اقتصاد يمني نُشر

الدول الغنية تواجه الأزمة بتقليص العمالة الأجنبية

Image درج المهاجرون في أوروبا وأمريكا في سنوات الرخاء الاقتصادي على القيام باعمال مثل، جني الثمار في مزارع جنوب كاليفورنيا، والعمل في الانشاءات في اسبانيا وايرلندا، وتصميم البرامج في وادي السيلكون، وكذلك الكدح في مصانع الدول الغنية في ارجاء متفرقة من العالم. وما زال الكثيرون منهم يواصلون هذه الاعمال بالرغم من الازمة الاقتصادية العالمية.
لكن وعندما طلت ازمة البطالة براسها في معظم الدول الغنية، تغيرت ابتسامة الاستقبال التي كان يتلقاها المهاجرون لهذه البلدان.
ووفقا لتقرير ورد على موقع "الإيكونوميست" الإلكتروني، شنت عدد من الهجمات على العمال الرومانيين في شمال إيرلندا ولقي بعض الطلاب الهنود في استراليا هجمات مماثلة.
وأشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير نشرت في 30 يونيو الماضي، الى ان استجابة الكثير من الدول لهذه الاحداث لم ترقى سوى إلى المزيد من تشديد اجراءات الهجرة.
كما قللت الحكومات من حصصها في أعداد العمال الاجانب وادخلت شروط اكثر صرامة في محاولة منها لضبط تدفق المهاجرين اليها.
وذهبت بعضها ابعد من ذلك بالدفع للاجانب ليعودوا الى مواطنهم.
كما خفضت الكثير من الحكومات في اعداد المسموح لهم بالدخول عبر البرامج الرسمية الى اراضيها. حيث كانت اسبانيا تسمح بدخول 15 ألف و731 مهاجرا عبر برنامجها الاسعافي في العام 2008، غير أنها خفضت الرقم الى 901 شخص فقط خلال العام الجاري.
اما الحكومة الايطالية فقد اعلنت عن عدم السماح بدخول اي عمال غير موسميين هذا العام، في الوقت الذي كانت تسمحفيه بدخول 70 ألف شخص بطريقة رسمية في العام 2008.
وحتى على الجانب الآخر من العالم، وفي آسيا تحديدا، فقد خفضت كوريا الجنوبية من عدد المسموح لهم بالدخول إلى أراضيها وفق أذون للعمل، إلى 17 ألف شخص خلال العالم الجاري بعدما كانت تسمح بدخول 72 ألف شخص في العام الماضي.
ولم تسلم استراليا من سياسة تحديد الوافدين، فقد أعلنت كانبيرا في وقت مبكر من هذا العام السماح بدخول 133 ألف و500 من العمال المهرة.
غير أنها تراجعت في قرارها وخفضت العدد إلى 108 آلاف و100 عامل فقط. ويعاني عدد من الدول من نقص في بعض المهن، مما يجعل الحاجة لمحة للعمال الأجانب المهرة ، خاصة وإن كانوا من ذوي الخبرات المهنية العالية.
غير أن الأزمة المالية أجبرت عدد من الدول لتخفيض عدد العمال الأجانب المهرة، وذوي الخبرات المهنية العالية، كالقائمة الإسبانية التي قلصت إلى الثلث في أكتوبر الماضي.

استحداث قوانين صارمة

في غضون ذلك قامت بعض الدول الصناعية باستحداث قوانين صارمة على الشركات التي تستقطب العمال الأجانب مثل القانون البريطاني الذي يفرض على الشركات تحديد مكان وضع إعلان الوظائف.
ونظيره الأمريكي الذي استحدث قانون توظيف العمال الأمريكيين والذي ألحق بوثيقة التحفيزات المالية، والقاضي بفرض غرمة على الشركة التي تلقت مساعدات حكومية وترغب في توظيف عمال أجانب مهرة بموجب برنامج فيزا اتش 1 بي.
ونتيجة لذلك، حصرت المصارف الامريكية والمؤسسات المالية الوظائف على الاجانب المولودين في الولايات المتحدة والمتخرجين من جامعاتها أو الحاصلين على شهادات عليا من المنشئات التعليمية الأمريكية، وحتى الأجانب الذين لديهم أوراق عمل رسمية، فإنهم يجدون صعوبة في تجديدها.
وفي بعض البلدان، أظهر مشرعو تنظيم سوق العمل فيها براعة أكبر ليس في الحد من تدفق الاجانب إلى دولهم فحسب، بل في تخفيض النسبة المقيمة لديها، وذلك من خلال تشجيع الوافدين على العودة إلى أوطانهم.
ففي اسبانيا على سبيل المثال، نجد ان بعض المهاجرين اليها من خارج دول الاتحاد الاوروبي أرقر لهم بجزء من المزايا الاسبانية في نوفبر الماضي، مقابل قضاء مدة ثلاثة سنوات خارج اسبانيا.
كما وعدت الحكومة التشيكية تقديم سعر تذكرة السفر ومبلغ 704 دولار اضافية لمغادرة العمال الذين تم الاستغناء عنهم، حيث لقى هذا العرض استحسان ألف و100 عامل منغولي في نهاية مارس الماضي وعادوا إلى بلادهم على نفقة الحكومة التشيكية.
في المقابل، يبدو امر الحد من تدفق الاجانب منطقيا في دول أصبح العديد من مواطنيها يعيشون على قوائم البطالة.
كما انه ليس من المستغرب في بلد مثل اسبانيا والتي بلغ معدل البطالة فيها نحو 18 بالمئة ان تحاول جاهدة الحد من تدفق الاجانب الى داخل اراضيها.

ليست حلول

غير أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أشارت إلى العديد من المشاكل التي يمكن ان تنجم عن ذلك، وأكدت على أن الدروس والعبر المستوحاة من السبعينيات عقب الكساد الذي نتج عن ارتفاع اسعار النفط والذي قاد المانيا، وفرنسا وبلجيكا لاتخاذ اجراءات صارمة بشان الهجرة، وأفاد المنظمة إلى أن مثل هذه القوانين المضادة للهجرة قد لا تزول حتى بعد زوال اسبابها.
وبالمنظور السياسي، فمن السهل تشديد الاجراءات كما يحدث الان، واكثر من التساهل فيها حتى بعد ان يبدأ الاقتصاد في استرداد عافيته مرة اخرى. كما ان هنالك نقص حقيقي في بعض الوظائف مثل الطب وبعض الوظائف التقنية الهندسية والتي ليس من السهل تدريب المواطنين المحليين عليها بالسرعة المطلوبة.
 لذا، فان الحد من هجرة الاجانب عموما يجعل هذا النقص اكثر سوءا.
بالاضافة الى ذلك، فان التدابير المتبعة للحد من الهجرة مثل تشديد اجراءات التجديد للذين يحملون اذونات عمل مؤقتة، تؤدي لدفع هؤلاء للبقاء بصورة غير قانونية.
كما ان الدفع لاشخاص مقابل مغادرتهم البلاد وبقائهم خارجها لمدة ثلاثة سنوات، قد لا يكون في صالح الانتاج اذا ما استعاد الاقتصاد عافيته في العام 2010 وعادت الحاجة لهؤلاء العمال.
وعندما يخرج العالم من ازمتة الاقتصادية، فان الدول التي سنت قوانين تحد من مقدرة الشركات في توظيف الاجانب، ستجد نفسها تفتقر الى المرونة التي يجلبها المهاجرين.
ويعود الفضل في نمو اكثر من خمسي العمالة بين الأعوام 2003 و2007 في استراليا، الدنمارك، ايطاليا، واسبانيا، الى العمال المهاجرين، وبنسبة 71 بالمئة في بريطانيا في نفس الفترة.




المصدر : وكالات


 

مواضيع ذات صلة :