اقتصاد يمني نُشر

البنوك العربية خرجت من عنق الزجاجة بزيادة في أصولها

Image أكد عدنان يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية، صمود البنوك

العربية في مواجهة الأزمة المالية العالمية، في وقت لم يتجاوز فيه إجمالي الانخفاض في محافظها 1 بالمئة، فيما شهدت أصولها زيادة، وتحسنت أرباحها في النصف الأول من العام الجاري، في إشارة منه إلى أن «البنوك العربية تجاوزت الأزمة العالمية».
وقال في حوار مع «الرؤية الاقتصادية»، إن محافظ البنوك العربية انخفضت بسبب الأزمة المالية العالمية، فيما لم يتجاوز هذا الانخفاض 1 بالمئة، بسبب عزوف هذه البنوك عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
واعتبر أن البنوك الإسلامية لعبت دوراً رئيساً في تطوير البنى التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي، خلال الأعوام الماضية، إذ انطلقت من بنوك إسلامية صغيرة تعمل في التجزئة فقط، إلى القطاع الاستثماري والمشاركة في البناء والمشاريع الاستثمارية والعقارية، فيما أقبلت الآن على التمويل والاستثمار في الصناعة والزراعة.

وأكد أنه لا توجد مشكلة بين الدول الخليجية حول العملة الموحدة، على اعتبار أن تأخر انضمام دولة ما إلى بقية الدول «أمر طبيعي»، مشيراً إلى بريطانيا التي تأخرت حتى الآن في الانضمام إلى عملة اليورو الأوروبية، وكذلك الحال بالنسبة للإمارات، لأن مصير هذه الدول بالوحدة ككتلة واحدة لها القدرة على التفاوض مع الآخرين بقوة. ولاحظ أن النتائج المالية نصف السنوية للبنوك العربية في النصف الأول من العام الجاري جيدة، لاسيما أنه بمثابة «عام استثنائي»، فالبنوك البحرينية حققت نتائج جيدة، والسعودية حققت أربعة مليارات دولار بانخفاض 7 بالمئة عن العام الماضي، وكذا البنوك الكويتية التي حققت صافي أرباح 116 مليون دولار، بنمو أقل من 1 بالمئة.

ارتفاع الأصول

وأشار إلى أن الأصول العربية ارتفعت بنسبة 8 بالمئة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، إذ بلغت في نهاية العام الماضي 2.3 تريليون دولار، وحالياً 2.848 تريليون دولار، وهو مؤشر جيد للبنوك العربية، مرجعاً ذلك إلى التطور الذي شهدته البنوك العربية خلال العقد الماضي في مجال الإدارة والمعدات والقوى العاملة والتدريب، لافتاً إلى أنه رغم الأزمة فإن القروض ارتفعت بنسبة 29 بالمئة، والإيداعات بنسبة 21 بالمئة، وحقوق المساهمين 16 بالمئة.

وحول ما إذا كان هناك اختلاف بين البنوك في البحرين وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، أقر يوسف بذلك، لافتاً إلى أن البحرين تستضيف البنوك الاستثمارية والمحلية وفروعاً لبنوك أجنبية وبنوك إسلامية ومؤسسات مالية مصرفية ومكاتب تمثيل، وتلك التوليفة لا سوق آخر غير البحرين يستطيع أن يستقطبها.

وقال إن الأزمة الأخيرة لم تكن الأولى، إذ شهدت أزمة المناخ في العام 1983، والذي خلفه انكماش اقتصادي عالمي بلغت فيه نسبة الفائدة 21 بالمئة، والبطالة 12 بالمئة، والتضخم 15 بالمئة، بعدها جاءت أزمة الغزو العراقي للكويت، ومن ثم تحرير الكويت (الحرب على العراق)، وبعدها بثلاثة أعوام أزمة «بنك الاعتماد»، والإفلاس الذي زعزع الثقة في البنوك العربية والخليجية، ومن ثم جاءت «أزمة النمور الآسيوية»، و«أزمة 1997»، وانخفاض العملة الآسيوية وخسائر البنوك، وجميع تلك الصدمات كانت مكان امتحان للبنوك المركزية، خصوصاً البحرين، ومرت العاصفة بأقل الخسائر، وهذه الأزمة كانت كغيرها ستمر، بل استطاع البنك المركزي في البحرين تنظيم عملية إصدار الصكوك الإسلامية، وأطر عملية التعامل مع الصكوك، وشكل هيئة شرعية للبنوك الإسلامية، وطبق «بازل -2 » بنجاح منذ العام الماضي، فيما خرجت البنوك الخليجية من عنق الزجاجة، ولديها سيولة كافية حالياً، وتمت إعادة صياغة التمويلات ومعايير التمويل، وإضافة بند المخاطر إلى عملية السيولة.

وعن الدور المناط بالبنوك الإسلامية نحو الاقتصاد الوطني، رأى أن البنوك الإسلامية لعبت دوراً رئيساً في تطوير البنى التحتية في دول التعاون خلال الأعوام القليلة الماضية، وانطلقت من بنوك إسلامية صغيرة تعمل في التجزئة فقط إلى القطاع الاستثماري والمشاركة في البناء والمشاريع، وهذا ما بدأت به عدد من المؤسسات المصرفية الكبيرة في المنطقة وخارجها من مشاريع وعقارات، ودخلت الآن في الصناعة والزراعة.

كما ساهمت الصكوك الإسلامية في توفير أدوات مالية كبيرة للدول، وتمويل المشاريع بتنوعها، وساهم القطاع العام في عملية التنمية في هذه الدول ومنطقة الخليج، لتصبح كتلة اقتصادية كبيرة يكون لها دور على المستوى العالمي وليس الإقليمي فحسب. وزاد أن بداية نمو البنوك الإسلامية نحو الأسواق الغربية ودورها هناك، تتمثل في إنشاء هذه البنوك لتوفير منتج إسلامي للمسلمين داخل هذه الدول، فيما تحول الوضع إلى توفير تمويل مالي وأدوات مالية متعددة، وأصبحت البنوك الإسلامية الآن تنافس البنوك التقليدية، لاسيما بعد الأزمة المالية، ويوجد في بريطانيا وحدها أربعة بنوك استثمارية إسلامية، والعمل جار لتأسيس بنك آخر في فرنسا خلال الربع الأول من العام المقبل، بعد تغير التشريعات المصرفية في باريس.

مركزي إسلامي

وعن مصير فكرة إنشاء «بنك مركزي إسلامي»، أفاد بأن الفكرة ألغيت لأسباب سياسية، حيث إن البنك المركزي لا ينشأ إلا في دولة، وبنك التنمية الإسلامي في جدة يعتبر هو الأب الروحي للبنوك الإسلامية، وأن إجمالي أصول البنوك الإسلامية يتوقع ارتفاعه إلى 1.1 تريليون دولار العام المقبل، مقابل 800 مليار دولار العام الماضي.

وفي ما يخص الاتهامات التي توجه إلى ممثلي الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية، قال يوسف «إنني أختلف مع الكثير من الأطروحات التي تتهم ممثلي الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية، والذين بدؤوا بجهود فردية في البداية وبلا مقابل مالي، بعدها شرعوا في استلام مكافآت مالية ضئيلة يتم التبرع بها للفقراء والمساكين، وأنه من الضروري أن تتكرر الوجوه تلك، لأن ذلك سوف يوحد المعايير في البنوك المختلفة، وأن مؤتمر مكة الذي يعقد في الأسبوع الأول من رمضان كل عام يساهم في توحيد نماذج التشريع في البنوك الإسلامية، وتؤخذ تلك التوصيات في الاعتبار، كما أن الإسلام هو فقه المعاملات ومعظم الآراء والفتاوى متقاربة في هذا الجانب، بل نحن بحاجة إلى هيئة شرعية موحدة تساهم في وضع الحلول والنظم للمعاملات في البنوك الإسلامية.

وحول طبيعة عمل البنوك العربية وتأثيرات الأزمة عليها، أفاد بأنه يوجد الآن 420 مصرفاً عربياً، مقسمة إلى 280 مصرفاً تجارياً، و60 مصرفاً إسلامياً، و80 مصرفاً استثمارياً، وإجمالي أصولها يبلغ 2.186 مليار دولار، وأفضل مئة بنك عربي موزعة على الدول العربية، 17 مصرفاً في الإمارات، و11 مصرفاً في المملكة العربية السعودية، و10 مصارف في البحرين، و8 مصارف في الكويت ولبنان، وستة مصارف في قطر، وخمسة في الأردن، وأربعة في مصر، وثلاثة بنوك في عمان والمغرب وتونس، وبنك في سوريا، وآخر في الجزائر.

أنواع البنوك

وصنف يوسف البنوك العربية إلى ثلاثة أنواع، تبعاً لتصنيف البنك المركزي، النوع الأول في الدول، مثل السودان والعراق والصومال واليمن وجيبوتي، والذي لا يسمح البنك المركزي للبنوك التجارية والاستثمارية بالاستثمار خارج نطاق الدولة، وعليها قيود كبيرة بالنسبة إلى العمل بالعملة الصعبة.

والفئة الثانية من البنوك العربية والمتواجدة في بلدان، مثل مصر وتونس والمغرب والأردن ولبنان، وفيها يسمح للبنوك الاستثمار في الخارج بنسبة بسيطة، والنسبة الكبرى في الداخل، وحرية انتقال العملة الصعبة تكون برقابة البنك المركزي.

والفئة الأخيرة هي البنوك الواقعة في منطقة الخليج ودول التعاون، والتي بها شفافية كاملة وحرية في انتقال الأموال المحلية والعملة الصعبة، واعتبر أنه حتى الآن لا توجد مشكلة بين الدول الخليجية حول العملة الموحدة، بينما يأتي تأخير انضمام دولة ما إلى بقية الدول أو الانتظار لمعرفة مصير العملة الموحدة كما هي الحال لسلطنة عمان بمثابة أمر طبيعي، بل إن بريطانيا تأخرت في الانضمام مع عملة اليورو ولاتزال، وكذلك الحال بالنسبة للإمارات، لأن مصير هذه الدول بالوحدة ككتلة واحدة لها القدرة على التفاوض مع الآخرين بقوة، وأي اختلاف في وجهات النظر لأي معضلة بين دول التعاون يحل بين الكواليس، وتنجح في النهاية فكرة العملة الموحدة.


 

مواضيع ذات صلة :