آراء وأقلام نُشر

كيف يتم مواجهة الفساد

 
حتى لا نتوه بين شعارات وهتافات هلامية علينا أن نحدد ونشخص المشاكل والأخطاء التي كانت السبب المباشر وغير المباشر في الكثير من ظواهر التخلف والتدهور الذي نعيشه , ونضع الآليات والوسائل التي تقطع الطريق وتحد من تلك المشاكل , وهذا الكلام موجهة للحكومة الجديدة .
فلننظر للفترة الماضية التي عملت فيها حكومة الوفاق , وكذلك الحكومات السابقة , ولكيفية تعاملنا كمهتمين بالشأن السياسي والاقتصادي مع تلك الحكومات, وكيف كانت مفردات الخطاب الإعلامي , سنجد أن حال الشكوى والبكاء , وعدم الرضا من الأداء الحكومي , والتحدث عن مظاهر فساد وإفساد في حياتنا العامة , وفي ذلك الكثير من الصواب , لكن كل ذلك لم يغير من الأمر شيئا , والسبب أن كل ما قيل ويقال عبارة عن كلام في الهواء .
ورغم أن المناخ الديمقراطي المنفتح منذ فترة , ونعيشه الآن بصورة أشمل , إلا أننا لم نستغله بطريقة عملية وفعلية , واستمررنا في إطلاق الأصوات المتشنجة , ونبتعد عن ممارسة الأدوات الفعلية التي تتصدى لكل المظاهر المعيقة للتنمية .
فنحن لانزال نطلق شعارات ضد الفساد والمفسدين, وطالبنا بإسقاط حكومة الوفاق ونعتها البعض بأقذع الصفات , ومع ذلك ستذهب , ولم يحدث لها أي شيء , لماذا :لأن كل ما قيل كان كلاما لم يجد له حاضنة رقابية وقانونية وقضائية يتفحصه ويقيمه ويزكيه ويتابعه , ويصدر على ضوئه الأحكام , ويحدد العقوبات .
وأكثر من ذلك فقد مصطلح الفساد والإفساد خطورته بعد استخدامه دون تريث في خطاب بعض القوى السياسية ضد خصومها في الأطراف الأخرى , وأصبح عبارة عن كلمات مرادفة لكلمات الشتائم المتداولة في الشارع .
وحتى التقارير والدراسات البحثية , والوثائق التي كانت تدين بعض الجهات والأشخاص , لم توظف وتستغل بطريقة سليمة , والسبب الخلط القائم بين ما هو سياسي وبين ما هو اقتصادي وإداري , وكانت الأخطاء والتجاوزات الاقتصادية والإدارية العميقة والمضرة , تميع وتضمحل لأنها محصنة بالعامل السياسي .
ولذلك نخشى أن يكون وضع الفترة القادمة لا يختلف عن الماضي, إذا ما استمررنا في استخدام المفردات العبثية للاستهلاك الشعبي, والمناكفات والمكايدات السياسية , فإن الحال سيكون أسوأ بكثير وتراكم مشاكل التخلف ستنمو إلى مستوى العجز عن المعالجة والمواجهة .
لذلك فإن لغة التهبيش والربيش يجب أن تختفي أولا وأخيرا .
ثانيا :لابد من حضور الدولة في كل شبر من أراضي اليمن وإخضاع كل مواطن للنظام والقانون دون استثناء ( لا سلاح , ولا نفوذ إلا للدولة )
ثالثا - لابد من تفعيل هيئات وأجهزة الرقابة ومكافحة الفساد .
ورابعا : لابد أن يعاد النظر في الجهاز القضائي , ليكون جهازا تنفيذيا حقيقيا ومكملا لدور الأجهزة الرقابية , لا يخضع لرغبات وضغوطات الأطراف السياسية والقوى المتنفذة مهما كان , وبعد ذلك إذا كان هناك من توجيه الاتهام بالتقصير , فيجب أن يوجه إلى الجهات الرقابية والقضائية على وجه التحديد .
خامسا : تفعيل دور الرقابة المجتمعية , وهو ملحوظ في الكثير من الدول , والمعروف حاليا بمفهوم الحوكمة , ويعني ذلك أن المواطن شريك في الرقابة على أداء المؤسسات والمرافق التي تقدم له الخدمة , ويكون مطلعا على طبيعة المشاكل وطريقة الإدارة , من خلال تمثيله في مجالس إدارات هذه المرافق , وبالتالي , يكون المواطن كما يقول المثل ( يعرف البير وغطاءه ) 
سادسا : لابد أن يكون معيار الشفافية هو البارز والحاضر في كل الأنشطة , والمعلومات متاحة لكل مهتم , والحمد لله أصبح لدينا قانون حرية الحصول على المعلومات , ولكننا نتساءل إلى أي مدى استفاد المهتمون من هذا القانون .
صدقوني أن الكثير من الكلام قد قيل والكثير من العبارات الثقيلة قد تطايرت , ولكنها زوبعة في فنجان , وظل العابثون والفاسدون والمخربون وقطاع الطرق والقتلى والمأجورون منتشرين في كل مكان , ومع ذلك لم نشاهد أحدا منهم في قفص الاتهام , ولم نتأكد فعلا هل هم مذنبون , لأن هذا من اختصاص العدالة أولا وأخيرا , فكل الأمل والرجاء هو النظر مستقبلا لما ستعمله أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد ,وما ستنطقه العدالة من أحكام .

 

مواضيع ذات صلة :