اقتصاد يمني نُشر

فضائح الفساد تلاحقة.. قطاع التمويل الإسلامي في مصر يخوض صراعاً شاقاً

يرجح محللون أن يبقى قطاع التمويل الإسلامي في مصر خلف الركب بعد أن عاني كثيراً تحت وطأة فضائح فساد لاحقت شركات توظيف الأموال الى جانب رغبة الحكومة في الحد من تأثير الاسلاميين قبل انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.

ومصر التي تعد مهد التمويل الاسلامي هي سادس أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان اذ يبلغ 80 مليونا. ومع هذا يشير تقرير أصدرته شركة مكينزي للاستشارات عام 2009 الى أن أنشطة التمويل الاسلامي لا تزيد عن ثلاثة الى أربعة في المئة من قطاعها المصرفي الذي يبلغ حجمه 193 مليار دولار.

وعلى سبيل المقارنة يبلغ حجم الاصول الاسلامية في دولة الامارات العربية المتحدة 46 في المئة من السوق في حين يبلغ في دولة مثل تركيا بهيكلها السياسي والاجتماعي الشديد العلمانية 42 في المئة من اجمالي الاصول المصرفية.

ويعزو أشرف محمد طلعت مدير التعاملات الاسلامية في وحدة الخزانة بالبنك الاهلي المصري هذا التفاوت الى عوامل سياسية.

يقول "يمكننا اللحاق بأسواق اقليمية أخرى في منطقة الخليج وماليزيا اذا توافرت الارادة السياسية للتمويل الاسلامي في مصر. يحتاج الخبراء الى الضوء الاخضر من الجانب السياسي."

لكن هذه الارادة السياسية وكذلك طلب المستهلكين يتسمان بالفتور قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 2011 .

وسيكون جذب المستهلكين أمرا صعبا لاسيما مع تجربة ملايين المصريين المريرة في منتصف الثمانينات مع عدد من شركات توظيف الاموال التي روجت لنفسها على أنها تجري استثمارات اسلامية بعائدات أعلى من أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك المحلية.

ويقول ابراهيم وردة الاستاذ المساعد في كلية فليتشر للدراسات الدبلوماسية بجامعة توفتس "الشركات المتورطة في الفضيحة لم تكن بنوكا اسلامية من الناحية الفنية لكن رفعها لشعارات اسلامية قاد لهذه النتيجة."

أهتمام شعبي ملتف بالشكوك

وأردف أن هناك اهتماما شعبيا بالتمويل الاسلامي غير انه يوجد قدر كبير من التشكك حتى بين المسلمين الملتزمين دينيا وهو وضع لم تفعل الحكومة الكثير حياله في خضم معركتها ضد تزايد التيار الاسلامي المحافظ.

وبعد تجربة شركات توظيف الاموال أصدر شيخ الازهر الراحل محمد سيد طنطاوي فتوى تجيز فوائد البنوك البسيطة ما لم تكن مبالغا فيها.

وقال وردة ان هذه الخطوة قللت فعليا الحاجة الى التمويل الاسلامي من خلال تحليل الخدمات المصرفية التقليدية لكن مع اقتراب الانتخابات تجد الحكومة نفسها في حيرة بشأن كيفية التعامل مع هذا القطاع.

وتابع "هناك مخاوف من ان تستغل جماعة الاخوان المسلمين وغيرها الترويج للتمويل الاسلامي لتحقيق مكاسب سياسية لكن هناك في الوقت نفسه من يرى ان بمقدور الحكومة ان تجتذب بعض الجماعات الاسلامية من خلال بذل المزيد لدعم التمويل الاسلامي. لكنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر."

وتمثل جماعة الاخوان المسلمين أكبر تحد للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في البرلمان حيث يهيمن أعضاؤها على خمس عدد مقاعد مجلس الشعب وهو أكثر كثيرا من مقاعد أي جماعة معارضة أخرى وان كان المحللون يتوقعون تقلص وجود الجماعة فيما تعمل الحكومة على تقويض مكانتها.

وفي عام 2007 خاض الاخوان المسلمون حملات لانتخابات محلية جرت العام التالي وتم فيها استبعاد خمسة الاف مرشح اخواني. وفي وقت سابق من الشهر الجاري لم ينجح أي من مرشحي الجماعة في انتخابات مجلس الشورى التي يعتبرها بعض المحللين مؤشرا ينم عن الصورة في انتخابات مجلس الشعب.

ويرى خبراء أنه من غير المرجح على الصعيد العملي أن يستثمر الاسلاميون في هياكل مالية رسمية خشية أن تصادر الحكومة أموالهم. ويقول كوريان توماس العضو المنتدب لوحدة الشرق الاوسط وأفريقيا لدى جريل للابحاث انه ليس هناك "دليل كاف" على استخدام هذه الاموال لتعزيز وضعهم السياسي.

ويضيف "في تقديري هناك تخوف سياسي كبير" قبل الانتخابات.

يظهر هذا في خطوات اتخذتها الحكومة على استحياء لتوسيع سوق الدخل الثابت عن طريق وضع قواعد لاصدار الصكوك.

مصر تنظم سوق الصكوك

وفي أبريل نيسان ذكر رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن مصر تعتزم اصدار أول قواعد لتنظيم سوق الصكوك في النصف الثاني من 2010 لكن تصريحاته اتسمت بالحذر بشأن افاق هذه السوق.

ويبرز أيضا العزوف عن دعم التمويل الاسلامي في قانون الضرائب.

يقول رينالد كلارمان الشريك في شركة ثروت عبد الشهيد للاستشارات القانونية بالقاهرة "ليست هناك جهود على الصعيد الحكومي لمعالجة أي عوائق ضريبية... يترتب على المعاملات (الاسلامية) ضرائب تجعلها غير قابلة للتطبيق من الناحية التجارية."

وأضاف أن التمويل الاسلامي يتضمن تعاملات اضافية مثل نقل سندات الملكية وهو ما يؤدي لفرض رسوم اضافية على المكاسب الرأسمالية لا تترتب على الصفقات التقليدية.

ضغوط سياسية

ورغم أن الاوضاع السياسية شكلت ضغوطا على السوق في السنوات الاخيرة لاتزال مؤسسات التمويل الاسلامي في دول قريبة ترغب في الاستفادة من افاق النمو الضخمة في مصر.

وقال توماس من جريل للابحاث انه اذا حظيت السوق بمساندة الحكومة فقد تحقق نموا بين 40 و50 في المئة في الثلاث الى الخمس سنوات الاولى مدفوعة ببنوك مقرها الخليج تمتلك المال والخبرة.

واشترت بنوك مثل أبوظبي الاسلامي ومجموعة البركة المصرفية البحرينية بالفعل حصصا كبيرة في بنوك مصرية. وعززت حصة بنك أبوظبي الاسلامي في البنك الوطني للتنمية خطط البنك المصري للتحول الى بنك للمعاملات الاسلامية بنهاية العام.

ومع ذلك يرى كلارمان أن غياب سوق ثانوية لمستثمري الاجل القصير تباع فيها منتجات اسلامية يمكن أن يثني عزم بعض المؤسسات عن الاستثمار.

وقال أنجوس بلير من بلتون فاينانشال في القاهرة ان الافتقار الى بنية تحتية يتجلى أيضا في القوة العاملة على نحو يلقي الضوء على نقص الاستشاريين الماليين المدربين القادرين على تقديم التمويل الاسلامي للمستهلكين "بكفاءة".

وقال مصرفي في بنك اسلامي مقره الخليج "هناك اهتمام بالتأكيد بين مؤسسات التمويل الاسلامي للتوسع أكثر في مصر لكن الى أن تتحرك الحكومة لتيسير الامر ونرى طلبا نشطا من جانب السكان فلن يكون لهذا النشاط أي جدوى."

 


 

مواضيع ذات صلة :