اقتصاد يمني نُشر

عزوف المستثمرين عن تقديم عطاءات الخصخصة

Imageالخصخصة إحدى توصيات البنك الدولي التي أملاها على الحكومة في بداية تنفيذ خطط الاصلاح المالي فوالإداري ، وهي واحدة من برنامج تضمن رض ضرائب على المبيعات وإعادة النظر في ضرائب الدخل ورفع الدعم على المشتقات النفطية، إلا أن الخصخصة وقعت في خنادق مؤلمة ربح الفساد الجولة الأولى فيها.

كشفت دراسة حديثة عن إحجام وتدني مشاركة المستثمرين من القطاع الخاص المحلي في تقديم عطاءات الخصخصة والتقدم بعروض مالية متدنية وغير مستوفية للاشتراطات وعدم مشاركة المستثمرين الأجانب في التقدم بعروضهم،
وأوضحت الدراسة التي أعدها المكتب الفني للخصخصة والتي حصلت «مال وأعمال» على نسخة منها أن خصخصة مؤسسات ومنشآت فاشلة ومتعثرة تعاني من أوضاع مالية وفنية وتشغيلية سيئة وصعبة وعمالة فائضة أدت إلى عزوف المستثمرين عن التقدم بعطاءاتهم وأثر تأثيراً سلبياً على عموم تجربة الخصخصة. وأظهرت الدراسة أن وضع الوحدات الاقتصادية التي طرحت للخصخصة تركت انطباعاً سلبياً عن الخصخصة تبلور إلى أن تكون رأي عام ومعارض ورافض للخصخصة تم التعبير عنه بصور مختلفة غالباً في صورة مقالات صحفية وأمتد تأثيره إلى إعاقة تنفيذ عمليات الخصخصة، والتي استغلت بعض الأطراف والجهات هذا المناخ للتأثير على قرارات الحكومة، وسردت الدراسة المعنونة بـ«مستويات التطبيق لسياسات وإجراءات برنامج الخصخصة في الجمهورية اليمنية» المشاكل والصعوبات المتعلقة بالوحدات الاقتصادية المعرضة لعمليات الخصخصة في تعذر إعادة تأهيل وتشغيل الوحدات الاقتصادية المتعثرية أو المتوقفة، وعدم وجود سوق للأوراق المالية على اعتبار أنه عامل مهم وحيوي لإنجاح جهود الخصخصة، إلى ذلك كبر حجم المديونيات في بعض الوحدات الاقتصادية والتي معظمها غير مستوفية للمتطلبات القانونية من حيث حجم المديونية والضمانات المطلوبة،
إضافة إلى المشاكل المتعلقة بالعمالة والتي تعاني معظم الوحدات الاقتصادية من تضخم حجم العمالة فيها وانخفاض مستوى الأداء لها مما أدى إلى ظهور بطالة مقنعة، ومن خلال السير في تنفيذ عمليات خصخصة بعض الوحدات الاقتصادية فقد وصلت الوحدات الاقتصادية التي تم خصخصتها في المرحلة من «1999 وحتى نهاية عام 2008م» إلى «41» وحدة اقتصادية، إضافة إلى الوحدات الاقتصادية التي تم خصخصتها خلال الفترة من 19991 وحتى عام 1999م في قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والثقافة ومن قبل العديد من الجهات بلغت «60» وحدة اقتصادية،

وفي السياق ذاته انتقد تقرير لجنة التجارة والصناعة بمجلس النواب مؤخراً، اقتصادية ذات بعد استراتيجي واجتماعي، وبأسلوب يشوبه كثير من الغموض والاستعجال كصوامع الغلال بالحديدة وعدن التي كان يفترض بقاؤها بيد الدولة كونها تعمل بصورة جيدة وتمثل مخزناً للدولة لمواجهة أي طوارئ غير دورهما في استقرار أسعار السلع الأساسية. كما أشار تقرير لجنة التجارة والصناعة بمجلس النواب بشأن أوضاع الوحدات الاقتصادية والتي مازالت تحت اجراءات الخصخصة إلى غياب الشفافية أثناء اجراء عمليات الخصخصة لبعض الوحدات ومخالفة نصوص في قانون الخصخصة رقم «45» لسنة 1999م عدم اشراك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلا في المرحلة النهائية من عملية الخصخصة خلافاً للمادة «4/أ/3» من القانون، وأيضاً مخالفة المادة «5» المتعلقة بإحاطة اللجان المختصة بمجلس النواب بكافة عمليات الخصخصة وموافاتها بوثائق كل عملية خلال شهرين من تاريخ تنفيذ الخصخصة، سوى تعرض جزء من عمالة المنشآت المخصخصة للتسريح.

واستغربت لجنة التجارة عدم صدور اللائحة التنفيذية لقانون الخصخصة وفقاً للمادة «35» منه رغم مرور تسع سنوات على صدوره. وقالت اللجنة إنها لاحظت لدى زيارتها لوحدات مخصخصة عدم قيام الجهات المعنية باجراءات الخصخصة بتصفية التزامات الوحدات المخصخصة تجاه الغير. ونقلت اللجنة عن المكتب الفني للخصخصة أن «136» وحدة اقتصادية عولجت أوضاعها حتى نهاية العام الماضي سواءً بطرح الأسهم للإكتتاب أو إعادة الهيكلة أو البيع أو التصفية أو التأجير أو الإعادة إلى الملاك. وسرد التقرير أن الوحدات المعالجة أوضاعها من قبل وزارة الصناعة والتي وصلت إلى 12 وحدة، ومن المكتب الفني 9 وحدات، والمالية 12 وحدة، والزراعة 30 وحدة، و53 في قطاع السياحة، و15 في الثقافة، و5 وحدات عولجت أوضاعها من جهات حكومية أخرى، فيما خمس وحدات تجري معالجة أوضاعها وتنتظر 8 وحدات اقتصادية حكومية المعالجة من خلال إعادة الهيكلة، وكشف التقرير عن خصخصة 11 شركة ومؤسسة مازالت عليها التزامات و«9» أجرّت لمستثمرين باتفاقيات من مكتب مالية عدن، في حين مؤسسات الدواجن، والخضار والفواكه، والسينما والمسرح توقف نشاطها مع صدور قرار بتصفيتها دون معرفة مصير أصولها وأراضيها،
وفي ذات الصدد يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الميتمي أن من أهداف الخصخصة في اليمن رفع الضغوط عن الموازنة العامة للدولة وجذب مزيد من الاستثمارات إلى قنوات الاقتصادي اليمني ورفع معدل النمو الاقتصادي كما كان مخططاً لها، وبين الميتمي في دراسة واسعة حول ايجابيات وسلبيات الخصخصة أن الخصخصة وقعت في خنادق مؤلمة ربح فيها الفساد الجولات الرئيسية، وأن الخاسرين فيها هم العمال مع أسرهم والذين يعملون في منشآت القطاع العام، وأشار فيها إلى جوانب من الخسارة التي لحقت بالأيدي العاملة في مؤسسات القطاع العام بسبب الخصخصة، عدم استفادة الحكومة من الأيدي العاملة في المنشآت التي خصخصتها وبالمقابل عدم توفير فرص عمل جديدة للعمالة الفائضة وانقطاع الخدمات الاجتماعية التي كان يحصل عليها العامل في مؤسسات القطاع العام، إضافة إلى عدم وجود حل جذري للعمالة الفائضة.
وحسب الدراسة فإن عملية الخصخصة السابقة كان أثرها سلبياً من خلال تسريح الموظفين من دون ضوابط أو تعويضات فعليه وهو ماجعل الدولة أمام خيارات محدودة في تقديم تعويضات للعمال من ميزانية الدولة، ملفتاً إلى أن الدولة تحملت عبء عملية الخصخصة من موازنة الدولة بدلاً من قيام الخصخصة بتحرير الموازنة من الأعباء التي كانت ترزح تحتها كمحصلة للدعم الحكومي لمنشآت القطاع العام.وشددت الدراسة على ضرورة وجود ثلاث مراحل عند الخصخصة، الإعداد لنقل الملكية العامة إلى الخاصة، وتنفيذ برنامج ومشروع نقل لنقل الملكية، وثالثاً مراقبة وتطبيق اتفاقية نقل الملكية والقوانين المتعلقة بذلك.

 

مواضيع ذات صلة :