جدل وتحقيقات نُشر

المولدات الكهربائية، سلعة مزدهرة في سوق راكدة

انعكست ازمة الاقتصاد في اليمن، على التجارة بصورة عامة. غير أن سوق المولدات الكهربائية من الاستثناءات القليلة، التي لاقت ازدهاراً غير مسبوق. في شارع تعز، تتكدس المحلات التجارية، التي تبيع مولدات “مواطير”، وكثير منها كانت محلات تتاجر بسلع أخرى. لكن مع ازدياد الطلب تحول الكثير إلى بيع المولدات. وتبدو الصورة، محشورة في أركان المحلات، عندما يبدأ الليل، وتغرق صنعاء بالسواد مع انقطاعات الكهرباء، تنبعث أصوات المولدات بمختلف أشكالها وأنواعها، لتمنح ضجيجا صار مألوفاً. عندما تغرق المدينة بالظلام معظم ساعات اليوم، لتصل حتى 20 ساعة. فان المولدات تبدو الحل، خصوصاً مع وجود بضائع صينية، تكاد تكون أسعارها مناسبة.
أسعار مناسبة مقارنة مع المولدات اليابانية والاوروبية والامريكية. لكن ارتفاع الطلب ضاعف من أسعار تلك المولدات. قبل ثلاثة أشهر اشترى عيسى مولدا طاقته 2.5 كيلو وات، بحوالي 50 الف ريال، ومع استمرار الانقطاعات الكهربائية، واضطرار كثير من الناس شراء مولدات، لتبديد الظلام حولهم، ارتفع سعره لحوالي 80 الف ريال. يبقى شارع تعز، العنوان الأكثر شيوعاً لشراء “مواطير”. وبعد علامات تجارية كانت تمتاز بها شركات كبيرة، مثل هوندا، ياماها، يانمار، كاتر بلار، وغيرها من الشركات العالمية المصنعة للمولدات الكهربائية، ظهرت ماركات جديدة، تحمل صنع في الصين.
وتبدأ المولدات، التي تلبي احتياجات الناس، بحسب القدرات الشرائية، من نصف كيلو حتى خمسة كيلو وات. مؤخراً اخبرني أحد جيراني، انه راغب في شراء “ماطور نصف كيلو، وقد يستدين من اجل ذلك. وكما قد تكون العادة مع بداية شهر رمضان، فإن كثيرا من السلع تزدهر، بسبب الحاجة، خصوصاً سوق الملابس. كانت العشر الأيام الأولى لرمضان، تبدو محلات الملابس، خاوية مقارنة بمحلات بيع المولدات. تتكون كثير من الدوائر البشرية، عند زاوية المحلات، حيث يقوم صاحب المحل، بتجريب مولد، لزبون كان قد اشتراه للتو. وقد يكون ماطورا بطاقة نصف كيلو كافياً لكثير من الأسر، باعتباره كافياً لتشغيل تلفاز وكم لمبة، واحياناً يتم تشغيله لمدة دقيقة، من أجل خلط بعض محضرات الطعام.
وفي الفترة التي انعدم فيها البنزين، تم تحويل كثير من المولدات، للغاز. بالنسبة لكثير من العائلات، كان شراء ماطور واحد من الأولويات، خصوصاً في رمضان. بحد ذاته يعتبر ذلك عبئا، تحمّله كثيرون، رغم دخولهم المحدودة. كانت سارة طاردت عناوين المسلسلات الرمضانية، وقسمت الاوقات التي يمكن خلالها متابعة عدد وافر من المسلسلات. فمع انتهاء أعمال المطبخ، هناك الكثير من الوقت، يمكن تبديده امام الشاشة الصغيرة. لكن بدد انقطاع الكهرباء كل آمالها. يبدو رمضان هذا العام غير الأعوام الأخرى. ففي الوقت الذي تنبعث فيه عادات ليلية، بحاجة لكثير من الأضواء. من منا لا يعرف “فوانيس رمضان” كعادة مصرية، منذ القرن الحادي عشر الميلادي. ورغم انها لا تمت بصلة لليمنيين، فقد فرضت الاحتياجات مع انقطاع الكهرباء، شراء فوانيس صينية بالتأكيد لا تشبه تلك التي يستخدمها المصريون، من أجل انارة الظلمات، بفتائل ضوء باهتة، لكنها بالتأكيد افضل من الشموع، وأقل تكلفة. لقد ارتفعت اسعار الشموع ضعفين. وحتى أسعار الفوانيس.
مع عودة الكهرباء لحالتها الطبيعية، لا تعود اسعار المولدات لوضعها الطبيعي. فالأزمة متوقع عودتها بأي وقت. مع ذلك، تتراجع كثير من المحلات عن الأسعار التي صارت اعتيادية. تبدو المواطير الصينية، السلعة الأكثر زخماً هذه الأيام. وهي بالتأكيد ستستمر، باسعارها التي تبدو مناسبة إلى حد كبير، كواحدة من الحلول المناسبة. على الأقل كانت سارة سيمكنها متابعة مسلسلات رمضان. كان حظها العاثر، أن رب الأسرة، لم يتمكن من شراء مولد، أو أنه وجده شيئا فوق ظروفه.

 

مواضيع ذات صلة :