أفتتح في المركز الثقافي الإسباني سيرفانتس بالرباط يوم 12 أبريل 2012 معرض للوحات والصور الفوتغراقية، والبوسترات، والافلام، وأدوات الدعاية بين عامي 1976 ــ 2011، وقد حضرالأفتتاح مفوض المعرض رامون أديل أرخيليس، الذي أسهم بشروحات وافية لما معروض من لوحات وأعمال فنية، وقد تميز المعرض برسومات لفنانين مشهورين مثل خينوبيس ومجموعة كرونيكا وكينو وخوسي رامون سانتشيث، وخوسي رامون بايتستيروس، وكوبري، وأغاتا رويث دي لا برادا، كما خصص في المعرض جناح صغير للملصقات، والصور والمطبوعات لبعض اللقطات من افلام مختلفة المستوى، حاول مخرجوها أن ينقلوا وجهات نظر الجهات السياسية التي يمثلونها، والتي تحث النائب الأسباني البسيط لأنتخاب الجهة السياسية التي صور الفيلم من أجلها، فنجد لقطات من فيلم النائب 1978 وفيلم صوتوا لغوندينسالبو 1978 وفيلم عمدة بالانتخاب 1976 و العمدة والسياسة 1982 وفيلم صوت السيد كايو المتنازع عليه 1986 المأخوذ عن رواية لميغيل ديليبيس وبالعنوان نفسه، لقد كانت الافلام السينمائية في بداية المرحلة الانتقالية طفرة نوعية في سياق التوظيف السياسي، الذي شجعته حرية التعبير في إسبانيا، وما سمي وقتها في أثناء تمثيل تلك الأفلام بسينما رفع الغطاء والتي خلال تصويرها يخلع الممثلون ملابسهم في بعض المشاهد لزيادة حماسة الناخبين، لأنتخاب مرشح بذاته، أو لكي ينبهوا إلى حالة ما سلبية في سياسة الحكومة السابقة، والتي ينبغي تغييرها مهما كانت الظروف والأحوال حتى بخلع الملابس والبقاء عراة تحت رحمة عدسات التصوير.
اللوحات والصور
يعتبر هذا المعرض سياحة فنية حقيقية فيما انتجته مواهب الفنانين الأسبان خلال خمس وثلاثين عاما من الدعاية السياسية للمرشحين للأنتخابات الإسبانية، وقد قسم المعرض إلى أجنحة وضم كل جناح اللوحات والصور والبوسترات السياسية، وكذلك أدوات الدعاية الأنتخابية الصغيرة، وما سمي ب ادوات الترويج الأنتخابي كالملصقات الصغيرة، الشارات، العلامات، المسكوكات المعدنية، دفاتر اليوميات، قسيمات الشراء، حاملات المفاتيح، الأقلام والأوراق، الأكواب، شفرات الحلاقة، مكعبات روبريك، وما يوضع على الصدر من شعارات، وما كان يطبع على الملابس الخاصة التي يستخدمها المروجون للمرشحين، خلال سنة الأنتخابات، وقد وضعت نماذج من تلك الحاجات الصغيرة في رفوف ضمن المعرض، وقد بدأت الأجنحة بسنة 1976 وقد تميزت تلك السنة، وما بعدها بعلب أعواد الثقاب، التي تحمل إشارات أنتخابية، والولاعات ومنافض السجائر، التي كانت في وقتها من أهم الوسائل دعاية للمرشحين، وبعد ذلك ظهرت اليوميات، وأقلام الحبر، أوراق النرد، الأسطوانات والأشرطة السمعية، وأشرطة الفيديو، ألعاب الأطفال، وقرب النبيذ، المصابيح اليدوية، السكاكين، وأنتهت بجناح لسنة 2011.
لقد منحنا المعرض نماذج من أستفادة السياسي من الفنان ومن المثقف، فقد وظف الفن ووظفت الثقافة في صلب العملية السياسية، وليس كما في الدول حديثة الديمقراطيات التي يعتبر سياسيوها عن جهل وتخلف عما يحدث في العالم الفن زائدا عن الحاجة والثقافة لا مبرر لوجودها في الجهد الأنتخابي، أو السياسي، لقد عبر الفنان والمثقف عن نفسه بما خطه من شعاراتها، وكذلك الفنون البصرية التي استخدمت في كتابة اسماء مرشحيها، ورأينا عبر اللوحات والصور كيف تطورت مختلف أساليب الأقناع المستعملة وبما توفره التقنيات للتواصل مع الناخبين، ومن خلال ماعرض في المعرض وبشكل كرونولوجي، مختارات جماعية من أكثر من خمسين إعلانا، ومئات البوسترات، والأشياء المتميزة التي زينت بها المدن والقرى الإسبانية خلال العقود الثلاثة والنصف الأخيرة، إعلانات وأشياء كانت تدعوالمواطنين للتصويت لصالح حزب معين أو لتحالف ما أو لصالح مقترح وطني أو ضده، وقد حمل المعرض صور بعض المرشحين، الذين صاروا فيما بعد رؤساء حكومات في إسبانيا مثل أدولفو سواريث، فيليبي غونثاليث، خوسي ماريا أثنار، خوسي لويس رودريغيث ثابا تيرو، ماريانو راخوي .
المنظمون لهذا المعرض أخضعوا ماتوفر لديهم من لوحات وصور وبوسترات إلى أنتقائية لأختيار النماذج التي تمثل المرحلة، وقد ركزت أنتقائيتهم على جمالية الرسم أو أهمية الرسالة التي يوصلها للمشاهد، أو أبتكاره المتفرد بألتقاط الصورة أو موضوعها، فجميع المصقات المختارة لها رسائل خاصة أو هي تقول شيئا ما لنعرف خفايا تلك المرحلة، وهواجس ناخبيها ومرشحيهم، أضافة إلى الملصقات التي تمثل مرحلة كلاسيكية في فن البوستر أو إلاعلان الأنتخابي، التي تتميز بصور للمرشحين المرجعيين وشعار الحملة في تلك الفترة والخط، والطريقة التي كتب بهما اسم الحزب، وهذه المرحلة الكلاسيكية هي السائدة اليوم في الأنتخابات في دولنا العربية على سبيل المثال، بينما تجاوز العالم هذه الطرائق الدعائية منذ أكثر من خمس وثلاثين عاما، وقد صارت الدعاية الأنتخابية فنا راقيا مبدعا يتوسم أرقى ما خلقه الله تعالى في الإنسان عقله، وتفهمه للحق والعدل والجمال والبحث عن الأنصاف، وتحقيق المجتمع الخالي من الظلم، والقهر، وسيادة الأقوياء الغاشمة.
ومما عرض من لوحات وبوسترات دعائية نرى أن بعض مثقفي اسبانيا المعروفين وكتابها ظهروا في تلك المعروضات كمرشحين من أمثال الروائي غابرييل ثيلايا والشاعر الكبير روفائيل ألبيرتي ، ومن الملاحظات أنه مع مرور السنوات أصبحت الحملات الأنتخابية خاصة في الأحزاب الكبرى تدرس بشكل أكثر عمقا ويشرف عليها فنانون ومثقفون مهمون، وتقنيون، وتصل إلى الناخب عبر وسائط متعددة بعد أن تطورت وسائل الإتصال الراديو، السينما، والتلفزيون وخاصة التقنيات الحديثة الأنترنيت، المواقع الألكترونية والتي أضافت للنشاط الدعائي المدونات الخاصة، الفيسبوك، تويتر، وغيرها ، لقد غطى المعرض بحق 35 عاما من فنون الدعاية الأنتخابية في إسبانيا.
الزمان