دراسات نُشر

دراسة : اليمن فجوة غذائية حادة وأرض زراعية مهدورة!!

yem_zقالت دراسة حديثة إن هناك فجوة غذائية يعاني منها المجتمع اليمني, مرجعا أسباب تلك الفجوة الى محدودية الأرض  الزراعية، وتناقص المساحة المزروعة بالحبوب، مما أدى الى اللجوء للاستيراد لسد الفجوة الغذائية في مجال الحبوب، خاصة القمح، الذي تتسع فيه الفجوة الغذائية سنة بعد أخرى؛ فالإنتاج المحلي ينخفض سنوياً بمعدل 5% وفي المقابل يزداد الاستهلاك من نفس السلعة بمعدل 25% في السنة، (شرف الدين؛ 2001: 334). وهذا يعني زيادة الكمية المستوردة من القمح، ومن ثم اتساع الفجوة الغذائية للحبوب, إضافة إلى ذلك فهناك من يرى (العولقي، والخفاجي؛ 2001 : 50)، بأن الزيادة في إنتاج الحبوب في اليمن ستكون محدودة، لعدة أسباب :

أسباب محدودية الإنتاج
1 ـ ارتفاع تكاليف عناصر الإنتاج من عمالة، ومعدات، ومستلزمات الإنتاج الأخرى، دون زيادة مماثلة في أسعار الحبوب.
2 ـ التوسع في زراعة محاصيل أخرى غير الحبوب، بحثاً عن العوائد المرتفعة التي تدرها تلك المحاصيل، كالقات والفواكه والخضروات.
3 ـ قصور في الخدمات البحثية والإرشادية التي تساعد المزارع.
وحذرت الدراسة التي أعدها الدكتور علي سيف كليب من استمرار استيراد الحبوب, وقال: إن الزيادة المستمرة في فاتورة استيراد الحبوب واتساع الفجوة الغذائية، يوضح بجلاء خطورة الوضع الذي يعيشه اليمن فيما يتعلق بأمنه الغذائي؛ فمحصول الحبوب الذي يعد أهم بنود الغذاء على قائمة المستهلك يأتي في المرتبة الرابعة من حيث القيمة في الإنتاج المحلي لقطاع الزراعة، بعد كل من القات، الفواكه، والخضروات، على الترتيب، وعلى الجانب الآخر تحتل الحبوب المرتبة الأولى في فاتورة الواردات، فقد تراوحت نسبة قيمة الواردات من الحبوب بين 7.3%، و16.8% من القيمة الإجمالية للواردات، مما يشكل عبئاً على ميزان المدفوعات، ويستنزف جزءاً لا يستهان به من حصيلة البلاد من النقد الأجنبي كان من الممكن توجيهها لمجالات وأنشطة اقتصادية تساهم في تعزيز القدرات الإنتاجية للمجتمع، فيما لو سعت البلد لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، أو على أقل تقدير تقليص الفجوة الغذائية لهذا المنتج.
وأضاف كليب: إن المتتبع لنمط الاستهلاك في المجتمع اليمني سيكتشف وبوضوح تغير نمط استهلاك الحبوب باتجاه القمح المستورد، وهذا ما أدى إلى زيادة الفجوة الغذائية من هذا المنتج، وتعاظم فاتورة الاستيراد عاما بعد آخر، فمن حوالي 3.5 مليار ريال عام 1995، إلى حوالي 34 مليار ريال عام 2000، تزايدت لتصل إلى 50.6 مليار ريال عام 2003، وبلغت هذه القيمة حوالي 135.4 مليار ريال عام 2007، وفي عام 2008 وصلت قيمة فاتورة استيراد القمح 178.7 مليار ريال.

تعاضم الفجوة الغذائية
وأكد أن ضآلة الكمية المنتجة من القمح محلياً ستؤدي إلى تعاظم مشكلة الفجوة الغذائية سنة بعد أخرى، وللحد من خطورة هذه المشكلة فلا بد من وضع حلول آنية ومستقبلية تؤدي إلى تقليص هذه الفجوة؛ عن طريق استصلاح أراضي جديدة، وتحسين طرق الإنتاج، وكذا تكثيف حملات التوعية بالفوائد الصحية لاستهلاك الحبوب الأخرى غير القمح ومشتقاته.
جدير بالذكر أن هناك العديد من الصعوبات التي تقف عائقاً وتحد من قدرات البلد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب (وبالذات القمح)، ولكن بشيء من التخطيط السليم والإصرار على النجاح يمكن زيادة الكمية المنتجة، وتقليص الفجوة الغذائية.

خلاصة الدراسة
وخلصت الدراسة إلى أن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في تفاقم الفجوة الغذائية من الحبوب، والتي يمكن حصرها في الآتي:

1ـ هجرة الأيدي العاملة لقطاع الزراعة، نتيجة لانخفاض الإنتاجية والعائد، مقارنة بالقطاعات الأخرى.
2ـ الإهمال الذي أصاب الكثير من المدرجات التي كانت تستغل في زراعة الحبوب، ما أدى إلى انهيار مساحات كبيرة منها.
3ـ نظراً لاعتماد الزراعة على مياه الأمطار فإن زراعة الحبوب تتأثر بشدة بمواسم الأمطار شدة، ورخاء، الأمر الذي يزيد من هجرة المزارعين لهذا القطاع.
4ـ التوسع في زراعة القات، وإحلاله محل زراعة الحبوب؛ نظراً للأرباح العالية التي يجنيها مزارعو القات.
5ـ ضعف الاستثمارات الموجهة لقطاع الزراعة؛ حيث لم تتجاوز هذه الاستثمارات 5.4% من إجمالي قيمة المشاريع الاستثمارية لسنوات الخطة الخمسية الثالثة 2006 ـ 2010، ومعظم هذه المشاريع لم تنفذ لعدم توفرها.
تنامي الطلب على الحبوب، وخاصة القمح ومشتقاته، وذلك لعدة أسباب أهمها:
أ ـ تحول نمط الاستهلاك في صالح القمح.
ب ـ زيادة معدل نمو السكان.
ب ـ تحسن مستوى الدخل والمعيشة، مقارنة بما كان عليه الوضع سابقأ.

وصاية..
وأوصت الدراسة لتجاوز هذه الصعوبات باتخاذ بعض الإجراءات الضرورية والتي قد تساهم من وجة نظر الباحث في تقليص الفجوة الغذائية من الحبوب.
1ـ العمل على الحد من الهجرة الداخلية عن طريق تقليص فوارق الدخل بين الريف والحضر، وتوفير القدر المناسب من الخدمات، وتوجيه بعض الاستثمارات لإقامة مشاريع في الريف توفر فرص عمل لأبناء الريف، وتساهم في استقرارهم.
2 ـ تكثيف حملات التوعية بأهمية الحبوب للأمن الغذائي وأمن البلاد القومي.
3 ـ العمل على توعية النشئ بأهمية الأنواع الأخرى من الحبوب (ذرة، دخن شعير) للصحة العامة، للتخفيف من استهلاك القمح ومشتقاته، والذي يستحوذ على النصيب الأكبر من واردات الحبوب.
4 ـ تكثيف حملات التوعية لترشيد استهلاك الغذاءبشكل عام والحبوب بشكل خاص.
5 ـ تخصيص مبالغ للبحث العلمي، ودعم كليات الزراعة ومراكز الأبحاث، من أجل تطوير أساليب لزيادة الإنتاجية من الحبوب، وإنتاج سلاسلات جيدة تتناسب والظروف المناخية وكميات الأمطار المتوفرة.
6 _ إقامة المزيد من السدود التي تحفظ مياه الأمطار للاستفادة منها في الري.
7 ـ وضع ضوابط صارمة تحد من التوسع في إنتاج القات؛ كتحريم زراعة القات في الأراض التي كانت تزع بالحبوب، وكذا منع حفر الآبار الارتوازية، والتي أصبحت خطراً محدقاً، كونها تهدد مخزون المياه، كذلك فرض ضرائب مرتفعة على القات، و حصر استهلاكه في أوقات وأماكن محددة.
8 ـ تحريم استخدام وتحويل الأراض الزراعية إلى أراض للبناء.
9ـ تقديم الدعم لمزاعي الحبوب، من خلال توفير البذور المحسنة، وشراء فائض الإنتاج بأسعار تشجيعية.


 

مواضيع ذات صلة :