آراء وأقلام نُشر

سفائن عبد ربه

.. أبحر القائد  الفذ  طارق بن زياد  بجنوده إلى بلاد الأندلس. وقبل أن يرتاح الجُند من وعثاء السفر  على الشاطئ الأندلسي الساحر، فوجئوا بقائدهم يُضرم النار في سفائنهم.. وما هي إلاَّ هُنيات حتى ردَّدت الآفاق  قوله التاريخي الشهير(( البحر من ورائكم ، والعدو من أمامكم ...)) ! وكان هذا الموقف الحارق  السبب الخارق في الانتصار الساحق لجُند طارق  على العدو المارق. يوليوس قيصر فعلها أيضاً..   إثر أن حطَّ رحاله مع رجاله على الساحل الإنكليزي، خشيَ أن يتقهقر الرجال أو تثلم عزيمتهم ، فما كان منه إلا أن أحرق جميع السفن التي قدمت بهم .. فوجد الرجال أن جميع السُّبُل التي تربطهم بالقارة الأوروبية قد انقطعت ! ولذا، حين وجدوا أنفسهم محاصرين في بلاد الأعداء، لم تكن أمامهم غير طريق واحدة ، هي التقدم نحو الاستبسال حتى النصر. إن التراجع  عن الأهداف الكبرى – في الوعي  والوجدان قبل ساحة الميدان -  هي الآفة الفادحة التي كانت سببا في تصٌّدع كثير من الدول وتمٌّزق كثير من الشعوب وتبدُّد كثير من الحضارات. فإذا ما أرادت أية اُمَّة أن تتقدم وتنتصر ، أو تتطور وتزدهر، فما عليها سوى أن تُنهي وراءها كل أمل للقهقرى. وإذا ما أراد زعيم أن يقود شعبه  ودولته ومجتمعه نحو السؤدد العظيم ، فعليه أن يُحرق كل الرايات السوداء والزوارق الكأداء  التي من شأنها  أن تكون عاملاً  للتخاذل أو سبباً للانكسار . فمثل هذا الفعل يعكس الإيمان بأن الماضي بات مرحلة غير قابلة لإعادة الاستهلاك أو الإنتاج  أو التسويق.. وإن المستقبل – فقط -  عنوان المرحلة الجديدة. فهذا ما أكده طارق بن زياد.. وهذا ما أثبته يوليوس قيصر .. فهل يُحرق الرئيس عبد ربه منصور هادي سفائن الماضي وراءه ووراء شعبه،حتى يتسنى للجميع المضي قدماً نحو آفاق المستقبل ،دون مجرد  تفكير بالعودة إلى الوراء في أية لحظة؟! .   

 

wareth 26@hotmail.com  رئيس تحرير صحيفة الوحدة الأسبوعية 

 

مجلة الاستثمار العدد (47)

 

 

مواضيع ذات صلة :