدولية وقبل الاسترسال في هذه الحلقة لابد من التنويه إلى أن الحوادث والمعارك ثم الأحداث التي يشار إليها هنا تعد إرهاباً محلياً لأنها داخل اليمن ... ولم يكن لها تأثير إقليمي أو دولي ... وخلال الفترة من عام 1919م وحتى عام 1967م تأريخ قيام اليمن الديمقراطية حقق الشطر الشمالي إنجازات على صعيدين هما العلاقات الإقليمية ثم الدولية وأبرز هما القضية الفلسطينية والمسألة اليهودية ... فعلى المستوى الأول نشأت علاقات ثنائية في الجانب الاقتصادي والثقافي والعسكري مع كلاً من المملكة الشقيقة ومملكة العراق ومملكة مصر ومملكة الأردن ثم فلسطين وكذلك مع روسيا والصين وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وبريطانيا المحتلة للشطر الجنوبي ، وكذلك مع أثيوبيا وهولندا كما تم فتح مكتب قنصلي في واشنطن عام 1947م لغرض المساعدة في استخراج النفط من اليمن وبدأ العمل في منطقة الزيدية بالحديدة كما بدأ الاستيراد لبعض السيارات الأمريكية ... أما المستوى الثاني فقد تمت المشاركة في حلف بغداد من خلال الحلف اليمني السعودي العراقي (الأخوة) عام 1931م ثم في اللجنة العربية الرباعية حول فلسطين في القاهرة عام 1931م ثم في بلودان سوريا حول فلسطين عام 1946م ومن ثم الانضمام إلى الأمم المتحدة عام 1947م مع الالتزام باتفاقيتي (الطائف والعرو) لإنهاء الحرب اليمنية السعودية حول إقليم عسير اليمني عام 1934م دون استفتاء يمني على تسليمه (لقد أحس الشعب بالصدمة وبانت خطة الكماشة البريطانية بضرب المحافظات الجنوبية من الشمال المتاخمة للمحميات البريطانية واحتلال تهامة من الغرب حتى الحديدة الميناء الوحيد لليمن ووصول القوات المعادية حتى زبيد وهي الخطة التي أجبرت الأمام يحيى على المصادقة على تنازل الإدريسي وهو غير يمني عن عسير للملك عبد العزيز خطة بريطانية) الأمر الذي شكل صدمة وطنية ولتخفيف الاحتقان الشعبي انفجرت الثورة الدستورية في صنعاء عام 1948م بقيادة العلامة/عبد الله الوزير الذي كان الذراع القوي للأمام يحيى حميد الدين أما القائد الميداني للثورة هو الضابط العراقي الزعيم/ جمال جميل كبير معلمي الجيش في سلاح المدفعية وهو الذي جاء إلى اليمن بموجب الاتفاقية مع العراق عام 1931م لكن الذي نفذ عملية الاغتيال للمرحوم/يحيى حميد الدين هو الشيخ/ علي ناصر القردعي ومجموعة من أبناء مشائخ بني حشيش والحارث ومأرب وحريب والبيضاء وغيرهم ... وتمت العملية في منطقة حزيز في ضواحي صنعاء بموجب فتوى أو حكم شرعي (من بيت الهجوه وبيت الوزير ) بيد القردعي الذي شارك في خطة صنعاء مع الفضيل الورتلاني وفي اجتماع جدة مع عبد المجيد الأصنج والعلامة الوزير والملحق البريطاني وهي خطة شاملة لانقلاب عام 1948م ... لقد كان السيف أحمد ولي العهد في تعز حينها ... وقد تمكنت عيونه وأتباعه من معرفة الانقلاب وإبلاغه إليه سلكياً ثم من أخوته الحسين والعباس وربما كان علمه بالانقلاب قبل معرفة الانقلابيين أنفسهم ... كان الملك عبد العزيز أول المنجدين للسيف أحمد فقد تناسوا الخصومة في معارك استرداد عسير حيث كان السيف أحمد قائد جيوش أبيه حتى وصل إلى الطائف لقطع الخطوط عن القوات السعودية البريطانية المشتركة التي وصلت إلى حرض ثم الحديدة وحتى زبيد بقيادة الأميران خالد وفيصل أبناء عبد العزيز ... لقد أرسل الملك عبد العزيز الدعم المالي من الذهب والعسكري من السلاح وأجهزة الاتصال والمعنوي القيام بإبلاغ الجامعة العربية بعدم الاعتراف بالانقلاب مما عكس الأحداث لصالح السيف أحمد وضد الانقلابيين في صنعاء بقيادة العلامة الوزير ... الأمر الذي مكن السيف أحمد من الإعداد للزحف على صنعاء واستباحتها لثلاثة أيام ومن ثم إعدام الانقلابيين فيها.

 

يتبع الحلقة الرابعة


 

مواضيع ذات صلة :