عربي ودولي نُشر

ارتفاع أسعار السلع والطاقة يعوق النمو العالمي

Image تواصلت الموجة التصاعدية لأسعار بعض المواد الأساسية الحيوية خلال النصف الثاني من هذا  العام، لكن ثمة مخاوف من أن يبدد التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار السلع، آمال النمو العالمي خلال 2010.
فقد حققت أسعار النفط والنحاس الصناعي، وهما مادتان ضروريتان لإذكاء النمو وبالتالي التعافي الاقتصادي، مكاسب هذا العام بلغت الأولى 50 بالمئة والثانية 85 بالمئة.
ويؤكد محللون إنه في حال تسبب ارتفاع أسعار السلع بقفزة في تكاليف المواد الإنتاجية، فقد يؤخر ذلك التعافي الاقتصادي. وحظي المستثمرون في أسواق السلع بدعم من موجة الاستثمارات التي تنطوي على المخاطرة في الأسواق العالمية إثر قيام الصناديق بإعادة توزيع الأموال في ظل الضائقة المالية العالمية، إضافة إلى إقدام الصين على إعادة تكوين مخزوناتها.
لكن عملية إعادة التخزين الصينية تلاشت مع بداية الفصل الثالث، ما حمل بعض المحللين إلى الاعتقاد بأن العوامل الإيجابية باتت محسوبة في الوقت الجاري.

النحاس والنفط

وسجلت أسعار النحاس ارتفاعات وصلت إلى 15 بالمئة حتى الآن خلال الفصل الجاري، فيما حافظت أسعار النفط على مستوياتها فوق 67 دولاراً للبرميل، وبقي سعر أونصة الذهب عند 900 دولار، رغم اضمحلال التدفقات إلى صناديق التداول بالمعادن النفيسة.
ورأى مراقبون لأسعار النفط الخام والذهب، أن الأسواق باتت تحتسب بالفعل احتمال التضخم، وهو سيناريو خطير للبنوك المركزية التي تسعى إلى الحفاظ على سياسة نقدية متساهلة وائتمان رخيص.

وقال ادام روبنسون، مدير السلع في الصندوق الأمريكي «ارمورد وولف»، «إذا ما أدى ارتفاع أسعار السلع إلى حالة من التضخم، فقد يضطر الاحتياط الفيدرالي إلى رفع نسب الفائدة باكراً. وقد تفضي سياسية التقييد الائتماني في حال لم يكن الاقتصاد جاهزاً، إلى تعثر النمو الاقتصادي في مهده. وذكر بنك «جي بي مورغان» في مذكرة فصلية «يبدو أن الارتفاع القوي في أسواق السلع خلال النصف الأول من عام 2009 استبق التعافي الاقتصادي».
 السوق يعود بشكل كبير إلى سرعة تكييف العرض مع أوضاع الطلب».
وفي الحادي والعشرين من الشهر الماضي قفزت أسعار النحاس إلى أعلى مستوى لها منذ تسعة أشهر مدعومة بتحسن المعنويات بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي واحتمالات الطلب على الأجل الطويل.
وفي بورصة لندن للمعادن ارتفع سعر عقود النحاس للتسليم بعد ثلاثة أشهر عند الإغلاق 90 دولاراً إلى 5400 دولار للطن.
وارتفع سعر المعدن الذي يستخدم في قطاع الكهرباء والبناء مسجلاً 5469 دولاراً أعلى مستوى له منذ منتصف أكتوبر من العام الماضي.
وارتفع سعر عقود النحاس للتسليم في سبتمبر في قسم كومكس من بورصة نيويورك التجارية إلى 2.4945 دولار أعلى مستوى له منذ 14 ذلك اليوم انخفض 1.80 بالمئة إلى 2.4510 دولار للرطل بفعل عمليات بيع لجني الأرباح من أعلى مكاسب الجلسة.

الاقتصادات الرئيسة

وقد أظهر نمو الاقتصادات الرئيسة إلى أن التباطؤ العالمي وصل إلى القاع.
إلا أن نمواً مستديماً أمر محوري لم يتحقق بعد. وأظهرت بيانات حكومية أن الاقتصاد الأمريكي انكمش بمعدل أبطأ من المتوقع في الربع الثاني من العام مما يدعم وجهة النظر القائلة بأن الكساد بدأ ينحسر.
وأكدت وزارة التجارة أن الناتج المحلي الإجمالي الذي يقيس إجمالي إنتاج السلع والخدمات داخل الأراضي الأمريكية، انخفض بمعدل سنوي واحد بالمئة بعد أن انكمش بنسبة 6.4 بالمئة في الفترة من يناير إلى مارس، وهو أكبر انخفاض منذ أن نزل بالنسبة نفسها في الربع الأول من عام 1982.
وكانت تقديرات سابقة قدرت الانكماش بنحو 5.5 بالمئة. aوبانكماش الربع الثاني يكون الناتج المحلي الأمريكي قد تقلص على مدى أربعة فصول متتالية لأول مرة منذ أن بدأت الحكومة تسجيل هذه البيانات عام 1947.
وكان محللون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا انكماشاً بمعدل 1.5 بالمئة في الربع الثاني من هذا العام.
وأظهر تقرير وزارة التجارة تراجع استثمارات الأعمال بنسبة 8.9 بالمئة بعد أن هبطت بنسبة 39.2 بالمئة في الربع السابق.
وتراجعت الاستثمارات في الهياكل غير السكنية بنسبة 8.9 بالمئة بعد انخفاضها بنسبة 43.6 بالمئة في الربع الأول.
وانخفضت الاستثمارات السكنية التي كانت وراء أطول مرحلة كساد منذ الحرب العالمية الثانية بنسبة 29.3 بالمئة في الربع الثاني بعد انخفاضها بنسبة 38.2 بالمئة في الربع الأول.
ونزل إنفاق المستهلكين الذي يمثل ثلثي النشاط الاقتصادي الأمريكي بنسبة 1.2 بالمئة في الربع الثاني بعد ارتفاعه بنسبة 0.6 بالمئة في الربع السابق، وتحسن الانخفاض الحاد في الصادرات في الربع الثاني، فتراجعت الصادرات بنسبة سبعة بالمئة بعد انخفاضها بنسبة 29.9 بالمئة في الربع الأول.

أسواق الطاقة

ومن جهة أخرى، رأت وكالة الطاقة الدولية التي ترى قاعاً لأسعار النفط عند مستوى يتراوح بين 50 و 60 دولاراً للبرميل، أن زيادة الأسعار تشكل خطراً على النمو.
وأظهر مسح لـ «رويترز» أن الصين، وهي مستهلك رئيس للسلع الأساسية، قد تسجل نمواً بنسبة 8 بالمئة هذا العام، علماً بأن مثل هذا الهدف كان يعتبر منذ فترة، أنه يمثل تفاؤلاً كبيراً.
وأصبح النمو يستهدف للعام 2010، نسبة قدرها 8.8 بالمئة.
ولكن حتى هذا السيناريو قد يتأثر سلباً بالحاجة المستمرة إلى السلع.
ورأى محللون أن مكاسب أسعار النفط قد تشكل خطورة أكبر مما يعتقد بشكل عام، وخصوصاً ارتفاع أسعار النفط.
فأسعار النفط المرتفعة قد تلحق ضرراً بالاقتصاد أكثر مما ألحقته القفزة التي حققتها خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2008.
ويوم الجمعة الماضية ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي 3.75 بالمئة لتغلق فوق 69 دولاراً للبرميل مدعومة ببيانات للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثاني من العام تظهر انكماشاً اقتصادياً دون المتوقع وتراجع الدولار وقوة عقود المنتجات المكررة. وكانت المعاملات متقلبة، حيث تراجعت عقود الخام نحو دولارين في وقت سابق من الجلسة بعدما قفزت نحو ستة بالمئة الخميس.
وصعد الخام تسليم سبتمبر في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) 2.51 دولار؛ أي ما يعادل 3.75 بالمئة ليتحدد سعر التسوية عند 69.45 دولار للبرميل.
وكان أدنى سعر في معاملات الجمعة 64.96 دولار وأعلى سعر 69.74 دولار.

الأنباء الإيجابية

وفي الحادي والعشرين من الشهر الماضي أيضاً، ارتفع سعر النفط وسط تفاؤل بشأن فرص تعافي الاقتصاد العالمي وتوقعات بتحسن الطلب على الوقود.
وواصلت الأسواق العالمية مكاسبها من الأسبوع الماضي بدعم نتائج أعمال قوية للشركات وأنباء التوصل إلى حزمة إنقاذ لمجموعة «سي.آي.تي» المالية الأمريكية المتعثرة.
وصعد الخام الأمريكي ذلك اليوم بنحو 42 سنتاً ليتحدد سعر التسوية عند 63.98 دولار للبرميل بعد صعوده أكثر من ستة بالمئة الأسبوع الماضي.
في حين زاد مزيج برنت في لندن 1.06 دولار مسجلاً 66.44 دولار للبرميل.
واستمدت السوق دعماً إضافياً من صعود مؤشر يقيس اتجاه الاقتصاد الأمريكي للشهر الثالث على التوالي في يونيو الأمر الذي ينبئ بقرب انتهاء الركود.

وقالت مؤسسة «كونفرنس بورد» التي تتخذ من نيويورك مقراً، إن المؤشر الذي يقيس الاتجاهات العامة في الاقتصاد على مدى ستة إلى تسعة أشهر مقبلة ارتفع 0.7 بالمئة في يونيو بعد تقدمه 1.3 بالمئة في مايو.

وقال توم بنتز المحلل لدى «بي.ان.بي باريبا» لعقود السلع الأولية «أعتقد أن معظمه امتداد لموجة صعود الأسبوع الماضي.. التفاؤل الاقتصادي الذي يفضي إلى تحسن الأسهم والدولار الضعيف يدعمان أسواق السلع الأولية».
وأظهر استطلاع لآراء خبراء الاقتصاد أن الركود بدأ يرخي قبضته عن الولايات المتحدة أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم، لكن الأزمة لم تنته بعد. وسجل الدولار أدنى مستوى في ستة أسابيع، وهو ما دعم أسعار السلع المقومة بالعملة الأمريكية مع عودة المستثمرين إلى الأصول عالية المخاطر والعملات مرتفعة العائد.
وقال وزير النفط الجزائري إنه سيكون على «أوبك» خفض الإنتاج مجدداً عندما تعقد اجتماها المقبل في سبتمبر إذا لم يكن هناك طلب كافٍ على إنتاجها من الخام.
وأبلغ الوزير شكيب خليل الصحافيين في ميلانو «أعتقد أن هدف (أوبك) هو سد الطلب في السوق العالمية وتلبية أي طلب حقيقي».
وأضاف إن المنظمة لن تخفض الإمدادات إلا إذا تراجع الطلب في السوق، مشيراً إلى أنه إذا لم يكن هناك طلب كافٍ في السوق في سبتمبر فسيتعين على المنظمة خفض الإمدادات.
وكانت المنظمة اتفقت العام الماضي على سلسلة من تخفيضات الإنتاج لحجب 4.2 مليون برميل يومياً عن الأسواق العالمية في إطار محاولة لرفع أسعار النفط المتراجعة.
وبلغت أسعار النفط أعلى مستوى هذا العام مسجلة 73.38 دولار للبرميل في 30 يونيو ارتفاعاً من 32.40 دولار في ديسمبر الماضي، وذلك بفضل عوامل من بينها خفض إمدادات « أوبك».




المصدر : رويترز


 

مواضيع ذات صلة :