اقتصاد يمني نُشر

مخصصات واشنطن لمواجهة الأزمة 23.7 تريليون دولار

Image أعلن محقق حكومي أمريكي، أن الولايات المتحدة تعهدت بتخصيص مبلغ قد يصل إلى 23 تريليوناً

و700 مليار دولار؛ لمواجهة أسوأ ركود، وإنعاش النظام المالي الذي أضعفته الأزمة.
وقال المفتش العام المكلف بـ«برنامج إنقاذ الأصول الهالكة» نيل باروفسكي، إن الدعم الحكومي الهائل زاد كثيراً في الأشهر التسعة الأخيرة، منذ إنشاء البرنامج الذي قدرت قيمته أولاً بـ 700 مليار دولار.
وأضاف «إن البرنامج، رغم حجمه وأهميته، ليس سوى جزء من جهد حكومي أوسع لضمان استقرار ودعم النظام المالي».
ويستعد باروفسكي للإدلاء بإفادة أمام لجنة الإشراف على الإصلاح الحكومي في مجلس النواب.
وقال باروفسكي «منذ بدء الأزمة المالية في العام 2007، وضعت الدولة الفيدرالية عشرات البرامج التي تهدف بشكل عام إلى دعم الاقتصاد والنظام المالي». وأضاف «إن مجمل قيمة دعم الدولة الفيدرالية قد يصل حتى 23 تريليوناً و700 مليار دولار».
وأشار إلى أن الأمر لا يتعلق بمبلغ صرف فعلياً من الموازنة الفيدرالية، بل بسلسلة من عمليات التمويل المقترحة، التي تأتي من هذه الموازنة، ومن موارد في «الاحتياطي الفيدرالي»، ووسائل أخرى تحركها الوكالات الفيدرالية.

أطفأنا الحريق
وفي غضون ذلك، دافع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عما قام به خلال الستة أشهر الأولى من عهده بإعلانه أنه «أطفأ الحريق»، الذي تمثله الأزمة، ولكنه أقر بأنه لا يزال الكثير من العمل للقيام به من أجل السيطرة على الوضع.
وقال أوباما الذي بدأ يواجه أول إشارات شك من جانب الأمريكيين حول سياسته الاقتصادية «اعتقد أننا ابتعدنا عن الهاوية، اعتقد أننا أطفأنا الحريق».
 وأضاف «التشبيه الذي استعمله أحياناً هو أنه كان عندنا بلداً رائعاً، وقد اندلعت فيه النيران، لقد وصلنا، وكان يجب أن نبدأ بإطفاء الحريق، لقد انطفأ الحريق، ولكننا اكتشفنا أنه كان هناك هيكل، وأن السقف قد تطاير، وأن المرجل غير صالح للاستعمال، ثم إننا تأخرنا في تسديد الدفعات»، وذلك حسب مقتطفات من مقابلة مع محطة التلفزيون الأمريكية «بي بي إس».
وأقر أوباما بأن هذه الأعمال الكبرى التي تجري بـ «مصادر محدودة التي هي مصادرنا» ستأخذ بعض الوقت.
وقال أيضاً «لم نتخلص من المأزق ولا أحد يعي غيري المشكلة التي يجتازها الناس حالياً».
وتحدث أوباما عن الإجراءات التي اتخذتها إدارته من أجل النهوض الاقتصادي، وكذلك من أجل تسوية النشاطات المالية للحؤول دون ركوب المخاطر الكبيرة التي أسهمت بشكل كبير في الأزمة. وقال «إن بنوك (وول ستريت) لم تبد ندماً للمخاطر الجسيمة، التي تسببت في التراجع المالي، ودفعت بالولايات المتحدة إلى الكساد».
وكان أوباما قد أعلن في يونيو الماضي عن إصلاح تنظيمي شامل يهدف إلى تعزيز الرقابة على البنوك والأسواق؛ لتجنب تكرار الأزمة المالية.
وقال «المشكلة التي أراها أنا على الأقل، هي عدم إحساس الناس في (وول ستريت) بأي شعور بالندم لأخذ كل هذه المخاطر».
وتابع «لا نلمس تغيراً في الثقافة والسلوك نتيجة لما حدث، ولهذا السبب تكمن أهمية اقتراحات الإصلاح التنظيمي المالي التي طرحناها».
وقال أوباما إن الإصلاحات التنظيمية المزمعة ستمنع مؤسسات «وول ستريت» من أخذ المخاطر الجسيمة التي اتخذتها قبل الأزمة المالية.
وأضاف «إن المساهمين أيضاً يجب أن يكون لهم الحق في اتخاذ القرار الخاص بالعلاوات الضخمة التي تمنح لكبار المسؤولين».
ودفعت وول ستريت علاوات تزيد على 18 مليار دولار في العام 2008، وهو العام الذي احتاجت فيه إلى تريليونات الدولارات من أموال دافعي الضرائب لدعمها.
 وفي رد على سؤال حول ما إذا كان قلقاً بشأن القفزة في الأرباح التي أعلنها بنكا «غولدمان ساكس»، و«جيه.بي مورغان تشيس»، قال أوباما إن تأثير إدارته عليهما أصبح أقل في الوقت الجاري، إذ قاما بسداد أموال تلقياها بموجب خطة إنقاذ حكومية.
وأضاف «إن الإجراءات التي اتخذتها حكومته لتحقيق الاستقرار الاقتصادي تؤتي ثمارها، رغم التوقعات بارتفاع معدل البطالة عن عشرة بالمئة خلال أشهر».
وتابع «أعتقد أننا أخمدنا النيران، التشبيه الذي استخدمه أحياناً هو أنه كان لدينا هذا المنزل الجميل، ثم نشب حريق فتدخلنا لأنه كان لزاماً علينا أن نخمد النيران» .

استراتيجية الخروج
وقال بن برنانكي رئيس مجلس «الاحتياطي الاتحادي» (البنك المركزي الأمريكي)، إن المبالغ الهائلة التي ضخها البنك في الاقتصاد، لن تقلل من قدرته على رفع تكلفة الاقتراض، عندما يحين الوقت المناسب.
وشدد برنانكي على أن الاقتصاد الأمريكي الضعيف سيتيح على الأرجح إمكانية اتباع سياسات مخففة على نحو استثنائي لفترة طويلة مقبلة.
وأوجز في مقال بإحدى الصحف، الطريقة التي يمكن أن يرفع بها المجلس أسعار الفائدة حتى مع وجود سيولة نقدية كبيرة في النظام المالي.
وكتب برنانكي في المقال الذي نشر على موقع صحيفة «وول ستريت جورنال» على الإنترنت «سيكون من الممكن على الأرجح اتباع سياسات للتكيف على الأوضاع لفترة طويلة، ولكن عند مرحلة ما عندما ينتعش الاقتصاد سنحتاج إلى تشديد السياسة النقدية لمنع ظهور مشكلة التضخم».
 وتلقي الخطوط العريضة «لاستراتيجية الخروج» من التخفيف الاستثنائي للسياسة النقدية ضوءاً على الشهادة التي سيقدمها برنانكي للكونغرس أثناء عرضه التقرير الاقتصادي، الذي يصدره المجلس مرتين سنوياً.
ولم يبد المستثمرون رد فعل كبير إزاء المقال.
وقالت سو ترينه محللة أسواق الصرف لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس» في سيدني «لا يبدو أنه يتعجل التخلص من مبالغ التحفيز الزائدة في النظام».
وخفض المجلس أسعار الفائدة الرئيسة لليلة واحدة إلى ما يقرب من الصفر، وضخ ما يزيد على تريليون دولار في الأسواق المالية لمواجهة أسوأ أزمة مصرفية منذ الكساد العظيم، وإحدى أسوأ فترات الكساد منذ عقود.
وأبدى عدد من الاقتصاديين قلقاً من أن تكون سياسات مجلس الاحتياطي، قد زرعت بذور تضخم، ربما يظهر بقوة عندما يتحسن النشاط الاقتصادي.
واعترف برنانكي بأن التراكم الهائل للاحتياطات المصرفية لدى المجلس قد يحدث ضغوطاً غير مرغوب فيها على الأسعار، عندما تتوافر المزيد من الفرص أمام البنوك لممارسة عمليات الإقراض. وللحد من تلك المخاوف قدم برنانكي وصفاً مفصلاً للأدوات المتاحة لدى المجلس لرفع تكلفة الاقتراض، وسحب تلك الأموال.
وقال إن مسؤولي المجلس بذلوا جهوداً مكثفة لوضع استراتيجية للخروج من أحد أقوى ردود فعل البنك المركزي، إزاء أزمة مالية ما، في تاريخ الولايات المتحدة.
وتابع «نحن واثقون أن لدينا الأدوات اللازمة لسحب سياسات التكيف على الأوضاع على نحو سلس في الوقت المناسب».
وأضاف «إن من بين أبرز تلك الأدوات قدرة المجلس على دفع فائدة على الاحتياطات التي تحتفظ بها البنوك لديه، ويعد معدل الفائدة الذي يدفعه المجلس على تلك الاحتياطات أساساً لتحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل».
وقال اقتصاديون في «بنك غولدمان ساكس» في مذكرة بحثية، إنهم لا يرون أي شيء في تصريحات برنانكي يخالف توقعاتهم بأن يبقي «مجلس الاحتياطي الاتحادي» على أسعار الفائدة قرب الصفر حتى نهاية العام المقبل على الأقل.

تأخر الموازنة
وفي شأن ذي صلة، قال البيت الأبيض إن الاقتصاد الأمريكي في وضع لم يكن أحد يتوقعه، ومن ثم فإن موازنة السنة المالية 2009 ستكون أكثر صعوبة على الأرجح.
وقال روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحافي «رأينا على مدى أول ستة إلى سبعة أشهر من العام الجاري تدهوراً سريعاً في الاقتصاد، وأتوقع أن يكون وضع الموازنة أكثر صعوبة».
ونفى أن يكون البيت الأبيض يحاول إرجاء أنباء سيئة عن العجز عن طريق تأجيل مراجعة منتصف العام للموازنة إلى أغسطس المقبل، حيث إنه من المعتاد نشر التقرير في منتصف يوليو من كل عام. وقال أحد أقطاب المعارضة الجمهورية جون بونر في بيان «ينبغي قول الأمور بصدق، إنها محاولة لإخفاء عجز قياسي في وقت يسعى القادة الديموقراطيون إلى التمكن من سيطرة الحكومة بالقوة على النظام الصحي».
ويخوض أوباما حملة واسعة للتوصل إلى تبني إصلاح واسع للنظام الصحي، ويتخذ تمويل هذا الإصلاح موقعاً مركزياً في الجدل السياسي الدائر.
غير أن تحديث الموازنة قد يكشف عن أرقام عجز وبطالة أكثر ارتفاعاً، ونسب نمو أسوأ مما أوردت التوقعات السابقة التي نشرها البيت الأبيض، وذلك قد يضاعف من تعقيد مشاريع على غرار قانون الحد من انبعاث الغازات الدفيئة.
وأحرج نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الحكومة عندما أعلن في مطلع يونيو أن الإدارة في بداياتها أساءت تقدير خطورة الوضع الاقتصادي. وقال بونر «يستطيع البيت الأبيض فعل ما يرغب، لكنه لن يتمكن من إخفاء أن سياسات تلك الإدارة ألقت عبء دين تاريخي على أولادنا وأحفادنا».

شعبية أوباما
وكان استطلاع للرأي نشر الاثنين الماضي أظهر أن شعبية الرئيس أوباما قد تراجعت للمرة الأولى عن عتبة 60 بالمئة للمرة الأولى منذ توليه مهامه بسبب شكوك الأمريكيين إزاء طريقة معالجته الملف الاقتصادي، والعجز في الموازنة، والضمان الصحي.
وأفاد الاستطلاع الذي أجرته شبكة «أي بي سي نيوز»، وصحيفة «واشنطن بوست» إلى أن نسبة التأييد لأداء أوباما بلغت 59 بالمئة في تراجع عشر نقاط عن أعلى معدل تأييد سجله في الربيع. وأظهر الاستطلاع أن أكثر من نصف الأمريكيين بقليل (52 بالمئة) يوافقون حالياً على أدائه في المجال الاقتصادي، بتراجع ثماني نقاط عن أعلى معدل سجله.
ووصل عدد مؤيدي سياسته في مجال الضمان الصحي إلى ما دون الخمسين بالمئة (49 بالمئة) بتراجع ثماني نقاط، فيما أبدى 43 بالمئة فقط تأيدهم لأدائه في مجال العجز في الموازنة، وعارض ذلك 49 بالمئة.
 وقد أجري الاستطلاع على الهاتف بين 15 و18 يوليو على عينة شملت 1001 شخص، مع هامش خطأ يبلغ 3.5 نقطة.

سوق العمل
وفي ما يتعلق بسوق العمل الأمريكية، قال مسؤول رفيع بالخزانة الأمريكية، إن تعافي أسواق المال، واستقرار الإنتاج يحدثان بوتيرة أسرع من نمو الوظائف، الذي لايزال يواجه تحديات كثيرة. وقال آلان كروغر مساعد وزير الخزانة للسياسة الاقتصادية، إن سوق العمل تفرض تحديات خطيرة، مع عزوف أرباب العمل عن التوظيف، في حين يستغرق الإنفاق التحفيزي الاتحادي أشهراً، لكي يحدث أثراً في الاقتصاد.
وأبلغ كروغر مؤتمراً للخبراء الأكتواريين في واشنطن «رغم أن خطر الفجر الكاذب موجود دائماً، إلا أن المرحلة الأحدث من الركود تنسجم حتى الآن مع النمط التقليدي الذي يصاحب نهاية فترات الركود».
وأضاف «إن أسواق المال تتعافى أسرع من الإنتاج، والإنتاج يستقر أسرع من سوق العمل، إذا تواصل النمط التقليدي فإن التحدي الرئيس في المستقبل سيكون التوظيف، إذ يستمر تحقيق الاستقرار في الأسواق، لكن أرباب العمل يؤجلون التوظيف في ظل استمرار عدم التيقن».


المصدر : وكالات


 

مواضيع ذات صلة :