حوارات نُشر

وزير العدل القاضي العرشاني ل "الاستثمار": القضاء العادل والمتطور يسهم في توفير البيئة الآمنة للاستثمار

أكد وزير العدل القاضي مرشد العرشاني أن تطوير القضاء التجاري يعتبر بمثابة الأرضية الخصبة لنمو الاستثمارات، واعتبر في حديثه لـ «الاستثمار» أن القضاء هو الملاذ الآمن لجميع أطراف العملية الاستثمارية

 

 

 عقب توليكم منصب وزير العدل..كيف واجهتم مشاكل القضاء ؟ وما الذي تحقق في جانب تحسين صورة القضاء اليمني وتأكيد استقلاليته ؟

 

- لقد جئنا إلى وزارة العدل بعد ثورة الشباب السلمية ، وما نتج عنها من أحداث أدت في مجملها إلى شل كافة أجهزة الدولة ومن ضمنها القضاء ، فكان هناك عدد من المحاكم التي كانت مغلقة نتيجة الحروب الدائرة مع القاعدة أو الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون كما حصل في أبين والبيضاء وغيرها، والبعض الآخر نتيجة الاضطرابات الأمنية وما نتج عنها من اعتداءات متكررة على أعضاء السلطة القضائية وما صاحب ذلك من إضرابات مستمرة لأعضاء السلطة القضائية للمطالبة بتوفير الحماية الأمنية والمطالبة بمستحقات قانونية كالبدلات القانونية المنصوص عليها في القانون والتي لم تصرف لهم منذ صدر القانون في عام 1990 والعلاوات السنوية والتسويات والترقيات التي ظلت حبيسة الأدراج لفترات طويلة . وقد تم التواصل مع فخامة الأخ رئيس الجمهورية في حينها فتعاطى مع تلك المطالب بإيجابية حيث تم توجيه وزارة الداخلية بتوفير الحماية الأمنية ووزارة المالية بتلبية المطالب الدنيا للسلطة القضائية ، وحدثت زيادة يسيرة في موازنة السلطة القضائية مكنتنا من تحسين أوضاع القضاة والموظفين بقدر تلك الزيادة . ثم في بداية هذا العام عدنا إلى المربع الأول بسبب عدم اعتماد أي زيادة في موازنة السلطة القضائية ما أعادنا إلى وضع الركود السابق لتصطدم آمالنا في تحسين وضع القضاء على صخرة شحة الإمكانات.

 

وفي ظل هذا الوضع الذي ذكرنا فقد تم خلال الفترة الماضية من عمر الوزارة تحقيق الكثير من الإنجازات في تحسين وضع القضاء واستقلاليته، منها ما تم منحه للقضاة من حقوقهم القانونية من بدلات حرموا منها لسنوات طويلة وعلاوات وزيادات وتسويات وترقيات تأخر اعتمادها لهم سنين ، وفي استقلالية القضاء تم الفصل بين منصبي رئيس المجلس ورئيس المحكمة العليا وكان آخر تلك الإنجازات موافقة مجلس النواب على التعديلات المقترحة من وزير العدل على قانون السلطة القضائية والتي بموجبها انتقلت صلاحيات وزير العدل في الإشراف على القضاة والنيابة العامة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى.

 

 الشكوى دائماً من بطء الإجراءات ، لماذا تتأخر القضايا لسنوات و ما هي رؤيتكم للمعالجات وتسريع الإجراءات.

 

- تأخر القضايا يعود إلى العديد من الأسباب منها الإجراءات المطولة التي نصت عليها القوانين الإجرائية القضائية كقانون المرافعات فيما يتعلق بالقضايا المدنية والتجارية والشخصية وقانون الإجراءات الجزائية فيما يتعلق بالقضايا الجزائية ، وطلب تأجيل الجلسات بشكل متكرر دون أن يضبط ذلك بزمن معين أو ضوابط موضوعية معينة وبعضها يعود إلى الخصوم والمحامين ، فبعضهم يسعى إلى استغلال تلك الثغرات القانونية للتطويل في إجراءات التقاضي . ومن الأسباب كذلك قلة عدد القضاة وزيادة عدد القضايا الواردة إلى المحاكم وتناميها عاماً بعد عام دون أن يواكب ذلك زيادة كبيرة في عدد القضاة ومساعديهم ، ومنها ما يعود إلى ضعف البنية التحتية للسلطة القضائية ، فبعض المحاكم لاشك أنه يشكل عائق كبير جداً في عقد الجلسات ، فمعظم المحاكم لا تحتوى إلا على قاعة أو قاعتين فيتناوب عليها القضاة لعقد جلساتهم، والتي قد لا تتيح لبعض القضاة عقد جلساتهم سوى لمرة أو مرتين في الأسبوع ، وهذا يسهم في التطويل في إجراءات التقاضي.

 

  هناك مطالبات من القضاة بإلغاء قانون السلطة القضائية لعدم دستوريته  هل تؤيدون إلغاء القانون أو تعديله؟

 

- قانون السلطة القضائية الجاري لم يكن مواكباً للدستور خصوصاً فيما يتعلق باستقلال القضاء، فالدستور نص صراحة علي الاستقلال الكامل للسلطة القضائية، وقد تقدمنا بمشروع تعديل للقانون في سبيل تعزيز استقلالية القضاء تضمن نقل صلاحيات وزير العدل على القضاة والنيابة العامة إلى رئيس مجلس القضاء ، وقد أقرت التعديلات من مجلس القضاء الأعلى ومجلس الوزراء ومجلس النواب ، ولم يتبق إلا المصادقة عليه وصدور قرار بالتعديلات من فخامة الأخ رئيس الجمهورية.

 

 ما هي الخطوات التي تمت لتطوير وإصلاح القضاء التجاري بجهود حكومية يمنية، أو بدعم دولي؟

 

- توجد خصوصية لدينا للاهتمام وتطوير مجال القضاء التجاري ، من خلال إنشاء محاكم  وشعب تجارية في عواصم المحافظات الرئيسية التي تتمتع بحركة تجارية واستثماريه كبيرة تفوق بقية المحافظات.

 

وتم رفد تلك المحاكم التجارية بالعدد الكافي من القضاة ذوي الخبرة والمهنية ، وإلحاقهم بعدد كبير من الدوارات التدريبية والتأهيلية الداخلية منها والخارجية، كما تم تجهيز تلك المحاكم والشعب بالتجهيزات اللازمة التي تساعد في الانجاز والسرعة في الأداء.

 

 من وجهة نظركم، تطوير القضاء التجاري كيف يمكن أن يسهم في تطوير  بيئة الأعمال والاستثمار؟

 

- أن تطوير القضاء التجاري يعتبر بمثابة الأرضية الخصبة لنمو الاستثمارات التجارية والصناعية ، والزراعية ، والإنشائية . فرأس المال يبحث عن المكان الآمن والمجال الجاذب للاستثمار تحقيقاً للربح السهل والسريع . وبذلك هو يبتعد عن المغامرة والمجازفة . وهذا بالطبع يتطلب منظومة متكاملة من الإجراءات ، تلتقي في ظلها الرؤى وتتوحد في سبلها الأهداف ، وتتظافر عندها الجهود، وتبدأ تلك المنظومة  بإيجاد بيئة سياسية ، واجتماعية ، واقتصادية ، مستقرة ، فالاستقرار السياسي ، والاقتصادي ، والاجتماعي هو البوابة الأولى للاستثمار  يليه تطوير البنية التشريعية والقانونية للاستثمار بحيث تتضمن مزايا خاصة للمستثمر ، وتطوير أجهزة العدالة التي تعتبر بمثابة المظلة التي تحمي المستثمر من الاعتداء على ممتلكاته، أو اتخاذ إي تعسف ضده.

 

فالقضاء  العادل والمتطور يسهم في توفير البيئة الآمنة للاستثمار، وحماية المستثمر من الاعتداء وتقديم خدمة قضائية راقية تتسم بالسرعة  في الأداء والدقة في الانجاز، والشفافية في الإجراءات ، والديناميكية  في سير ملفات القضايا داخل المحاكم.

 

 كيف تنظرون إلى أهمية الشراكة بين الوزارة والقطاع الخاص من أجل تطوير البيئة القانونية للاستثمار، وتذليل العقبات أمام المستثمرين؟

 

- إن العلاقة بين الوزارة والقطاع الخاص، والهيئة العامة للاستثمار علاقة تكاملية فالقطاع الخاص هو المستثمر وهو هدف البيئة القانونية لجذبة وتحفيزه على الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار هي الجهة الحكومية المعنية بتطوير الاستثمار وتذليل الصعوبات والعقبات أمام المستثمرين ، أما القضاء فهو الملاذ الآمن للفرقاء.

 

لذلك فإن تطوير البيئة القانونية لا يمكن أن تقوم بها جهة محددة ، بل لابد من إشراك كافة الجهات المعنية بها ، وهذا يتطلب وضع رؤية موحدة وخطة إستراتيجية مشتركة يسهم في صياغتها كافة الأطراف المعنية وبعد إقرارها تلتزم كل جهة بتنفيذ ما يخصها منها.

 

 ماهي رؤيتكم للحل في نزاعات الأراضي ، وهل بدأتم إجراءات لإصدار قانون السجل العقاري؟

 

- الحل الأمثل لمشكلات الأراضي يبدأ بإيجاد سجل عقاري يوثق حقوق الملكية ، وتكون له صفة الحجية أثناء النزاع أمام القضاء ، كما هو معمول به في الكثير من دول العالم ، وهو بمثابة سجل يحتوي على كافة التصرفات التي طرأت على العقار ، ولا يمكن قبول أي تصرف إلا إذا وثق في هذا السجل ، أما ما يتعلق بالإنجازات التي حققتها الوزارة في مجال التوثيق فهي كثيرة يأتي في مقدمتها فصل أقلام التوثيق عن إشراف المحاكم ، بحيث تتفرغ المحاكم للنظر في القضايا المعروضة أمامها وتختص أقلام التوثيق بالإشراف والرقابة على أعمال الأمناء الشرعيين المرخص لهم ، حيث تم حصر مزاولة مهنة الأمين على الأمناء الشرعيين المرخص لهم دون غيرهم.

 

مجلة الاستثمار العدد 46

 

 

مواضيع ذات صلة :